الصحافة الإيرانية: هل خدم “التوجه نحو الشرق” مصالح إيران الاقتصادية؟

الواقع غير القابل للإنكار هو أن العلاقة بين إيران والصين قد تبدو للوهلة الأولى كبيرة واستراتيجية لكن عند النظر إلى خصومات النفط وحجم تجارة بكين مع منافسي إيران الإقليميين يتضح أن إيران هي الطرف الأضعف في هذه المعادلة.

ميدل ايست نيوز: تظهر المعطيات تفوقاً واضحاً للصين؛ فهي تشتري النفط الإيراني بأسعار مخفضة وتغزو الصناعات الإيرانية ببضائعها ومنتجاتها، بينما تحتل إيران مكانة أدنى بكثير مقارنة بمنافسيها الإقليميين أمام بكين، الذين تصل تجارتهم معها إلى نحو 107 مليارات دولار، مثل السعودية في عام 2024. إذا كانت إيران تريد فعلاً الانتقال من كونها “مصدّراً للمواد الخام” إلى “شريك متكافئ”، فعليها أن تعترف بعدم التوازن القائم في هذه المعادلة، وتعيد النظر في شروطها، وتسعى للحصول على حصة أكبر من هذه العلاقة.

وذكر موقع اقتصاد 24 في تقرير، أنه بعد أشهر من الترويج السياسي لمفهوم “التوجّه نحو الشرق”، تبدو التجارة الرسمية بين إيران والصين في الظاهر واسعة ونشطة، غير أن الواقع يكشف وجهاً آخر عند احتساب الخصومات النفطية الكبيرة، والطرق الخاصة للالتفاف على العقوبات، ومقارنة مستوى التبادل التجاري مع دول المنطقة الأخرى. تشير البيانات الرسمية الإيرانية إلى أن حجم التجارة غير النفطية بين البلدين خلال العام الإيراني المنتهي في 20 مارس 2025 بلغ نحو 34.1 مليار دولار، منها صادرات غير نفطية إيرانية بقيمة 14.8 مليار دولار، وواردات من الصين بقيمة 19.3 مليار دولار.

أما في مجال النفط، فتشير التحليلات إلى أن الصين استوردت في النصف الأول من عام 2025 نحو 1.38 مليون برميل يومياً من النفط الإيراني، أي ما يعادل 13.6% من إجمالي وارداتها النفطية. وقد باعت إيران هذا النفط للصين بخصم يتراوح بين 7 و8 دولارات للبرميل مقارنة بسعر السوق العالمي، فيما أشار تقرير لوكالة رويترز إلى أن الخصم وصل مؤخراً إلى 10 دولارات للبرميل. وتفيد تقارير مستقلة بأن أكثر من 80% من صادرات النفط الإيرانية تتجه حالياً إلى الصين، في وقت لا يمكن مقارنة حصتها من السوق الصينية مع حصص المنافسين الإقليميين، ما يجعل العلاقة تميل بوضوح نحو تبعية أحادية الجانب لإيران تجاه الصين.

وفي ظل الضغوط الناتجة عن العقوبات، اضطرت طهران لتقديم تخفيضات حادة للحفاظ على تدفق صادراتها النفطية، وهو ما استفادت منه بكين إلى أقصى حد. فبحسب تقرير لرويترز، بلغ تخفيض النفط الإيراني المصدّر إلى الصين نحو 7 إلى 8 دولارات للبرميل مقارنة بالأسعار العالمية. وبذلك أصبحت إيران لا تقتصر على كونها مجرد بائعة للمواد الخام، بل باتت في موقع تفاوض ضعيف؛ إذ يمتلك المشتري الصيني خيارات أوسع، ويحصل على تخفيضات أكبر، فيما تضطر إيران إلى المرونة للحفاظ على سوقها المتأثرة بالعقوبات.

وعند مقارنة العلاقات التجارية بين الصين والدول الخليجية الأخرى، يتضح الفارق الكبير لصالح تلك الدول. فعلى سبيل المثال، بلغ حجم التجارة غير النفطية بين إيران والصين حتى مارس 2025 نحو 34.1 مليار دولار، بينما سجلت التجارة بين السعودية والصين في عام 2024 نحو 107 مليارات دولار، منها 53.57 مليار دولار واردات صينية من السعودية، و50.05 مليار دولار صادرات صينية إليها.

الواقع غير القابل للإنكار هو أن العلاقة بين إيران والصين قد تبدو للوهلة الأولى كبيرة واستراتيجية، استناداً إلى أرقام مثل 14.8 مليار دولار من الصادرات غير النفطية الإيرانية و19.3 مليار دولار من الواردات الصينية في عام 2025، لكن عند النظر إلى خصومات النفط، وقوة التفاوض الصينية، وحجم تجارة بكين مع منافسي إيران الإقليميين، تظهر الصورة الحقيقية: إيران هي الطرف الأضعف في هذه المعادلة. وإذا كانت طهران تريد فعلاً التحول من “مورد خام” إلى “شريك متكافئ”، فعليها أن تعيد النظر في توازن العلاقة، وتطالب بحصتها العادلة قبل أن تتحول تبعيتها لبكين إلى أزمة أعمق يصعب الخروج منها، وربما دون وجود بديل واقعي آخر.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

20 − 11 =

زر الذهاب إلى الأعلى