الصحافة الإيرانية: مسار ترامب والدور الخفي لتركيا في معادلات شمال إيران

بينما يشهد ميزان توازن القوى في آسيا الوسطى والقوقاز تغيراً عميقاً بعد الحرب الأوكرانية، تعمل تركيا على توسيع نفوذها من القوقاز حتى بحر قزوين عبر منظمة الدول الناطقة بالتركية (OTS).

ميدل ايست نيوز: بينما يشهد ميزان توازن القوى في آسيا الوسطى والقوقاز تغيراً عميقاً بعد الحرب الأوكرانية، تعمل تركيا على توسيع نفوذها من القوقاز حتى بحر قزوين عبر منظمة الدول الناطقة بالتركية (OTS).

يرى الباحث بهرام أمير أحمديان، في مقال نُشر بصحيفة “اطلاعات” الإيرانية، أن هذا المسار يمثل محاولة لتشكيل “إمبراطورية عثمانية جديدة في أوراسيا”.

وحذر أمير أحمديان في مقاله من أن تحركات تركيا ضمن إطار منظمة الدول الناطقة بالتركية تسير نحو تشكيل “الإمبراطورية العثمانية الجديدة في أوراسيا”، وهو مشروع — بحسب قوله — يحظى بدعم من الولايات المتحدة وينفّذ تحت شعار “مسار ترامب من أجل السلام والرفاه الدولي”، وقد يحدث تحولاً في الترتيب الجيوسياسي شمال إيران.

وقال الباحث الإيراني: “إن منظمة الدول الناطقة بالتركية تعمل على تعزيز الإحياء الثقافي والاندماج الاقتصادي بين الشعوب الناطقة بالتركية، بهدف ترسيخ الهوية المشتركة، وتوسيع مسارات التجارة والطاقة، ووضع الدول الأعضاء كبديل رئيسي لمصادر الطاقة الروسية ولممرات التجارة بين الشرق والغرب.”

وبحسب تحليله، فإن المنظمة التي تضم كأعضاء أساسيين كلاً من تركيا وأذربيجان وأوزبكستان وكازاخستان وقرغيزستان، ومعها دول بصفة مراقب مثل تركمانستان والمجر وجمهورية شمال قبرص، ترسم فعلياً خريطة جديدة للنفوذ الإقليمي التركي.

وأشار أمير أحمديان إلى أن تركيا، منذ تسعينيات القرن الماضي، وقفت إلى جانب باكو في نزاع قره باغ من أجل الاستفادة من موارد الطاقة الأذربيجانية والتحول إلى “مركز للطاقة” في المنطقة. وأضاف: “تركيا أثبتت أنها لاعب متعدد الأوجه، وأن أحزابها وبنيتها البرلمانية ودستورها توفر إمكانات لصياغة وتنفيذ سياسات خارجية متجددة. هذه السياسة مرنة كالماء، تتشكل وفق الإناء الذي توضع فيه.”

قالب جديد لـ OTS ودخول “مسار ترامب” إلى المشهد

في القمة الأخيرة للمنظمة التي عُقدت في مدينة قبله بأذربيجان، صادق القادة على نموذج جديد تحت اسم OTS+، وهو إطار يتيح التعاون المباشر مع القوى الخارجية. ووفقاً لأمير أحمديان، فإن هذا القرار يمهّد عملياً الطريق لتنفيذ مشروع يُعرف باسم “مسار ترامب من أجل السلام والرفاه الدولي (TRIPP)”، وهو المشروع الذي يُشار إليه أيضاً باسم “ممر زنكزور”، ويهدف إلى ربط العالم التركي مباشرة بالغرب.

وكتب قائلاً: “تركيا ستؤسس شبكة ارتباط مباشر بين الشعوب الناطقة بالتركية داخل المنطقة، وتسعى إلى إحياء الإمبراطورية العثمانية الجديدة، لا في البلقان بل في أوراسيا.”

احتواء روسيا وتقييد الصين وتجاهل إيران

جاء في المقال أن “مسار ترامب” لا يشكل مجرد طريق تجاري جديد، بل يمثل أداة جيوسياسية بيد الغرب تهدف إلى تقليص النفوذ التاريخي لروسيا في المنطقة، ومنع توسع حضور كلّ من الصين وإيران.

وأضاف الكاتب: “هذه الممرات تخلق بديلاً عن روسيا، وقد تدفعها في المقابل إلى محاولة إضعاف قدرة جيرانها على ممارسة التجارة والدبلوماسية متعددة الأطراف.”

وأكد أمير أحمديان أن منظمة الدول الناطقة بالتركية تتحول تدريجياً إلى محور جديد في توازن القوى الأوراسي، وأن أعضاءها يسعون، بالتوازي مع تعاونهم مع الولايات المتحدة وحلف الناتو، إلى التحرر من هيمنة القوى الكبرى المباشرة.

إيران على أعتاب تحولات جيوسياسية

وفي ختام مقاله، حذر أمير أحمديان من أن هذه التطورات في شمال غرب إيران وحول بحر قزوين قد تترك آثاراً عميقة على الأمن والسياسة الخارجية لطهران. وقال: “من الضروري أن تتابع بلادنا عن كثب هذه التحركات، وأن تُنشئ وزارة الخارجية إدارة خاصة لهذا الغرض.”

وأشار في الختام إلى أن منظمة الدول الناطقة بالتركية، إلى جانب أهدافها الاقتصادية والأمنية، تضع خططاً لإحياء الثقافة والهوية التركية، وهو ما يجعلها تتحول من منظمة اقتصادية إلى أداة ثقافية وجيوسياسية لتوسيع النفوذ التركي.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة عشر − 12 =

زر الذهاب إلى الأعلى