لماذا لم تخرج إيران من القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي؟

شدد خبير إيراني في الشؤون الاقتصادية على أهمية التفاعلات الدولية للقطاع الخاص وحل القضايا السياسية الكامنة، مؤكداً أن تجاهل هذه القضايا يجعل من الصعب التنبؤ بتحسن الوضع الاقتصادي في إيران.

ميدل ايست نيوز: قررت مجموعة العمل المالي (FATF) في أحدث اجتماعاتها مرة أخرى عدم إخراج إيران من قائمة الدول عالية المخاطر، مؤكدة أن طهران ستظل ضمن هذه الفئة حتى إكمال جميع متطلبات برنامج العمل بالكامل. وجاء هذا القرار بعد مراجعة تقرير إيران حول المصادقة على اتفاقية باليرمو والإجراءات المتعلقة بمكافحة تمويل الإرهاب، إلا أن FATF أشارت إلى أن التحفظات الإيرانية واسعة للغاية، وأن التكيف الداخلي مع معايير هذا الجهاز العالمي لا يزال غير كاف.

وبدأت إيران برنامج العمل الخاص بها منذ عام 2016، إلا أن FATF شددت على أن الجزء الأكبر من الالتزامات التشغيلية لم يُنفّذ، وأن برنامج العمل لا يزال ناقصاً. وفي بيانها الأخير، دعت هذه الهيئة الدول الأعضاء مرة أخرى إلى اتخاذ إجراءات وقائية فعّالة ضد إيران، بما يشمل منع إنشاء فروع أو مكاتب للكيانات المالية الإيرانية، وتقييد التعاون المصرفي في الحالات التي لا تُطبق فيها معايير كافية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.

كيف علقت إيران؟

أوضح هادي خاني، الأمين العام للمجلس الأعلى للوقاية ومكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، أن إيران اتخذت خطوات أولية من خلال المصادقة على اتفاقية باليرمو واتفاقية مكافحة تمويل الإرهاب (CFT)، وقدمت مستندات قانونية تثبت أن القوانين الداخلية أقوى من المعايير الدولية. وأكد أن مصادقة باليرمو وحدها لا تعني الخروج من القائمة السوداء، وأن التفاعلات الفنية والقانونية مع FATF قد بدأت وستستمر.

وفي هذا السياق، قسّم وحيد شقاقي شهري، الخبير الاقتصادي، FATF إلى قسمين، خلال حديث لوكالة خبر أونلاين: «أحدهما شفاف وفني وهو ما ركزت عليه الحكومة الإيرانية، والآخر يتعلق بالمسائل السياسية والخلفيات التي تلعب دوراً أكبر بكثير». وأشار إلى أن إيران لم تتمكن حتى الآن من الخروج من القائمة السوداء، مضيفاً: «منذ عام 2018، جعلت مشاركة إسرائيل في مجموعة صناع القرار عملية الانتقال من القائمة السوداء إلى الرمادية ثم البيضاء صعبة للغاية».

وبشأن إثبات التنفيذ الفعلي للقوانين الإيرانية، أوضح شقاقي أن «الأمر ليس مجرد مسألة فنية. فعندما لا تُحل القضايا السياسية الكامنة، يُعرقل أي تقدم لإيران تحت ذرائع مختلفة. حتى دولاً مثل آيسلندا اضطرت لإجراء مفاوضات سرية مع الولايات المتحدة لترقية مكانتها».

وأشار إلى وزن الولايات المتحدة وإسرائيل السياسي في مجموعة العمل المالي، مؤكداً أن «هذين البلدين سيحاولان بكل الوسائل منع ترقية مكانة إيران، وأن النجاح في المفاوضات الفنية والقانونية وحده لن يكون كافياً دون حل القضايا السياسية الكامنة».

القائمة السوداء والاقتصاد الإيراني

وحول تأثير بقاء إيران في القائمة السوداء على التجارة الخارجية والنشاط الاقتصادي الإيراني، قال الخبير الاقتصادي: «عندما يُدرج أي بلد ضمن القائمة السوداء، يرتفع مستوى المخاطر المرتبطة بالتعامل معه. كما يعمل القطاع الخاص والحكومات بحذر، وتزداد تكاليف المعاملات الاقتصادية بنسبة تتراوح بين 10 و25 في المئة، وتطلب الشركات ضمانات أكبر».

وأضاف: «هذا التأثير لا يقتصر على أوروبا فقط، فالقطاع الخاص في الصين وروسيا يتبنى نفس النهج. وعندما تكون إيران في القائمة السوداء، تتأثر الشراكات الاقتصادية معها وتزداد التكاليف».

وتابع الخبير موضحاً تأثير هذا الوضع على سعر الصرف والتضخم واستقرار الأسواق المالية المحلية: «زيادة تكاليف التبادلات التجارية تؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة، وانخفاض التنافسية للقطاع الخاص، وهو تأثير مباشر على الاقتصاد الداخلي».

وفي ختام حديثه، أشار شقاقي إلى مستقبل الاقتصاد الإيراني بدون حل القضايا السياسية الكامنة، مؤكداً: «حتى إذا كانت إيران جاهزة من الناحية الفنية، فإن هناك عقبات كبيرة أمام تعزيز مكانتها الاقتصادية. ترتفع تكاليف المعاملات الاقتصادية، ويتأثر الإنتاج وقدرة القطاع الخاص على المنافسة».

وأنهى الخبير حديثه بالتأكيد على أهمية التفاعلات الدولية للقطاع الخاص وحل القضايا السياسية الكامنة، مشدداً على أن تجاهل هذه القضايا يجعل من الصعب التنبؤ بتحسن الوضع الاقتصادي في إيران.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ابست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة عشر − خمسة =

زر الذهاب إلى الأعلى