الصحافة الإيرانية: ماذا يخفي تعيين مارك سافايا ممثلاً خاصاً للولايات المتحدة في العراق؟

أشار نائب سابق في البرلمان الإيراني إلى أن تعيين مارك سافايا ممثلاً خاصاً للرئيس الأمريكي في العراق بدلاً من تعيين سفير، يعكس تركيز البيت الأبيض على الشأن العراقي.

ميدل ايست نيوز: وصل مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي إلى طهران في زيارة مُجدولة مسبقاً، يتوقع أن تتركز محادثاتها على تعزيز التعاون الأمني بين البلدين. وكان الأعرجي قد أكد في وقت سابق، خلال لقائه في بغداد في 29 سبتمبر 2025 مع مجيد مير أحمدي، رئيس جهاز استخبارات القوات المسلحة الإيرانية، التزام الحكومة العراقية بحماية سيادة أراضيها ومنع أي استخدام لأراضي العراق ضد الدول المجاورة. وتأتي هذه الزيارة في وقت تزداد فيه أهمية التنسيق الأمني بين بغداد وطهران في ظل التطورات المتسارعة في الشرق الأوسط.

وفي سياق متصل، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الأحد عن تعيين مارك سافايا، رجل الأعمال من ولاية ميشيغان ومالك سلسلة متاجر القنب المعروفة باسم “ليف آند باد”، ممثلاً خاصاً للولايات المتحدة في العراق. وقال ترامب في بيان رسمي إن معرفة سافايا العميقة بعلاقات بغداد وواشنطن واتصالاته الإقليمية ستسهم في تعزيز مصالح الشعب الأمريكي. ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة “إندبندنت”، فإن هذا التعيين يأتي ضمن سلسلة من المناصب التي يمنحها ترامب لمقربين من حملته الانتخابية لعام 2024.

يعد مارك سافايا، الذي لا يمتلك أي خبرة رسمية في مجالي السياسة أو العمل الحكومي، من أبرز رجال الأعمال في ديترويت ومن الداعمين الإعلاميين البارزين لحملة ترامب. وقد أعرب عبر حسابه في “إنستغرام” عن شكره للرئيس الأمريكي، مؤكداً أن مهمته ستكون تقوية العلاقات بين واشنطن وبغداد تحت قيادة ترامب. وكان سافايا قد لعب سابقاً دوراً مؤثراً في استقطاب جزء من الجالية المسلمة في ميشيغان لدعم حملة ترامب الانتخابية.

وأثار هذا التعيين جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والإعلامية الأمريكية، إذ إن ترامب كان يعلن دوماً معارضته لاستخدام المخدرات، في حين أن سافايا جمع ثروته من صناعة الماريجوانا. ويرى مراقبون أن هذه الخطوة تؤكد استمرار نهج ترامب القائم على تفضيل الولاء السياسي على الخبرة الدبلوماسية. ومع ذلك، تشير شبكة “فوكس نيوز” إلى أن تعيينات مشابهة في إدارة ترامب السابقة، خاصة في الشرق الأوسط، ساهمت في تعزيز النفوذ الأمريكي في المنطقة.

الباب الخلفي للسفارة سيكون مزدحما.. ما علاقة «سافايا» بالكرادة وتسوركوف وحزب الله؟

ومن بين هذه الحالات، لعب توم باراك دوراً بارزاً كمبعوث خاص إلى سوريا خلال المرحلة الانتقالية بعد الإطاحة ببشار الأسد، كما شارك ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر بفعالية في مفاوضات السلام بين إسرائيل وحماس. وفي ظل انتظار بغداد وواشنطن لتعيين سفير أمريكي جديد في العراق، يُنظر إلى تعيين مارك سافايا، وهو رجل أعمال من أصول عراقية ومقرب من ترامب، كمؤشر سياسي واضح يعكس نية البيت الأبيض في إعادة رسم خريطة النفوذ في العراق.

ويُعتقد أن اختيار شخصية ذات جذور عراقية وشبكة مصالح اقتصادية في الولايات المتحدة، يأتي ضمن استراتيجية واشنطن للتأثير في مجريات السياسة العراقية، خصوصاً مع اقتراب الانتخابات البرلمانية. ويرى محللون أن مهمة سافايا الأساسية ستكون الضغط على الحكومة العراقية لإعادة هيكلة دور قوات الحشد الشعبي والفصائل الموالية لطهران، في إطار مسعى لتقليص نفوذ إيران في مؤسسات الدولة العراقية وإعادة بغداد إلى دائرة النفوذ الأمريكي في المنطقة.

وفي هذا الإطار، قال الخبير في شؤون الشرق الأوسط جلال ساداتيان إن واشنطن تمارس ضغوطاً سياسية متزايدة على بغداد قبيل الانتخابات البرلمانية، في محاولة لتقييد علاقات العراق مع إيران من خلال مزيج من العقوبات والضغط الدبلوماسي والتأثير السياسي. وأضاف أن هذه التحركات تهدف إلى حسم مصير فصائل “محور المقاومة” في العراق وإعادة صياغة العلاقات الاستراتيجية بين بغداد وطهران، ما قد ينعكس على التوازن الأمني في المنطقة بأسرها.

وأوضح ساداتيان، في حديث لصحيفة شرق، أنه مع بقاء ثلاثة أسابيع فقط على الانتخابات في العراق، تسعى إدارة ترامب إلى استباق أي تغييرات محتملة في ميزان القوى داخل بغداد عبر إعادة توجيه المسار السياسي والأمني لصالحها. واعتبر أن واشنطن تعمل على تقليص التواصل الاقتصادي والسياسي بين إيران والعراق كجزء من استراتيجية بعيدة المدى لاحتواء النفوذ الإيراني في غرب آسيا.

وأشار النائب السابق في البرلمان الإيراني إلى أن تعيين سافايا ممثلاً خاصاً للرئيس الأمريكي في العراق بدلاً من تعيين سفير، يعكس تركيز البيت الأبيض على الشأن العراقي. وختم ساداتيان تحليله بالقول إن العراق يجد نفسه اليوم في موقع حساس بين قوتين متنافستين، إذ تسعى واشنطن إلى الحد من نفوذ إيران باستخدام أوراق الضغط الانتخابية والسياسية، فيما تحاول طهران الحفاظ على نفوذها الاستراتيجي في بغداد مستندة إلى روابط تاريخية ودينية واقتصادية عميقة. ويرى أن نتائج هذا الصراع الدبلوماسي ستحدد مستقبل العلاقات الإيرانية العراقية، وستبقي العراق محوراً أساسياً في التنافس الجيوسياسي في الشرق الأوسط.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

13 − عشرة =

زر الذهاب إلى الأعلى