الصحافة الإيرانية: بعد أكثر من عقدين… لماذا لم تحقق الهند تنمية ملموسة في تشابهار؟

يشكل الإعفاء الأميركي الأخير فرصة لإيران لاستقطاب استثمارات جديدة وتفعيل ميناء تشابهار مجدداً، لتعزيز موقعها في طرق النقل الشرق-الغرب والشمال-الجنوب.

ميدل ايست نيوز: أعفت الولايات المتحدة مجدداً ميناء تشابهار الإيراني من العقوبات لمدة ستة أشهر في إطار سياسة الضغط الأقصى على إيران، في خطوة يراها العديد من المراقبين متماشية مع مصالح واشنطن ونيودلهي. ويأتي ذلك في وقت فشلت فيه الهند، خلال أكثر من عقدين من تواجدها في الميناء، في تحقيق تنمية ملموسة نتيجة استثمارات محدودة وأداء ضعيف.

وقالت تقارير اقتصادية، إن وزارة الخارجية الأمريكية كانت قد أعلنت قبل شهرين عن إلغاء الإعفاء الهندي للعمل في تشابهار، وهو قرار كان سيجعل جميع المؤسسات والشركات المرتبطة بالمشروع عرضة لعقوبات قانون “مواجهة توسع وحرية إيران”. ويتيح الإعفاء الجديد، الذي دخل حيز التنفيذ في 29 أكتوبر، فرصة جديدة لنيودلهي لتوسيع تجارتها مع أفغانستان ودول آسيا الوسطى عبر ميناء تشابهار دون الحاجة للمرور عبر الأراضي الباكستانية.

وأثارت صحيفة توسعه إيراني في تقرير لها، التساؤل حول ما إذا كانت الهند حقاً مهتمة بتطوير ميناء تشابهار وتستثمر فيه بما يخدم مصالحها الوطنية، خصوصاً أن تغيير الدور الترانزيتوري للميناء وربط الهند بسهولة بأفغانستان وآسيا الوسطى يتطلب تطويراً ملموساً في المستقبل القريب، وهو ما لم يتحقق حتى الآن، ما يثير الشكوك حول أداء الهند في هذا المشروع.

وترتبط الهند بميناء تشابهار منذ عام 2005، عندما اتفقت طهران ونيودلهي على تطوير هذا الميناء الاستراتيجي على ساحل عمان. وبعد الاتفاق النووي في 2015، وقعت إيران والهند مذكرة تفاهم لتطوير محطة “شهيد بهشتي”، وهو مشروع كان يهدف إلى تحويل تشابهار إلى مركز تجاري إقليمي يسهل وصول الهند إلى أسواق أفغانستان وآسيا الوسطى وحتى روسيا.

ومع ذلك، لم يحرز المشروع تقدماً ملموساً. وتبرر الهند بطء التنفيذ بالعقوبات الأمريكية على إيران، بينما يرى العديد من المراقبين أن مستوى الاستثمار والأداء الهندي لم يكن كافياً لتسريع تطوير الميناء.

في المقابل، استثمرت الصين منذ سنوات أكثر من 50 مليار دولار في ميناء غوادر الباكستاني، الذي يبعد نحو 100 كيلومتر عن تشابهار، ما يعكس الفارق الكبير في مستوى التنمية بين الميناءين. وتجدر الإشارة إلى أن الهند تعهدت، بموجب العقد مع إيران، بتخصيص 120 مليون دولار للمعدات و250 مليون دولار كخط ائتمان لتطوير ميناء تشابهار، إلا أن الأداء الفعلي ظل ضعيفاً خلال السنوات الماضية.

وكانت هناك بعض الاستياءات من الجانب الصيني بشأن الاتفاقية بين إيران والهند، باعتبار أن الهند منافس محتمل للصين، التي كانت ترغب في الاستثمار في تشابهار كجزء من مشاريعها الترانزيتورية، إلا أن الميناء منح للهند منذ نحو عقدين، بينما فضّلت الصين تطوير ميناء غوادر في باكستان لاعتبارات تتعلق بالالتفاف على العقوبات.

ويشكل الإعفاء الأخير فرصة لإيران لاستقطاب استثمارات جديدة وتفعيل ميناء تشابهار مجدداً، لتعزيز موقعها في طرق النقل الشرق-الغرب والشمال-الجنوب. ويعتبر الميناء حلقة مكملة لربط الموانئ الإيرانية بأسواق الخليج والهند وآسيا الوسطى والقوقاز، خاصة مع بطء تنفيذ مشروع الممر الدولي الشمال-الجنوب.

لكن تحقيق هذه الأهداف يتطلب تطويراً حقيقياً للميناء، وهو ما يفرض على إيران وضع معايير واضحة للتقدم، وإن لم تتحقق في المواعيد المحددة، ينبغي إنهاء التعاون مع الهند، إذ إن استثماراتها في تشابهار لم ترتق لمستوى استثمارات الصين في غوادر، وأداؤها خلال العقدين الماضيين لم يكن مقبولاً، وإلا فإن استمرار السيطرة الهندية دون نتائج ملموسة سيخدم مصالح نيودلهي وواشنطن فقط، ويحرم إيران من الاستفادة من قدرة الصين على تطوير الميناء.

اقرأ المزيد

مسؤول إيراني: واشنطن حذّرت الهند من البقاء في ميناء تشابهار والهنود يرضخون للضغوط الأميركية

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

واحد + أربعة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى