الماتشا في إيران بين الثقافة والموضة: من رمز التأمل إلى أيقونة الرفاهية
تحولت نبتة الماتشا (Matcha) خلال السنوات الأخيرة إلى أحد أبرز المشروبات العصرية التي تغزو قوائم المقاهي والمطاعم الحديثة في إيران والعالم.

ميدل ايست نيوز: تحولت نبتة الماتشا (Matcha) خلال السنوات الأخيرة إلى أحد أبرز المشروبات العصرية التي تغزو قوائم المقاهي والمطاعم الحديثة في إيران والعالم. هذا المسحوق الأخضر المستخلص من أوراق خاصة من الشاي الأخضر لم يعد مجرد مشروب تقليدي، بل بات رمزاً لـ«أسلوب حياة صحي» و«تغذية واعية» و«جمال طبيعي» يتباهى به مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي، حسب تقرير لموقع اقتصاد24 الإيراني.
جذور شرقية عميقة
يرجع أصل الماتشا إلى الطقوس البوذية في الصين القديمة، حيث كان الرهبان يتناولونه لتعزيز التركيز والهدوء أثناء جلسات التأمل. ومن هناك انتقل إلى اليابان، ليصبح جزءاً أساسياً من مراسم الشاي اليابانية التقليدية (چانوي)، التي تمثل مفهوماً فلسفياً يدمج الجمال والنظام والسكينة واحترام الطبيعة.
من طقس روحاني إلى ترند عالمي
انتشار الماتشا عالمياً جاء نتيجة تزايد الوعي بالتغذية الصحية، ورغبة المستهلكين في الابتعاد عن المشروبات الغازية أو المليئة بالسكر. إلى جانب ذلك، شكّل اللون الأخضر الزاهي للمشروب عاملاً جاذباً جعله أحد أشهر المشروبات “الإنستغرامية” التي تغزو الصور والمنصات الاجتماعية.
كما ساهمت الكافيهات الحديثة والعلامات التجارية المهتمة بالصحة في إعادة ابتكار الماتشا بأشكال جديدة مثل: لاتيه الماتشا، الماتشا المثلجة، والماتشا سموثي، ليتحول من طقس روحاني إلى مشروب يومي عصري.
فوائد غذائية متعددة
على عكس الشاي الأخضر التقليدي، يُستهلك الماتشا كمسحوق كامل، ما يجعله غنياً بمضادات الأكسدة مثل الكاتشين والكلوروفيل والـ«إل-ثيانين» إضافة إلى نسبة معتدلة من الكافيين.
ويؤكد خبراء التغذية أن الماتشا يساعد في تعزيز التركيز الذهني دون توتر، وتقوية المناعة، وتحسين صحة القلب، وزيادة معدل الحرق، فضلاً عن دوره في مكافحة الالتهابات.
محاذير صحية
ورغم هذه الفوائد، يحذر الأطباء من أن الإفراط في تناول الماتشا قد يسبب الأرق أو تسارع ضربات القلب بسبب محتواه من الكافيين. كما تشير بعض الدراسات إلى أنه قد يؤثر في امتصاص الحديد، ما يجعله غير مناسب لمرضى فقر الدم والنساء الحوامل.
ويضاف إلى ذلك أن جودة الماتشا تلعب دوراً حاسماً؛ فالماتشا الأصلي المصنوع من أوراق صغيرة وطازجة يختلف تماماً عن الأنواع التجارية منخفضة الجودة، التي قد تحتوي على ملوثات أو معادن ثقيلة.
الماتشا في المقاهي الإيرانية
لم يعد الماتشا يُقدَّم فقط كمشروب، بل دخل عالم الحلويات والمثلجات والكيك أيضاً. فالكافيهات تسعى إلى تلبية ذوق الزبائن الباحثين عن نكهات جديدة، مستفيدة من جاذبية اللون الأخضر في التسويق البصري.
وفي محاولة لتكييفه مع الذائقة الإيرانية، أضافت بعض المقاهي الورد المحمدي أو ماء الزهر، بينما لجأت أخرى إلى نكهات استوائية مثل المانجو.
أسعار مرتفعة تثير الجدل
بحسب جولة ميدانية في بعض المقاهي، يتراوح سعر كوب شاي الماتشا بين ١٣٨ إلى ١٧٨ ألف تومان، بينما يبدأ سعر الماتشا لاتيه المثلج من ٢١٩ ألف تومان ويصل إلى ٢٣٨ ألف تومان.
أما الحلويات الممزوجة بالماتشا مثل تيراميسو الماتشا بوزن ٢٠٠ غرام، فقد سُعِّرت بنحو ٢٠٠ ألف تومان.
وفي الأسواق، يباع مسحوق الماتشا بوزن ٤٠ غراماً بنحو ٥٥٠ ألف تومان، بينما يبلغ سعر العبوة ١٠٠ غرام حوالي ١٥٥ ألف تومان.
بين الثقافة والموضة
يرى مراقبون أن انتشار الماتشا في إيران يعكس اهتمام الجيل الجديد بالثقافة اليابانية والآسيوية، لكنه في الوقت ذاته يشير إلى تحول المشروبات الصحية إلى رموز طبقية أو جمالية أكثر من كونها خيارات غذائية حقيقية.
الماتشا اليوم يمثل نقطة التقاء بين التراث والحداثة؛ مشروب بدأ في معابد بوذية كوسيلة للتأمل والصفاء الذهني، ليصبح لاحقاً رمزاً عالمياً لأسلوب الحياة الصحي والراقي في القرن الحادي والعشرين.
(سعر الدولار في إيران: حدود 108.000 تومان)