ربط شبكات الكهرباء بين إيران وروسيا وباكو: فرصة لطهران أم تهديد؟
أكدت السلطات في إيران وروسيا وأذربيجان على ضرورة توسيع التعاون في مجال الطاقة وإنشاء الممر الكهربائي الشمال–الجنوب عبر ربط الشبكات الكهربائية الوطنية للثلاث دول.

ميدل ايست نيوز: أكدت السلطات في إيران وروسيا وأذربيجان يوم 13 أكتوبر 2025، خلال اجتماع ثلاثي في باكو، على ضرورة توسيع التعاون في مجال الطاقة وإنشاء الممر الكهربائي الشمال–الجنوب عبر ربط الشبكات الكهربائية الوطنية للثلاث دول.
وشارك في هذا الاجتماع فرزانه صادق مالواجرد، وزيرة الطرق والبناء في إيران، وشاهين مصطفى اوف، نائب رئيس وزراء أذربيجان، وأليكسي أورشوك، نائب رئيس وزراء روسيا، حيث كانت قطاعات النقل والطاقة والجمارك من أبرز محاور النقاش.
وأشارت وزيرة الطرق والبناء الإيرانية خلال الاجتماع إلى أهمية قطاع الطاقة، قائلة: «يشكل قطاع الطاقة أحد المجالات الاستراتيجية للتعاون بين الدول الثلاث. يجب أن نوسع ممر الشمال–الجنوب ليشمل محور الطاقة، وإنشاء ما يمكن تسميته بـ(ممر الطاقة)».
وفي هذا السياق، يطرح السؤال حول تأثير ربط الشبكات الكهربائية الثلاث على إيران، وما إذا كان هذا الربط قادرًا على تعويض جزء من عجز الكهرباء في البلاد، وإعادة تعريف مكانة إيران في نظام الطاقة الإقليمي.
وقال عبد الله باباخاني، خبير الطاقة، في حديث لمواقع اقتصاد 24، إن تقييم فائدة المشروع في الحد من العجز يتطلب النظر إلى واقع الشبكة المحلية، حيث تُقدّر خسائر شبكة الكهرباء الإيرانية وفقًا للتقديرات الداخلية بحوالي 13 في المئة، أي أن كل 100 كيلوواط ساعة منتجة تفقد منها 13 وحدة خلال النقل والتوزيع. وهذا يعني أن زيادة واردات الكهرباء من روسيا أو القوقاز لن تحقق استفادة كاملة ما لم يتم إصلاح الشبكة الداخلية المتقادمة.
وأضاف باباخاني أن السؤال الثاني يتعلق بسعة التبادل الكهربائي، موضحًا أن الخطط الحالية تتوقع تبادلًا أوليًا للكهرباء عبر أذربيجان يتراوح بين 300 و400 ميغاواط، بينما قد يسمح محور أرمينيا–جورجيا، إذا اكتمل، بتبادل يصل إلى نحو 1200 ميغاواط. ومع ذلك، فإن هذه الأرقام تبقى محدودة مقارنة بعجز الكهرباء الصيفي في إيران، الذي يصل في بعض السنوات إلى 24 ألف ميغاواط.
وأشار الخبير الإيراني إلى التحديات الاقتصادية، موضحًا أن مرور الكهرباء عبر أراضي أذربيجان أو أرمينيا أو جورجيا يستلزم دفع رسوم عبور (Wheeling Charge)، وأن تكلفة محولات التيار المستمر (DC) العالية قد ترفع أسعار الكهرباء المستوردة. وأضاف أنه يجب الانتباه أيضًا إلى المخاطر المترتبة على اعتماد إيران على الغاز والكهرباء والبنزين الروسي.
وأكد باباخاني أنه من منظور بعض الأطراف التي ترى في الربط مع روسيا مخرجًا لأزمة الطاقة الإيرانية، فإن المشروع المتعدد المحاور، عبر مسارين من أذربيجان وأرمينيا–جورجيا، يمكن أن يحوّل إيران إلى جسر بين الشرق الأوسط وأوراسيا، مما يمنحها موقعًا جيوسياسيًا جذابًا وقدرة على استخدام الكهرباء كأداة نفوذ ناعمة.
ومع ذلك، توجد معوقات محددة تحد من أهمية ممر الشمال–الجنوب، أولها مشروع ممر الطاقة عبر البحر الأسود بين جورجيا ورومانيا بدعم من الاتحاد الأوروبي، المزمع تشغيله قبل نهاية العقد الحالي، والذي سيوجه جزءًا كبيرًا من فائض الكهرباء الإقليمي بعيدًا عن إيران. وثانيها ربط الشبكة الكهربائية العراقية بشبكة دول مجلس التعاون (GCCIA)، حيث ينقل المشروع في مرحلته الأولى نحو 600 ميغاواط من الكويت إلى البصرة، ما يقلل اعتماد العراق التاريخي على واردات الكهرباء من إيران.
وفي هذا السياق، إذا اعتمدت إيران على مسار واحد فقط، مثل محور أذربيجان، فإن المخاطر الجيوسياسية والاعتماد على روسيا ستزداد، كما ستصبح البلاد أكثر عرضة للتقلبات السياسية. فالمسار عبر أذربيجان أقصر تقنيًا لكنه أكثر خطورة سياسيًا بسبب التوترات الحدودية في جنوب القوقاز، بينما محور أرمينيا–جورجيا يوفر استقرارًا أكبر ويعمل كمعادل محتمل بفضل الاستثمار في محطات DC وإشراف متعدد الأطراف.
ومن الناحية الاقتصادية، سيكون الكسب من هذا الممر ممكنًا فقط إذا تمكنت إيران من تولي عبور الكهرباء لدول ثالثة. أما الاعتماد على الاستيراد أو التصدير الموسمي فليس كافيًا لتأسيس موقع جيوسياسي مستدام، إذ سيتحول المسار المحدود إلى مجرد خط كهرباء روسي–إيراني.