الصحافة الإيرانية: كيف ستنعكس نتائج الانتخابات العراقية على العلاقات بين بغداد وطهران؟
تشير مصادر سياسية وأمنية عراقية إلى أن الولايات المتحدة لا تسعى فقط لتعزيز نفوذها في بغداد، بل تعمل على إعادة ترتيب المشهد الإقليمي عبر إضعاف العلاقات بين العراق وإيران.

ميدل ايست نيوز: من المقرر أن تُجرى الدورة السادسة من الانتخابات البرلمانية في العراق في 11 نوفمبر الجاري، في حدث يعتبره المراقبون نقطة تحول في توازن القوى الداخلية والإقليمية لبغداد. تأتي هذه الانتخابات بينما يواجه العراق أزمات اقتصادية بسبب تقلب أسعار النفط، وارتفاع معدلات البطالة، وبطء عملية إعادة إعمار البنى التحتية. ومع ذلك، فإن التطورات السياسية الأخيرة تشير إلى أن الأجواء في بغداد أصبحت أكثر تأثراً من أي وقت مضى بالمواقف والتصريحات الأمريكية، التي تعكس رؤية واشنطن لهذه الانتخابات ليس فقط كحدث داخلي، بل كفرصة لإعادة تشكيل هندسة النفوذ في العراق والمنطقة بأكملها.
ظل أميركا الثقيل على بغداد
عشية الانتخابات، تشهد الساحة العراقية تصاعداً في التصريحات والإجراءات الأمريكية التي توصف بأنها تدخلية. ويتصدر هذه التحركات مارك سافایا، المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط، الذي تحدث بنبرة غير مسبوقة عن ضرورة نزع سلاح قوات الحشد الشعبي، مدعياً أن اختيار مسؤولي المناصب السيادية في الحكومة المقبلة – بما في ذلك الرئاسة ورئاسة الوزراء ووزارات الداخلية والدفاع والنفط والمالية ورئاسة البنك المركزي – يقع ضمن دائرة القرار الأمريكي.
حياد بغداد بين واشنطن وطهران
في مواجهة الضغوط الأمريكية المتعلقة بتحديد مصير قوات الحشد الشعبي والفصائل المقربة من إيران، تحاول الحكومة العراقية الحفاظ على توازن دبلوماسي وحياد سياسي. إذ قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين في مقابلة مع قناة العربية إن بلاده “تحرص على استمرار علاقاتها التاريخية والجغرافية مع إيران، وفي الوقت ذاته تسعى إلى تطوير علاقاتها مع الولايات المتحدة، بما يحقق مصلحة العراق”. وأكد أن “بغداد تتبنى موقف الوسيط بين واشنطن وطهران، وليست طرفاً منحازاً”.
ورغم هذه التصريحات الرسمية، يرى مراقبون أن الضغوط الأمريكية لتوجيه نتائج الانتخابات العراقية تتزايد بشكل واضح، في محاولة من واشنطن لتشكيل الحكومة المقبلة بما يتوافق مع مصالحها الإقليمية، مستخدمة أدواتها الدبلوماسية والأمنية والإعلامية لتحقيق هذا الهدف.
محاولة لإعادة هندسة التوازن الإقليمي
تشير مصادر سياسية وأمنية عراقية إلى أن الولايات المتحدة لا تسعى فقط لتعزيز نفوذها في بغداد، بل تعمل على إعادة ترتيب المشهد الإقليمي عبر إضعاف العلاقات بين العراق وإيران. وفي هذا السياق، تُعد مهمة المبعوث الأمريكي مارك سافایا جزءاً من مشروع أوسع يهدف إلى إعادة تعريف التحالفات في المنطقة وتعديل التوازن الأمني على الحدود السورية – العراقية، تمهيداً لوجود أمريكي أكثر انخراطاً في الميدان.
ويرى محللون أن واشنطن تحاول، عبر أدوات مختلفة تشمل الانتخابات والإعلام والضغط العسكري، تقليص نفوذ الفصائل المقربة من طهران واستبدالها بقوى أكثر قرباً من سياساتها وحلفائها الإقليميين. كما حذّر بعض الخبراء من ترتيبات عسكرية جديدة في المنطقة قد تؤدي إلى تصعيد غير مباشر يشمل الأراضي العراقية، في ظل احتمال تنفيذ عمليات منسقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل ضد بعض قوى المقاومة في سوريا أو المناطق الحدودية.
انتخابات تحت الضغط
في ظل هذه المعطيات، يخوض العراق انتخاباتٍ توصف بأنها اختبار حقيقي لاستقلال قراره السياسي، إذ تتقاطع فيها المطالب الشعبية بالإصلاح ومكافحة الفساد مع الضغوط الخارجية لتغيير موازين القوى. وبحسب مراقبين، فإن هذه الانتخابات تمثل تحدياً يتجاوز تشكيل الحكومة المقبلة، لتصبح امتحاناً لسيادة العراق وقدرته على حماية قراره الوطني.
ورغم التدخلات المحتملة، يؤكد المسؤولون العراقيون أن الانتخابات القادمة فرصة لترسيخ الديمقراطية والحفاظ على استقلال البلاد السياسي. وقال وزير الخارجية إن “انتظام العملية الانتخابية في العراق دليل على نضج التجربة السياسية”، مشدداً على أن الحكومة تعمل وفق الدستور لضمان عدم تحول العراق إلى ساحة صراع بين القوى الخارجية.
وفي رسالة واضحة إلى واشنطن، تؤكد بغداد أنها تسعى إلى الحفاظ على علاقات متوازنة مع جميع الدول، بما فيها الولايات المتحدة، على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، لكنها في الوقت ذاته لن تسمح بأن تُتخذ قراراتها المصيرية خارج حدودها.
اقرأ المزيد
الصحافة الإيرانية: ماذا يخفي تعيين مارك سافايا ممثلاً خاصاً للولايات المتحدة في العراق؟



