رسائل من موسكو إلى طهران: توازن جديد يُرسم في سوريا؟
استقبلت وزارة الخارجية الإيرانية ألكسندر لافرنتييف، المبعوث الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين لشؤون سوريا، حيث أجرى مباحثات مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي.

ميدل ايست نيوز: استقبلت وزارة الخارجية الإيرانية، يوم الاثنين 21 أكتوبر، ألكسندر لافرنتييف، المبعوث الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين لشؤون سوريا، حيث أجرى مباحثات مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي.
وحسب تقرير لصحيفة “شرق” الإيرانية، جاء اللقاء في إطار التشاور المستمر بين طهران وموسكو حول القضايا الإقليمية والأمنية، وأكد الجانبان على أهمية تعزيز التنسيق في الملفات المشتركة، لا سيما ما يتعلق بالأوضاع في سوريا والتطورات الإقليمية الراهنة.
مشاورات دورية بين طهران وموسكو
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، في مؤتمره الصحفي الأسبوعي، إن الاتصالات بين إيران وروسيا «تستمر بشكل طبيعي ومنتظم على مختلف المستويات»، موضحاً أن «المبعوث الخاص الروسي في الشأن السوري يلتقي المسؤولين الإيرانيين داخل الوزارة وخارجها ضمن إطار المشاورات المنتظمة حول الملفات النووية وسائر القضايا الثنائية والإقليمية».
وحول التكهنات الإعلامية بشأن دور وساطة روسي بين طهران وواشنطن عقب زيارة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني إلى موسكو، نفى بقائي وجود أي مساعٍ من هذا النوع، مؤكداً أن «هذه المحادثات تأتي في سياق التشاور الإقليمي والأمني مع أصدقاء إيران في المنطقة، ولا تعني بالضرورة تدخلاً روسياً مباشراً في ملف العلاقات الإيرانية ـ الأمريكية».
موسكو بين دمشق وطهران
تزامن لقاء لافرنتييف في طهران مع زيارة الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع إلى موسكو ولقائه بالرئيس بوتين، في وقتٍ كان الشرع قد صرّح فيه بأن قطع العلاقات بين دمشق وطهران “ليس خطوة دائمة” وأن هناك جهوداً لإعادة ترميمها.
ويشير مراقبون إلى أن روسيا تسعى حالياً إلى رسم توازن دبلوماسي جديد بين إيران وسوريا في مرحلة ما بعد بشار الأسد، بحيث تحافظ على علاقاتها الوثيقة مع طهران وتضمن في الوقت ذاته نفوذها داخل الملف السوري. ويبدو أن زيارة لافرنتييف إلى طهران تأتي في هذا الإطار، لتعزيز التنسيق الأمني ومنع أي تصعيد قد يهدد استقرار المعادلة الإقليمية.
رسائل اللقاء ودلالاته
تحمل زيارة المبعوث الروسي إلى طهران رسائل سياسية متعددة، أبرزها رغبة موسكو في الحفاظ على قنوات اتصال فعالة مع إيران في الملفات الأمنية والنووية، إلى جانب إدارة دقيقة للعلاقة المعقدة بين طهران ودمشق. كما تُظهر الزيارة حرص روسيا على اللعب بدور الوسيط المتوازن بين الأطراف الإقليمية، من دون أن تنخرط بشكل مباشر في الملفات الحساسة الخاصة بالسياسة الداخلية الإيرانية أو برنامجها النووي.
ويعتقد محللون أن هذا النوع من التنسيق الروسي – الإيراني يساعد طهران على احتواء الضغوط السياسية والإقليمية، ويسمح لموسكو بتعزيز مكانتها كقوة ضامنة للاستقرار في غرب آسيا، خصوصاً مع تزايد تعقيد المشهد السوري واشتداد التنافس بين القوى الإقليمية.
نحو شراكة استراتيجية أعمق
في المجمل، يعكس هذا اللقاء استمرار مسار تعميق الشراكة الاستراتيجية بين إيران وروسيا، وتأكيد الطرفين على أهمية التشاور المنتظم في الملفات الأمنية والدبلوماسية. كما يبرز التوجه الروسي الجديد نحو إدارة التوازن بين حلفائه الإقليميين بما يتيح لها الحفاظ على نفوذها في سوريا والمنطقة، ومنع أي تصعيد قد يعيد خلط الأوراق في الشرق الأوسط.