مليارا دولار خسائر العام الماضي… وتهديد جديد للصناعة الإيرانية مع أزمة الغاز

مع اقتراب فصل الشتاء، تتزايد مجدداً التحذيرات من أزمة محتملة في إمدادات الغاز الطبيعي للصناعات الكبرى في إيران، بعد أن تسببت الانقطاعات المتكررة العام الماضي في تعطّل خطوط الإنتاج وتكبّد خسائر بمليارات الدولارات.

ميدل ايست نيوز: مع اقتراب فصل الشتاء، تتزايد مجدداً التحذيرات من أزمة محتملة في إمدادات الغاز الطبيعي للصناعات الكبرى في إيران، بعد أن تسببت الانقطاعات المتكررة العام الماضي في تعطّل خطوط الإنتاج وتكبّد خسائر بمليارات الدولارات. ورغم إعلان الحكومة عن اتخاذ خطوات للحد من عجز الطاقة، إلا أن مؤشرات السوق لا تزال تُظهر أن الأزمة لم تُحل بالكامل.

خطر متجدد على خطوط الإنتاج

وحسب تقرير لصحيفة “توسعه إيراني” خلال اجتماع مجلس الحوار بين الحكومة والقطاع الخاص في غرفة تجارة تبريز، أشار وزير الصناعة الإيراني محمد أتابك إلى أن «العجز في إمدادات الطاقة تراجع خلال الشهرين الماضيين، لكن مع دخول فصل الشتاء، من المتوقع أن تواجه المصانع مجدداً نقصاً حاداً في الغاز».

وتستهلك الصناعات الثقيلة، مثل الصلب والبتروكيماويات والإسمنت والسيراميك، ما بين 150 إلى 170 مليون متر مكعب من الغاز يومياً في الظروف العادية. ويؤدي أي انخفاض في هذا المعدل إلى اضطرار الشركات لاستخدام المازوت والديزل كبدائل، ما يرفع التكلفة ويزيد الأضرار البيئية. ويخشى خبراء الصناعة من أن يؤدي استمرار هذه الانقطاعات إلى تراجع الإنتاج الوطني وتراجع الصادرات غير النفطية وتزايد البطالة في المناطق الصناعية.

خسائر العام الماضي… وتوقعات قاتمة للعام الحالي

رئيس لجنة الطاقة في غرفة تجارة إيران، آرش نجفي، أوضح أن «العام الماضي شهد قطعاً متكرراً للغاز استمر من أول أوكتوبر حتي نهاية فبراير، بمتوسط 65 يوماً من الانقطاع»، مضيفاً أن الخسائر الاقتصادية الناتجة عن هذه الانقطاعات بلغت نحو ملياري دولار.

وتابع نجفي قائلاً إن التوقعات تشير إلى أن «الصناعات ستواجه هذا العام ما بين 60 و70 يوماً من انقطاع أو نقص إمدادات الغاز»، محذراً من أن غياب خطة واضحة لإدارة الاستهلاك وتوزيع الطاقة «قد يؤدي إلى خسائر مماثلة وربما أكبر».

صناعة الإسمنت نموذجاً للأزمة

تواجه صناعة الإسمنت حالياً أزمة حادة في التزود بالغاز، إذ لا يتجاوز حجم الإمدادات 25% من حاجتها الفعلية، مما اضطر المصانع إلى الاعتماد على المازوت، وهو ما ضاعف كلفة الإنتاج تقريباً. وبحسب تقارير القطاع، انخفض الإنتاج الوطني من 76 إلى 72 مليون طن خلال العام الجاري، أي تراجع بنسبة 10%.

ويحذر ممثلو الصناعة من أن استمرار هذه الأزمة قد يهدد استقرار السوق المحلية والصادرات الخارجية، مطالبين الحكومة بخطة شفافة لتأمين إمدادات الطاقة بشكل مستدام.

جذور الأزمة: نقص الاستثمار وتآكل البنية التحتية

رغم وعود الحكومة بإدارة أفضل لاستهلاك الطاقة وتجديد شبكات الغاز المتهالكة، يؤكد خبراء الاقتصاد أن المشكلة أعمق من الحلول المؤقتة. فالنقص المزمن في الطاقة يعود إلى سنوات من ضعف الاستثمار، وقدم البنية التحتية، وأسعار الغاز غير الواقعية، وغياب سياسة متكاملة لإدارة الطاقة من الإنتاج حتى الاستهلاك.

ويرى الخبراء أن معالجة هذه الأزمة تتطلب قرارات سريعة وتنسيقاً فعلياً بين الأجهزة التنفيذية والقطاع الخاص، إضافة إلى بناء آليات عملية ودائمة لضمان استقرار الإنتاج الصناعي خلال فصول الذروة.

الحاجة إلى حلول استراتيجية

يؤكد المحللون في قطاع الطاقة أن الاعتماد على سياسات مؤقتة مثل تقنين الغاز أو قطعه دورياً لم يعد يجدي نفعاً، وأن المطلوب هو تحديث شامل لشبكات النقل والتوزيع، وتطوير حقول الغاز، واستخدام التكنولوجيا الحديثة لترشيد الاستهلاك وتقليل الهدر في القطاعات السكنية والصناعية على حد سواء.

ويخلص الخبراء إلى أن تحقيق أمن الطاقة في إيران يتطلب رؤية طويلة الأمد، تقوم على جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، وإرساء استقرار في السياسات الاقتصادية، لتجنب تكرار الأزمات التي تهدد بنية الصناعة الوطنية مع كل شتاء جديد.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة × 4 =

زر الذهاب إلى الأعلى