الصحافة الإيرانية: من غزة إلى أوكرانيا.. أين يقف النووي الإيراني في معترك المعادلة العالمية؟

رغم حديث ويتكوف عن ثلاثية السياسة الخارجية لترامب المتمثلة في غزة وأوكرانيا وإيران، تظهر توازنات القوى الحالية في كل جبهة أن النجاح في واحدة منها لا يضمن التقدم في الأخرى.

ميدل ايست نيوز: كشف ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص والمفاوض الرئيسي لدونالد ترامب في الشرق الأوسط وأوروبا، في تصريحات له أمام نظرائه الأجانب أن ثلاثة أهداف رئيسية ستشكل محور سياسة ترامب الخارجية في ولايته الرئاسية الثانية، وهي: «إنهاء حرب غزة»، و«وقف النزاع بين روسيا وأوكرانيا»، و«التوصل إلى اتفاق نووي جديد مع إيران». وتأتي هذه التصريحات في وقت نجح فيه ترامب، عبر وساطة مباشرة، في تنفيذ خطة هدنة مؤقتة بين إسرائيل وحركة حماس، وإتمام تبادل الأسرى، وهو ما وصفه البيت الأبيض بـ«الانتصار الدبلوماسي».

وقالت صحيفة شرق في تقرير لها إن خبراء أمريكيين وإقليميين يرون أن هذا الإنجاز لا يزال «هشاً»، إذ لم يتم بعد حسم مسألة نزع سلاح حماس ومستقبل الوضع السياسي في قطاع غزة. ويصر بعض أعضاء إدارة ترامب على نقل إدارة غزة إلى مجلس عربي مؤقت، بينما تشدد إسرائيل على السيطرة الأمنية الكاملة. ولهذا السبب، ما يُطرح على أنه «نهاية حرب غزة» يمثل في الواقع بداية مرحلة جديدة من الصراعات السياسية والأمنية في المنطقة. ويعتقد المحللون أن ترامب سيكون مضطراً للحفاظ على هذا الإنجاز من خلال خوض مفاوضات أكثر تعقيداً مع الشركاء العرب وإسرائيل، وهو مسار يمكن لأي تعثر فيه أن يقوض الهدنة الهشة القائمة.

الملف النووي الإيراني في ظل الحروب: معادلة أكثر تعقيداً من غزة

رغم سعي ترامب وفريقه لتقديم الملف النووي الإيراني كأحد أولويات سياسته الخارجية الثلاث، إلا أن الحقائق الميدانية والدبلوماسية تظهر أن حل هذا الملف أكثر صعوبة من أزمتي غزة وأوكرانيا. فبعد الحرب التي استمرت 12 يوماً مؤخراً، وعودة بعض قرارات مجلس الأمن ضد طهران، أصبح مناخ المفاوضات النووية معقداً وغامضاً متعدد الطبقات.

وفي حين تُعد حماس جهة غير حكومية يمكن إدارة تحركاتها على مستوى الجماعة والمنطقة، تُعد إيران دولة ذات سيادة ومكانة مؤسَّسة في النظام الدولي. ومن ثم، فإن مقاربة الولايات المتحدة لإعادة صياغة اتفاق جديد مع طهران تتطلب فهماً معقداً لتوازن القوى والمصالح المتبادلة.

ويعتقد خبراء مقربون من فريق ترامب أن الأخير يسعى، في حال العودة إلى طاولة المفاوضات مع إيران، إلى اتفاق «قصير المدى، مرحلي ومحدود»، يتيح بموجبه وقف بعض الأنشطة النووية الحساسة مقابل تحرير جزء من أصول إيران المجمدة. ومع ذلك، فإن انعدام الثقة العميق بين الطرفين، ودور القوى الثالثة مثل روسيا والصين، يجعل أي حوار جاد صعب التحقيق.

من جانبه، لا تميل طهران، بعد تجربة انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في 2018، والقصف على المنشآت النووية وعودة العقوبات، إلى الدخول في أي التزامات جديدة دون ضمانات واضحة من واشنطن. وفي هذا السياق، يبدو الحديث عن «اتفاق نووي جديد» أكثر كأداة رمزية لعرض التوازن الدبلوماسي أمام الحروب المتزامنة في الشرق الأوسط وأوكرانيا، أكثر من كونه واقعاً ميدانيّاً.

تأجيل متعمد في الملف الإيراني

بينما يسعى ترامب لاستغلال «موجة نجاحه» في الشرق الأوسط لدفع عجلة السلام في أوروبا، لا يزال النزاع الأوكراني متوقفاً في طريق مسدود. الرئيس الأوكراني زيلينسكي، المقرر أن يلتقي ترامب، يبحث عن ضمانات عسكرية جديدة تشمل صواريخ توماهوك وأنظمة دفاع جوي متقدمة، في حين ترفض روسيا رغم الضغوط الاقتصادية والتداعيات الميدانية قبول الهدنة.

ويشير المحللون إلى أن موسكو لن تكون راغبة في تسوية الملفات مثل البرنامج النووي الإيراني طالما استمر النزاع في أوكرانيا. وتسعى روسيا عمداً لإبقاء هذه الملفات مفتوحة لتوزيع الاهتمام السياسي والأمني للغرب بين عدة أزمات، مستفيدة من الملف الإيراني كـ«رافعة توازن» في المفاوضات غير المباشرة مع واشنطن. وكلما طال أمد الحرب في أوكرانيا، تقل إمكانية التوافق الغربي حول إيران.

وعليه، فإن الهدف الثالث لترامب، أي التوصل إلى اتفاق مع إيران، يظل عملياً في حالة تعليق. فطالما لم تستقر علاقات واشنطن وموسكو نسبياً، ولم تنته الحرب في أوكرانيا، فإن أي محاولة لإحياء اتفاق نووي جديد ستكون بعيدة المنال وذات تكلفة جيوسياسية عالية.

ورغم حديث ويتكوف عن ثلاثية السياسة الخارجية لترامب المتمثلة في غزة وأوكرانيا وإيران، تظهر توازنات القوى الحالية في كل جبهة أن النجاح في واحدة منها لا يضمن التقدم في الأخرى. فالانتصار في غزة هش، والسلام في أوكرانيا بعيد، والملف النووي الإيراني في ظل المنافسات العالمية غارق في غموض استراتيجي. في الواقع، ترتبط هذه الملفات الثلاثة ببعضها كسلسلة مترابطة، وإذا انهارت إحدى حلقاتها، فإن كامل مخطط السياسة الخارجية لترامب سيكون مهدداً بالفشل.

اقرأ المزيد

الصحافة الإيرانية: لماذا وصلت المفاوضات النووية إلى طريق مسدود؟

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

19 − ستة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى