العراق.. تعطل الـ GPS يشعل الشكوك حول تصعيد إقليمي

تشهد العاصمة العراقية بغداد وعدد من المحافظات العراقية اضطرابات في نظام تحديد المواقع العالمي “GPS” منذ أكثر من أسبوع، ما تسبب بتوقف تطبيقات التوصيل والملاحة عن العمل جزئياً.

ميدل ايست نيوز: تشهد العاصمة العراقية بغداد وعدد من المحافظات العراقية اضطرابات في نظام تحديد المواقع العالمي “GPS” منذ أكثر من أسبوع، ما تسبب بتوقف تطبيقات التوصيل والملاحة عن العمل جزئياً، وأربك حركة سائقي التوصيل والشركات المعتمدة على الخرائط الذكية، وبينما يُرجح أن يكون التشويش مرتبطاً بإجراءات أمنية مؤقتة، يحذر خبراء من تداعياته على الحياة اليومية، ويؤكدون أن الظاهرة تعكس تصاعداً في الحرب الإلكترونية الإقليمية وتأثيرها داخل العراق.

ويشتكي عدد من سائقي التوصيل (الديليفري) في بغداد من صعوبات في تحديد المواقع بدقة نتيجة التشويش المتكرر على نظام تحديد المواقع (GPS)، ما أدى إلى تأخر الطلبات، وزيادة مسافات السير، وارتفاع كلفة الوقود.

وأكد أحد سائقي التوصيل في منطقة شارع 62 الكرادة وسط بغداد اليوم الأحد (26 تشرين الأول أكتوبر 2026) أن “الخرائط في التطبيقات تتعطل أو تُظهر مواقع خاطئة للزبائن أو المطاعم، ما يضطرنا إلى الاتصال هاتفياً لتحديد العنوان يدوياً، وهو ما يقلل من كفاءة العمل ويضاعف الجهد”.

ويقول سائق آخر: “أحيانًا يرسِلني التطبيق إلى شارع مختلف تماماً عن الموقع الحقيقي، أو يتوقف النظام نهائياً. في اليوم الواحد نخسر أكثر من ساعة بسبب الأخطاء في تحديد الاتجاه”.

ولم تقتصر هذه المشكلة على الأفراد، بل تمتد إلى شركات التوصيل التي تعتمد على تتبُّع السائقين لحساب الوقت والتكاليف، إذ يؤدي الخلل في نظام الـGPS إلى اضطراب في توزيع الطلبات وحساب المسافات بدقة.

ويطالب العاملون في مجال التوصيل وزارة الاتصالات والجهات الأمنية بتوضيح رسمي حول طبيعة التشويش ومداه الزمني، وتوفير بدائل تقنية أو فترات تنظيمية لتقليل الضرر على الأعمال اليومية.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أوضح الخبير التقني عثمان أحمد أكرم، في تصريح، أن “سبب تعطيل خدمات التوصيل هو التشويش على إشارات GPS، ما أدى إلى التلاعب بمواقع الأجهزة الذكية وجعل التطبيقات تظهر المواقع بشكل غير دقيق، مما يسبب ضياع المركبات وتأخير عمليات التوصيل”.

وأضاف، أن “التشويش يتم عبر بث إشارات راديو أقوى من إشارات GPS، بينما التزييف يعني بث إشارات GPS مزيفة لخداع أجهزة الاستقبال وجعلها تحسب موقعاً غير صحيح”، مشيراً إلى أن “التداخل الكهرومغناطيسي للأجهزة الإلكترونية القريبة قد يضعف أو يعيق إشارات GPS، ما ينعكس سلباً على العمل والتنقل”.

ولاحظ عدد من سكان المنطقة الخضراء وسط بغداد والمناطق القريبة توقف أنظمة الملاحة في تطبيقات مثل Waze وGoogle Maps، بينما أكد عاملون في خدمات التوصيل وجود صعوبات تعيق أداء عملهم، ولم يتمكن أصحاب طائرات التصوير المسيّرة من تشغيلها أو تسييرها.

وتداولت بعض المنصات على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام القليلة الماضية أخباراً تفيد بأن قيادة العمليات المشتركة وجهت بتفعيل أجهزة تشويش في بغداد للحماية من الطائرات “الدرون” المسيرة حتى انتهاء الانتخابات، بالمقابل، لم يصدر أي توضيح من قيادة العمليات المشتركة رغم إجراء اتصالات متعددة عبر الأرقام الهاتفية المتاحة.

وتشير البيانات التقنية إلى أن التشويش يتركز في مناطق شمال وشرق العراق، وبالتحديد على امتداد الحدود العراقية — الإيرانية.

كما سجلت بعض الرحلات العابرة للمجال الجوي العراقي خلال شهور آذر مارس وأيار مايو وأيلول سبتمبر 2025 اضطرابات مشابهة، ما يشير إلى نمط دوري للحوادث وليس واقعة عابرة.

وهذه ليست المرة الأولى التي تسجَّل فيها حوادث تشويش داخل العراق؛ فمنذ عام 2023 رصدت منظمات متخصصة في الطيران المدني ارتفاعاً في حوادث فقدان الإشارة داخل إطار معلومات الرحلات الجوية لبغداد (BAGHDAD FIR). وتكررت التحذيرات الفنية في أكثر من إشعار خلال عامَي 2024 و2025، مما يوضح أن العراق أصبح من المناطق الأكثر تعرضاً عالمياً لتشويش إشارات GPS.

ومع تصاعد التوترات والصراعات الإقليمية، برزت ظاهرتا “التشويش” و”التلاعب” بهذا النظام كمظهر جديد من مظاهر الحروب الحديثة، بما يحمل في طياته مخاطر جمّة على الأمن المدني والعسكري معاً.

إن تزايد حوادث تشويش إشارات GPS في العراق يعكس تصاعداً في وتيرة الحرب الإلكترونية الإقليمية، خاصة في مناطق تشهد نشاطاً عسكرياً أو استخباراتياً متقدماً، بحكم موقع العراق الجغرافي ومجاله الجوي المفتوح أمام رحلات مدنية وعسكرية، أصبح منطقة حساسة تتقاطع فيها إشارات وأنظمة تحكم متطورة من أطراف متعددة.

وتلجأ بعض الدول إلى هذه التقنيات لأسباب عسكرية وأمنية، وفي سياق النزاعات في الشرق الأوسط يُستخدم التشويش لحماية المنشآت الحيوية ومنع توجيه أسلحة دقيقة مثل الطائرات المسيرة أو الصواريخ، وأيضاً لأغراض استخباراتية مثل جمع المعلومات وتضليل أجهزة الخصم.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العالم الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثمانية عشر − 2 =

زر الذهاب إلى الأعلى