تقرير رسمي: إيران تتخلف عن دول المنطقة في مشاريع توليد الكهرباء

بينما تعمل دول المنطقة مثل تركيا وقطر والإمارات على تنفيذ مشروعات كبرى في مجالي الطاقة التقليدية والمتجددة لزيادة قدراتها الإنتاجية، تواجه إيران تباطؤاً حاداً في نمو قطاع الكهرباء.

ميدل ايست نيوز: بينما تعمل دول المنطقة مثل تركيا وقطر والإمارات على تنفيذ مشروعات كبرى في مجالي الطاقة التقليدية والمتجددة لزيادة قدراتها الإنتاجية، تواجه إيران تباطؤاً حاداً في نمو قطاع الكهرباء، إذ لم يتجاوز معدل زيادة القدرة الإنتاجية خلال العقد الماضي 1.5%، ما جعل البلاد تتخلف عن برامجها التنموية.

وقالت وكالة تسنيم للأنباء، إن آرش نجفي، رئيس لجنة الطاقة في غرفة تجارة إيران، قدّم خلال اجتماع الهيئة العامة الأخيرة للغرفة، تقريراً حول أوضاع صناعة الكهرباء في البلاد، مستنداً إلى بيانات رسمية صادرة عن مركز الدراسات التابع للبرلمان الإيراني ومجلة “بورس” الاقتصادية الشهرية، موضحاً أن صناعة الكهرباء الإيرانية تقف على أعتاب أزمة هيكلية ناجمة عن تأخر في زيادة القدرة الإنتاجية وانهيار غير مسبوق في حجم الاستثمارات بمجالات التوليد والنقل والتوزيع.

فجوة بين القدرة الإنتاجية والأهداف التنموية تصل إلى 25 ألف ميغاواط

وفقاً لبيانات مركز دراسات البرلمان، ارتفعت القدرة القصوى لتوليد الكهرباء في أوقات الذروة من نحو 54 ألف ميغاواط في عام 2016 إلى نحو 62 ألف ميغاواط في عام 2024.

ومع أن الخطة السابعة للتنمية تستهدف رفع القدرة الإنتاجية إلى أكثر من 87 ألف ميغاواط بحلول عام 2028، فإن الفارق الحالي بين الإنتاج الفعلي والهدف المقرر يتجاوز 25 ألف ميغاواط.

ويحذر خبراء مركز الدراسات من أنه في حال استمرار الوضع الحالي وعدم تنفيذ الاستثمارات المطلوبة، ستواجه إيران خلال السنوات المقبلة فجوة كبيرة بين العرض والطلب على الكهرباء، ما قد يؤدي إلى قيود جديدة على الصناعات الكبرى مثل الصلب والإسمنت والبتروكيماويات.

تراجع تاريخي في الاستثمارات بقطاع الكهرباء

يُظهر تقرير مجلة “بورس” تطور حجم الاستثمارات السنوية في قطاع الكهرباء الإيراني خلال الفترة من 2002 إلى 2022، إذ بلغ إجمالي الاستثمارات (في قطاعات التوليد والنقل والتوزيع) ذروته في عام 2008 بنحو 6.5 مليارات دولار، لكنه تراجع تدريجياً خلال العقد الأخير ليصل في أواخر العقد 2010 وبداية العقد 2020 إلى أقل من 1.5 مليار دولار سنوياً.

ويعزو الخبراء هذا الانخفاض الحاد إلى العجز المالي الذي تعانيه شركات الكهرباء الإيرانية والتعرفة غير الاقتصادية للطاقة وديون وزارة الطاقة الثقيلة، إضافة إلى ضعف جاذبية الاستثمار الخاص في هذا القطاع. وتشير البيانات إلى أن حصة قطاع الإنتاج من إجمالي الاستثمارات في صناعة الكهرباء انخفضت من 3.4 مليارات دولار عام 2008 إلى أقل من 800 مليون دولار في عام 2022.

انعكاسات انخفاض الاستثمار: أزمة كهرباء وتهديد للنمو الصناعي

يؤكد المختصون أن تراجع الاستثمارات في مجالي إنتاج ونقل الكهرباء لم يعرقل فقط إنشاء محطات جديدة، بل أثر أيضاً على كفاءة المحطات القائمة بسبب تقادم المعدات ونقص الموارد المالية اللازمة للصيانة.

ونتيجة لذلك، ارتفع استهلاك الكهرباء المنزلي والصناعي من دون زيادة موازية في القدرة الإنتاجية، ما أدى إلى تسجيل أرقام قياسية جديدة في ذروة الاستهلاك كل صيف، بينما بقيت الطاقة الإنتاجية شبه ثابتة.

وتُظهر التقديرات الرسمية أن نقصاً يبلغ نحو 10 آلاف ميغاواط من الكهرباء خلال فصل الصيف تسبب في توقف أو خفض إنتاج الصناعات الكبرى، مثل الصلب والألومنيوم والإسمنت، الأمر الذي كبّد الاقتصاد الإيراني خسائر مباشرة تقدر بمليارات الدولارات سنوياً.

تحذير من «فجوة استثمارية» تهدد استقرار الطاقة

أكد مركز الدراسات التابع للبرلمان الإيراني في تحليله أن إيران بحاجة إلى زيادة سنوية قدرها نحو 5 آلاف ميغاواط في القدرة الإنتاجية من أجل تنفيذ أهداف الخطة السابعة للتنمية، لكن حجم الاستثمار الفعلي حالياً لا يتجاوز ثلث هذا المعدل. ويحذر المركز من أن استمرار هذا الاتجاه سيجعل ضمان إمدادات كهرباء مستقرة في المستقبل القريب أمراً بالغ الصعوبة.

واقترح المركز مجموعة حلول عاجلة، أبرزها تعديل تعرفة بيع الكهرباء للصناعات الكبرى، وسداد الحكومة لمديونياتها تجاه المقاولين، وتفعيل سوق رأس المال لجذب الاستثمارات الخاصة إلى القطاع.

آفاق ضبابية: صناعة الكهرباء الإيرانية بين أزمة مالية وإدارية

وفي الوقت الذي تواصل فيه دول المنطقة تعزيز بنيتها التحتية للطاقة عبر مشروعات ضخمة تقليدية ومتجددة، تبقى إيران متأخرة عن ركب التطوير بسبب النمو المحدود في قدراتها الإنتاجية، الذي لم يتجاوز 1.5% خلال العقد الأخير.

ويحذر الخبراء من أنه في حال عدم اتخاذ إجراءات فورية، فإن صناعة الكهرباء الإيرانية قد تواجه خلال السنوات الخمس المقبلة أزمة مزمنة في موازنة العرض والطلب، وهي أزمة من شأنها أن تؤثر بشكل مباشر على النمو الاقتصادي وأمن الطاقة والصادرات الصناعية في البلاد.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

19 − 2 =

زر الذهاب إلى الأعلى