تفاهمات عراقية على ترحيل ملفات حساسة إلى الحكومة المقبلة

تفاهمات غير معلنة تمّ التوصل إليها بين قوى وكتل نافذة في البلاد، تقضي بترحيل الملفات المعقّدة إلى الحكومة المقبلة

ميدل ايست نيوز: كشفت خمسة مصادر سياسية عراقية مطلعة في بغداد لموقع “العربي الجديد“، أن تفاهمات غير معلنة تمّ التوصل إليها في شهر سبتمبر/أيلول الماضي، بين قوى وكتل نافذة في البلاد، تقضي بترحيل الملفات المعقّدة إلى الحكومة المقبلة، تجنباً لأي أزمات سياسية أو أمنية في العراق قبيل الانتخابات المقررة في 11 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

وتشمل هذه الملفات قضايا حسّاسة تمس جوهر السيادة والأمن الداخلي، من بينها قانون “الحشد الشعبي”، الذي يواجه رفضاً أميركياً واسعاً، وملف حصر السلاح بيد الدولة، وضبط السلاح الثقيل الذي تمتلكه بعض الفصائل المسلحة، فضلاً عن إعادة النظر في سيطرة تلك الفصائل على بعض المدن، وتفعيل اتفاقية تطبيع الأوضاع في مدينة سنجار.

وبحسب المصادر التي تواصلت معها “العربي الجديد”، فإن هذه التفاهمات تأتي في إطار محاولات القوى السياسية الشيعية تأجيل الصدامات والخلافات إلى مرحلة ما بعد الانتخابات، وسط ضغوط داخلية وخارجية تدعو إلى حسم تلك الملفات التي طال انتظار معالجتها. كما تشمل الملفات المؤجلة أيضاً مشاريع قوانين مثيرة للجدل، أبرزها قانون حرية التعبير، وقانون جرائم المعلوماتية، وعدد من التشريعات ذات الطابع الأمني والاجتماعي التي لم تجد توافقاً سياسياً واسعاً حتى الآن.

تفاهمات داخلية

وتحدث قيادي بارز في الائتلاف الحاكم “الإطار التنسيقي”، عن “تفاهمات داخلية”، مفادها ترحيل كل الملفات الخلافية للحكومة المقبلة.

وأضاف طالباً عدم ذكر اسمه، أن “قوى الإطار التنسيقي متفقة على التهدئة وعدم خلق أي مشاكل سياسية، بما فيها ملف الحشد الشعبي، وموضوع الفصائل وسلاحها والقوانين الخلافية، لحين تشكيل الحكومة الجديدة”، معتبراً أن الحكومة المقبلة ستكون أمام ملفات وتحديات ضخمة داخلية وإقليمية. فيما أكد مصدر آخر أن الحكومة والبرلمان الحاليين غير قادرين على التعامل مع الملفات الخلافية الحالية، والتوجه هو ترحيل كل الأزمات إلى ما بعد الانتخابات وتشكيل الحكومة.

وطرح عضو في تيار الحكمة، سيناريو آخر، وهو “رئيس وزراء مقبل مقبول خارجياً، قبل أن يكون متوافقا عليه داخليا”، مضيفاً أن “الملفات معقدة في العراق حالياً، بسبب تأثيرات من الخارج، مثل الحشد الشعبي والفصائل وسلاحها، وما يعرف بفكّ الارتباط مع إيران، لذا هذه الحكومة غير قادرة على فعل شيء بالوقت المتبقي لها، والترحيل هو الحل. سيعطي العراق وقت مناورة جيّد”.

ويرى مراقبون أن سياسة الترحيل هذه قد تمنح القوى السياسية الحالية فرصة لتجنب الخسائر الانتخابية، لكنها في الوقت ذاته تعكس حالة العجز عن مواجهة الملفات المصيرية التي تمس استقرار الدولة ومصيرها السياسي والأمني، ما يثير تساؤلات حول قدرة الحكومة المقبلة على تبني حلول واقعية وجذرية لهذه التحديات المتراكمة.

وتأتي هذه التفاهمات غير المعلنة بين القوى السياسية لترحيل الملفات الشائكة في وقت يقترب فيه موعد انتخابات مجلس النواب العراقي، وسط توتر سياسي وتراجع في الثقة الشعبية بالعملية الانتخابية.

ويرى مراقبون أن تأجيل حسم قضايا حسّاسة، يهدف إلى تجنب أي تصعيد أو صدام سياسي أو أمني قد يؤثر في موازين القوى الانتخابية، ويعكس عجز الطبقة السياسية عن اتخاذ قرارات مصيرية في مرحلة ما قبل الانتخابات، ومحاولة شراء الوقت بانتظار نتائجها، الأمر الذي قد يُنذر بمرحلة أكثر تعقيداً للحكومة المقبلة التي ستواجه إرثاً ثقيلاً من الملفات المؤجلة والأزمات المتراكمة.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثلاثة + 13 =

زر الذهاب إلى الأعلى