المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية: المفاوضات النووية مجمّدة ونظام العقوبات في حالة “اختبار متواصل”
أشار المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية إلى أن المفاوضات النووية بين إيران والمجتمع الدولي قبل الحرب الأخيرة وإعادة فرض العقوبات الأممية كانت مستمرة بشكل مفيد على الرغم من الخلافات والتراجع المتقطع.
ميدل ايست نيوز: أشار المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية إلى أن المفاوضات النووية بين إيران والمجتمع الدولي قبل الحرب التي استمرت 12 يوماً وإعادة فرض العقوبات الأممية كانت مستمرة بشكل مفيد على الرغم من الخلافات والتراجع المتقطع. وقد بلغت هذه المحادثات ذروتها خلال مفاوضات خطة العمل الشاملة المشتركة، حيث تم الاتفاق على قيود زمنية للتخصيب النووي وآليات تفتيش مفاجئة مقابل رفع تدريجي لعقوبات نووية محددة. ونتيجة لهذا الاتفاق، التزمت إيران بشروط المجتمع الدولي وأبدت تعاوناً في مجال تفتيشات الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ونقلت صحيفة دنياي اقتصاد عن المعهد قوله، إن الحدث المؤثر التالي كان حين أعلنت الولايات المتحدة عام 2018 انسحابها من الاتفاق، وعادت إلى المطالب المتعلقة بإيقاف التخصيب وفقاً لسياسات إدارة الرئيس السابق جورج دبليو بوش. كما حاولت الدول الأوروبية الثلاث حماية إيران من العقوبات الناتجة عن هذا الانسحاب، لكن هذه الجهود لم تحقق نتائج عملية ملموسة. وفي عام 2019، بدأت إيران سياسة عدم الالتزام التدريجي على مدى عدة سنوات، من توسيع مخزونات اليورانيوم المخصب وتركيب أجهزة طرد مركزي متقدمة، إلى تقليص التعاون مع تفتيشات الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وأشار التقرير أيضاً إلى أنه خلال فترة رئاسة جو بايدن للولايات المتحدة (2021-2025)، لم يتم إحراز تقدم كبير في هذا الملف. وفي بداية الدورة الثانية لرئاسة ترامب، عقد المبعوث الخاص ستيف ويتكوف خمس جولات تفاوضية مع الإيرانيين بوساطة سلطنة عمان، حيث اقترح إنشاء اتحاد إقليمي للتخصيب يضم عدة دول لإنتاج وقود المفاعلات سوياً. وفي 12 يونيو 2025، أعلنت لجنة المحافظين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية رسمياً أن إيران لم تلتزم بالتزاماتها الرقابية. وبعد يوم واحد، شنت إسرائيل هجوماً أدى إلى الحرب التي عُرفت بالحرب القصيرة التي استمرت 12 يوماً.
اللجوء إلى آلية “الزناد”
بعد انتهاء هذه النزاعات، التقى رافائيل غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، في 9 سبتمبر مع المسؤولين الإيرانيين لاستئناف عمليات التفتيش. إلا أن إيران أكدت أنه بعد العدوان الإسرائيلي والأمريكي، يجب وضع شروط جديدة لإجراء التفتيشات والتعاون النووي، وهو ما تجلى في اتفاقية القاهرة.
وفي ظل هذه الأوضاع، لجأت الدول الأوروبية الثلاث إلى ما يعرف بآلية “الزناد” التي أوشك موعد انتهائها، والتي أعادت تفعيل مجموعة من إجراءات عقوبات مجلس الأمن قبل عام 2015 للضغط على إيران. كما أعاد كل من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا فرض عقوبات أحادية الجانب على إيران في يوليو وسبتمبر 2025 على التوالي، فيما أدرجت وزارة الخزانة الأمريكية قطاعات من تجهيزات الصواريخ والطيران الإيرانية ضمن قائمتها الخاصة بالعقوبات. واعتبرت إيران هذه العودة إلى العقوبات غير قانونية. وأيدت روسيا والصين موقف إيران معلنة أنهما لن تنفذا العقوبات المفروضة، ما يعكس الإجماع الهش بين الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن بشأن منع الانتشار منذ 2017.
الدبلوماسية في طريق مسدود
ويرى تقرير المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية أن أي من الجهات الغربية لا يبدو مهتماً باستئناف المفاوضات، معتقدة أن ضغطها سيجبر طهران في النهاية على الاستسلام. في المقابل، يعتبر ترامب الملف النووي الإيراني قضية منتهية ويزعم أن البرنامج النووي دُمّر بالكامل خلال الحرب القصيرة. ومع ذلك، صرح ترامب في أوائل أكتوبر بأن الولايات المتحدة قد تكون مستعدة لقبول اتفاق إقليمي أوسع بمشاركة إيران.
وأشار التقرير إلى أنه حتى في حال حدوث مفاوضات، لا يوجد توافق بين المواقف الرئيسية للأطراف. مثلما كان الحال في منتصف العقد الأول من القرن الحالي في عهد بوش، تعتقد الولايات المتحدة أنه لا ينبغي السماح بأي تخصيب على الأراضي الإيرانية. ومع ذلك، دون تعاون روسيا والصين، لن تكون قدرة الولايات المتحدة على الحد من قدرة إيران على إعادة بناء برنامجها النووي فعالة بشكل كبير. وبعد الحرب القصيرة والعدوان الإسرائيلي والأمريكي، يبدو من غير المرجح أن يكون اتفاق نووي فقط مقبولاً من قبل الأطراف، مما يزيد تعقيد الملف.
كما أظهر التاريخ الطويل للمفاوضات أن مواقف الأطراف قد تصبح أكثر مرونة مع الوقت، خصوصاً مع معارضة إيران وروسيا والصين للعقوبات، ما يعكس موقفاً حازماً لهذه الدول ضد الغرب. لكن عاملًا رئيسياً لن يتحسن مع مرور الوقت: قدرة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على التحقق من الأنشطة النووية الإيرانية. فكلما طالت فترة بقاء المفتشين بلا وصول للمنشآت النووية، زادت صعوبة شرح وضع اليورانيوم وأجهزة الطرد المركزي، وهو ما قد يكون ذريعة لمزيد من التوترات الخطيرة.



