العراق يطلق منظومة إلكترونية لتتبع الأدوية: ضبط المنشأ والأسعار ومكافحة التهريب
أعلنت وزارة الصحة العراقية عن دخول مرحلة جديدة في إدارة سوق الدواء بعد اعتماد منظومة إلكترونية وطنية متكاملة لتتبع الأدوية.

ميدل ايست نيوز: أعلنت وزارة الصحة العراقية عن دخول مرحلة جديدة في إدارة سوق الدواء بعد اعتماد منظومة إلكترونية وطنية متكاملة لتتبع الأدوية. وتهدف هذه الخطوة إلى تعزيز الرقابة على مصادر الدواء، وضمان ثبات الأسعار، والحد من تهريبه. ويأتي هذا المشروع في إطار رؤية الحكومة للتحول الرقمي وتحقيق الشفافية في القطاعات الحيوية، وعلى رأسها القطاع الصحي.
ووفق المديرة العامة لدائرة العيادات الطبية الشعبية في وزارة الصحة فاتن محمد جار الله، فإن “المنظومة الجديدة تتضمن ثلاثة أبعاد رئيسية، أولها تحقيق رؤية الحكومة في التحول الرقمي، وثانيها تتبع حركة الدواء من لحظة دخوله إلى المنافذ الحدودية حتى وصوله إلى يد المواطن. أما البعد الثالث، فيتمثل في تثبيت الأسعار وضمان استقرارها في الأسواق”. وأشارت في تصريح لوكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)، اليوم السبت، إلى أن “كل عبوة دواء باتت تحمل لاصقاً يحتوي على رقم تسلسلي فريد يتيح التعرف على جميع تفاصيل المنتج وسعره عبر تطبيق إلكتروني مخصص يعرف باسم (كوديا)”.
وتتيح المنظومة للمواطنين استخدام التطبيق الإلكتروني لمسح رمز اللاصق “استيكر” والحصول على المعلومات الكاملة حول الدواء، فضلاً عن إمكانية الإبلاغ عن المخالفات السعرية أو تقديم شكاوى تتعلق بجودة المنتج أو أعراض جانبية محتملة. وتقول جار الله إن الهدف النهائي للمنظومة هو “أن يحصل المواطن العراقي على دواء آمن وفعال وبسعر ثابت”، مضيفة أن “الوزارة وضعت حتى الآن أكثر من مليار وسبعمائة مليون استيكر لاصق على الأدوية المتوفرة في القطاع الخاص”.
وأكدت أن “المشروع لا يقتصر على تحديد السعر فحسب، بل يشمل منظومة شاملة تبدأ من منافذ الاستيراد وتنتهي عند المستهلك”. وأوضحت المسؤولة أن “أي دواء لا يخضع للفحص في مختبرات الرقابة الدوائية لا يمكن منحه الاستيكر المخصص، ما يعني أن الأدوية المجهولة أو المهربة لن يكون لها وجود قانوني في السوق”، وأن “أسعار الأدوية المحلية والمستوردة في القطاع الخاص أصبحت موحدة وثابتة، وأن المخالفين سيواجهون إجراءات قانونية تشمل الغرامات المالية أو إغلاق الصيدليات غير الملتزمة”.
ويرى مختصون في الشأن الدوائي أن المنظومة الجديدة تمثل تحولاً جوهرياً في إدارة ملف الأدوية بالعراق، بعد سنوات من ضعف الرقابة وتعدد منافذ التهريب والتسعيرات العشوائية. وقال الخبير بالشأن الدوائي عماد الفتلي، لـ”العربي الجديد”، إن “غياب نظام تتبع إلكتروني كان أحد أبرز أسباب انتشار الأدوية المقلدة وارتفاع أسعار المستحضرات في الأسواق وعمليات التهريب الخطيرة”. وأكد أن “العراق كان من بين الدول التي تواجه تحديات في ضبط الأدوية غير المرخصة بسبب ضعف آليات التتبع والمراقبة”. وأشار إلى أن “الخطوة تحتاج إدارة تنفيذية قوية ودعم فني مستمر لضمان نجاحها”، مضيفاً أن “تطبيق النظام بشكل فعلي على جميع المستوردين والموزعين سيسهم في خفض الأسعار تدريجياً ويحد من دخول الأدوية مجهولة المصدر”. وشدد على “ضرورة توفير البنية التحتية التقنية الكافية لتشغيل التطبيق في جميع المحافظات، لا سيما في المناطق البعيدة عن مراكز المدن، إضافة إلى تكثيف الجهود الرقابية والتفتيشية”، مطالباً بأن “تترافق المنظومة مع حملات توعية للمواطنين حول كيفية استخدام التطبيق والتبليغ عن أي تجاوزات”.
وبإطلاق هذه المنظومة، يسعى العراق إلى وضع حد لفوضى سوق الدواء التي لطالما أثارت الجدل، مقدماً نموذجاً في التحول الرقمي للقطاع الصحي، يعزز ثقة المواطن بالدواء المحلي والمستورد، ويضمن له الحصول على علاج آمن وموثوق وبسعر عادل، ومنع عمليات التهريب.



