إيران تواجه أزمة كبيرة في الوقود بعد انخفاض الضغط في حقل بارس الجنوبي

مع تقديرات استهلاك البنزين اليومي في إيران بين 130 و140 مليون لتر، والإنتاج المحلي أقل من هذا المستوى، فإن أي انخفاض طفيف في الإنتاج قد يؤدي إلى نقص ملموس وضغط على الإمداد.

ميدل ايست نيوز: في خضم البيانات والإحصاءات الغامضة لصناعة الطاقة الإيرانية، يبرز تحذير فني واقتصادي يستحق الانتباه وهو انخفاض ضغط مخزونات حقل غاز بارس الجنوبي، الذي يوفّر نحو 70٪ من مزيج الطاقة في إيران، وقد يؤدي إلى تراجع إنتاج الغاز والمكثفات الغازية، وتقليص كميات التغذية لمصفاة البنزين “نجم الخلیج الفارسي” في بندر عباس، وبالتالي تفاقم نقص هذا الوقود الاستراتيجي.

وقالت صحيفة دنياي اقتصاد، إن هذه الحقيقة تكتسب أهمية خاصة في ظل استمرار ارتفاع استهلاك البنزين في إيران خلال السنوات الأخيرة، وحتى مع وجود مصفاة متقدمة مثل “نجم الخلیج الفارسي” في محافظة هرمزكان، فإن الاعتماد على واردات البنزين يزداد يومًا بعد يوم. يُعد حقل غاز بارس الجنوبي المشترك بين إيران وقطر أكبر حقل غازي في العالم، وتحتل إيران فيه حصة كبيرة من إنتاج الغاز الوطني.

وفقًا للإحصاءات، بلغ إجمالي إنتاج الغاز في إيران عام 2023 نحو 266 مليار متر مكعب، تم تخصيص الجزء الأكبر منه لتلبية الاحتياجات المحلية. وأكدت شركة “نفط وغاز بارس”، المسؤولة عن تشغيل الحقل، أن بارس الجنوبي يوفر أكثر من 70٪ من إنتاج الغاز الإيراني. ومع ذلك، تشير الدراسات والتقارير إلى أنه إذا لم يتم ضخ ضغط تعويضي (pressure-boost) للمخزن، فقد ينخفض إنتاج الحقل خلال العقد القادم بنسبة تصل إلى 30٪، ما يعني انخفاض القدرة الإنتاجية الحالية من 750 مليون متر مكعب يوميًا إلى 500 مليون متر مكعب فقط.

هذا الانخفاض لن يقلل من إنتاج الغاز فقط، بل سيؤثر أيضًا على إنتاج المكثفات الغازية وتغذية مصفاة البنزين “نجم الخلیج الفارسي”، ما قد يفاقم أزمة توفير البنزين في البلاد ويجبر إيران على زيادة وارداته. استجابةً لهذا التحدي، وقّعت شركة النفط الوطنية الإيرانية العام الماضي عقودًا بقيمة 17 مليار دولار مع شركات محلية لتعزيز ضغط المخزن.

أهمية رفع الضغط

لماذا يعتبر موضوع “رفع الضغط” بهذا القدر من الأهمية؟ الجواب يكمن في آلية اكتشاف وإنتاج الغاز والمكثفات الغازية: عندما ينخفض ضغط المخزن، يتراجع إنتاج الغاز الجاف والمكثفات، خاصة النفطا ومركبات أخرى، هذه المكثفات تشكل جزءًا من تغذية مصافي البنزين. وبالتالي، إذا لم يتم توفير الضغط المناسب، ستنخفض كميات التغذية للمصافي ويتأثر إنتاج البنزين المحلي.

تعد مصفاة “نجم الخلیج الفارسي” في بندر عباس مركزًا رئيسيًا لإنتاج البنزين في إيران، ويأتي الجزء الأكبر من محروقاتها (النفطا) من مكثفات حقل بارس الجنوبي. ووفق تقرير نشرته صحيفة “فايننشال تريبيون” عام 2023، تنتج هذه المصفاة نحو 45٪ من إجمالي البنزين في البلاد وتلعب دورًا محوريًا في تأمين الوقود المحلي.

في عام 2025، أعلنت شركة التوزيع والتكرير أن القدرة الإنتاجية اليومية للبنزين في هذه المصفاة بلغت 45 مليون لتر. وتشير التقارير إلى أن المصافي الإيرانية عملت على تعزيز قدراتها لمواكبة زيادة استهلاك البنزين، فخلال النصف الثاني من العام الماضي، أضيف نحو 8 ملايين لتر يوميًا إلى الإنتاج الوطني. ومع ذلك، إذا انخفض إنتاج المكثفات، فقد لا تتمكن مصفاة “نجم الخلیج الفارسي” من تشغيل كامل طاقتها الإنتاجية أو ستضطر إلى استيراد تغذية من مصادر أخرى غالبًا ما تكون أكثر تكلفة أو أقل جودة.

مع تقديرات استهلاك البنزين اليومي في إيران بين 130 و140 مليون لتر، والإنتاج المحلي أقل من هذا المستوى، فإن أي انخفاض طفيف في الإنتاج قد يؤدي إلى نقص ملموس وضغط على الإمداد. ونتيجة لذلك، ستضطر إيران إما إلى زيادة واردات البنزين أو مواجهة نقص وتراجع جودة الوقود، وكلا السيناريوهين يرفعان تكاليف العملة الأجنبية ويزيدان معدلات التضخم. علاوة على ذلك، يبلغ متوسط استهلاك البنزين اليومي للفرد في إيران نحو أربعة لترات، وهو أعلى من المتوسط العالمي، ما يجعل الوضع الاستهلاكي أكثر هشاشة، ويزيد من خطورة الاعتماد على الإنتاج المحلي والموارد المحدودة للطاقة إذا لم يتم التحكم فيه.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

سبعة عشر − 10 =

زر الذهاب إلى الأعلى