أزمة معقدة…إلى أي مدى انخفضت الموارد المائية في إيران؟
تظهر مختلف المؤشرات أن إيران تواجه تحدياً معقداً في إدارة مواردها المائية، حيث تعود جذور الأزمة إلى قلة الأمطار وارتفاع التبخر وانخفاض كفاءة الاستهلاك والتغيرات المناخية.

ميدل ايست نيوز: تشير الإحصاءات إلى أن الموارد المائية المتجددة في إيران هذا العام انخفضت بنسبة تزيد عن 30٪، فيما شهدت الأمطار تراجعاً بنسبة 42٪.
وقالت موقع آوش في تقرير له، إن العام المائي الماضي شهد انخفاضاً غير مسبوق في كميات الأمطار وارتفاعاً شديداً في درجات الحرارة، ما أدى إلى أن تصل الموارد المائية المتجددة في إيران إلى أدنى مستوياتها خلال القرن الماضي. وتشير البيانات إلى أن حجم المياه المتجددة بالكاد وصل إلى 70-80 مليار متر مكعب، في حين تواجه أكثر من 50 مدينة خطر حدوث أزمة مياه حادة.
وخلال العام المائي الماضي، سجلت إيران واحدة من أكثر سنواتها جفافاً وانخفاضاً في الأمطار؛ إذ بلغ متوسط هطول الأمطار في البلاد، الذي عادة ما يتراوح بين 247 و248 ملم، حوالي 152 ملم فقط، ما يعكس انخفاضاً بنسبة 40٪ مقارنة بالمتوسط الطويل الأمد.
ويقدر الخبراء أن متوسط هطول الأمطار السنوي في البلاد يبلغ حوالي 400 مليار متر مكعب، وبالنظر إلى المناخ الجاف لإيران، يتبخر حوالي 75٪ منها، ويبقى فقط 25٪ كمياه متجددة. وبهذا، وصل حجم المياه المتجددة في العام الماضي بالكاد إلى 70-80 مليار متر مكعب، وهو رقم أقل بكثير من المتوسط السنوي المعتاد.
ارتفاع درجات الحرارة وزيادة التبخر يزيدان الأزمة تعقيداً
في حساب هذه الأرقام، يُفترض معدل التبخر ثابتاً، لكن الواقع يشير إلى أن ارتفاع درجات الحرارة خلال العقد الماضي زاد من حدة الأزمة. إذ بلغ متوسط درجة الحرارة في إيران خلال العشر سنوات الماضية أكثر من 18 درجة مئوية، فيما سجل العام المائي الماضي متوسط درجة حرارة نحو 19.3 درجة مئوية، ما أدى إلى زيادة معدلات التبخر وتقليل الموارد المائية المتجددة بشكل أكبر.
القيود ضرورة لإدارة الموارد المائية
أدى انخفاض الأمطار وتراجع مخزونات المياه خلال السنوات الأخيرة إلى التأثير على جميع القطاعات، بما في ذلك الزراعة والصناعة والاستخدام المنزلي. وفي ظل هذه الظروف، اضطرت وزارة الطاقة إلى فرض قيود على الاستهلاك، وهو قرار غير مريح للمواطنين لكنه كان السبيل الوحيد للحد من تفاقم الأزمة.
المخزونات المائية عند أدنى مستوياتها منذ قرن
تشير البيانات إلى أن الموارد المائية المتجددة انخفضت بأكثر من 30٪ هذا العام، فيما هبطت الأمطار بنسبة 42٪، ما وضع أكثر من 50 مدينة على حافة أزمة مائية حادة. وبلغت مخزونات السدود حالياً 46٪ فقط من طاقتها، فيما انخفضت هذه النسبة إلى أقل من 20٪ في 18 من السدود الرئيسية.
انخساف الأرض 30 سنتيمتراً في بعض مناطق العاصمة
واحدة من النتائج المباشرة للجفاف والاستخراج المفرط من المياه الجوفية هي ظاهرة الانخساف الأرضي، والتي تفاقمت في بعض مناطق إيران، بما في ذلك طهران، حيث سجلت بعض المناطق مستوى يصل إلى 30 سنتيمتراً خلال العام.
هدر المياه يتجاوز الاستهلاك المنزلي
رغم أن الاستهلاك المنزلي في إيران يمثل 9٪ فقط من إجمالي المياه، إلا أن هدر المياه في شبكات التوزيع يستهلك نحو 22٪ من الموارد. ويعزى هذا الهدر بشكل رئيسي إلى تسربات الشبكات والاشتراكات غير القانونية والعدادات القديمة. ومن جهة أخرى، يظل القطاع الزراعي، الذي يعد أكبر مستهلك للمياه، يعتمد على طرق تقليدية وغير فعّالة، ما يفاقم أزمة المياه.
وسجّلت بعض المحافظات الإيرانية هذا الصيف درجات حرارة تجاوزت 50 درجة مئوية، ما دفع الحكومة إلى اتخاذ تدابير استثنائية مثل تعطيل بعض الأنشطة وقطع المياه والكهرباء للحد من الضغط على الشبكات.
وتظهر هذه المؤشرات أن إيران تواجه تحدياً معقداً في إدارة مواردها المائية، حيث تعود جذور الأزمة إلى قلة الأمطار وارتفاع التبخر وانخفاض كفاءة الاستهلاك والتغيرات المناخية. ويؤكد الخبراء أنه ما لم تُجرى إصلاحات شاملة في سياسات الاستهلاك وإدارة الموارد المائية، فإن هذا الوضع قد يتحول إلى تهديد جدي للاستدامة البيئية والاقتصادية والاجتماعية للبلاد.