الصحافة الإيرانية: ما تبعات انضمام كازاخستان إلى اتفاقات إبراهيم بالنسبة لطهران؟

رغم أن انضمام كازاخستان إلى الاتفاقيات الإبراهيمية يحمل طابعاً رمزياً من الناحية الدبلوماسية، فإنه ينطوي على رسائل استراتيجية مهمة بالنسبة لإيران.

ميدل ايست نيوز: يمكن اعتبار انضمام كازاخستان إلى الاتفاقيات الإبراهيمية تحذيراً خطيراً للسياسة الخارجية الإيرانية، إذ يكشف هذا التطور أنه في الوقت الذي تركز فيه طهران اهتمامها الأكبر على ملفات الشرق الأوسط والأزمات التقليدية مثل غزة واليمن والاتفاق النووي، تتشكل في الجهة الشمالية من إيران خريطة جديدة لتوزيع القوى.

وقال موقع دبلوماسي إيراني، إنه في الأيام الأخيرة، ظهرت مؤشرات جديدة على إحياء ما يُعرف بسياسة «الاتفاقيات الإبراهيمية». وكتب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في منصته الاجتماعية “تروث سوشال”: «سنعلن قريباً عن مراسم التوقيع الرسمية، وهناك دول أخرى تسعى للانضمام إلى هذا النادي من القوى». ووفقاً لوكالة رويترز، أكدت حكومة كازاخستان في بيان رسمي أن المفاوضات بشأن الانضمام إلى اتفاقية التطبيع وصلت إلى مرحلتها النهائية. وجاء في البيان: «انضمامنا إلى الاتفاقيات الإبراهيمية هو استمرار طبيعي لسياسة كازاخستان الخارجية القائمة على الحوار والاحترام المتبادل والاستقرار الإقليمي».

وأشار ترامب خلال لقائه الأخير مع قادة الدول الخمس في آسيا الوسطى، وهي كازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان، إلى أن الاتفاق بشأن انضمام كازاخستان قد تمّ إنجازه. وأضاف أن بعض الدول الأخرى على وشك الإعلان رسمياً عن انضمامها إلى هذا الاتفاق. وقد عُقد هذا الاجتماع في البيت الأبيض واعتُبر جزءاً من مساعي واشنطن لاستعادة نفوذها في آسيا الوسطى، وهي منطقة شهدت في السنوات الأخيرة تصاعداً في التنافس بين روسيا والصين. من جانبه، شدد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو على أن «الاتفاقيات الإبراهيمية تتجاوز مجرد تطبيع العلاقات الدبلوماسية، وتمثل نشوء شراكات اقتصادية وأمنية واسعة بين الدول الأعضاء».

انضمام جيران إيران إلى اتفاقات أبراهام: ناقوس خطر في الشمال

رغم أن انضمام كازاخستان إلى الاتفاقيات الإبراهيمية يحمل طابعاً رمزياً من الناحية الدبلوماسية، فإنه ينطوي على رسائل استراتيجية مهمة بالنسبة لإيران. فحتى الآن كانت هذه الاتفاقات محصورة في العالم العربي وفي الجهة الجنوبية من إيران، أما اليوم، ومع دخول دولة من آسيا الوسطى إلى الاتفاق، فإن نطاقه وصل فعلياً إلى الحدود الشمالية لإيران.

ومنذ العام الماضي، تسعى الولايات المتحدة في إطار خطة تعرف بـ C5+1 إلى إعادة تفعيل علاقاتها مع الدول الخمس في آسيا الوسطى، في وقت تحاول فيه كبح نفوذ روسيا والصين في المنطقة. ويأتي انضمام كازاخستان إلى اتفاقات أبراهام ضمن هذا السياق، إذ يمكن أن يفتح الباب أمام مشاركة غير مباشرة لإسرائيل في التفاعلات الأمنية لآسيا الوسطى.

ويرى محللون أن على إيران مراقبة التطورات شمال حدودها بدقة أكبر، لأن هذا الاتفاق، إلى جانب اتفاقات اقتصادية أو أمنية مماثلة، قد يتحول تدريجياً إلى إطار أمني موجه ضدها. كما أن انخراط إسرائيل في تعاون تكنولوجي أو في مجالات الطاقة والدفاع مع الدول الناطقة بالتركية يمكن أن يغيّر التوازن الجيوسياسي على حدود إيران الشمالية. في الواقع، تحوّلت الاتفاقيات الإبراهيمية من مشروع “سلام عربي” إلى آلية لإعادة رسم النظام الإقليمي بقيادة الولايات المتحدة وإسرائيل، ويُعدّ انضمام كازاخستان أول مؤشر على انتقال هذا الاتجاه إلى المجال الحيوي المباشر لإيران.

ضرورة إعادة تعريف سياسة الجوار الإيرانية قبل فوات الأوان

بما أن انضمام كازاخستان إلى الاتفاقيات الإبراهيمية يشكل تحذيراً جاداً للسياسة الخارجية الإيرانية، فهذا يُظهر أنه في الوقت الذي تواصل فيه طهران تركيزها على ملفات الشرق الأوسط التقليدية مثل غزة واليمن والاتفاق النووي، فإن توازن قوى جديداً يتكوّن في شمال البلاد. إن سياسة «الجوار النشط» التي كررها المسؤولون الإيرانيون مراراً باتت بحاجة إلى إعادة صياغة حقيقية. ينبغي لإيران أن تتجاوز مرحلة الشعارات والبيانات وأن تتجه نحو صياغة عقيدة واضحة خاصة بآسيا الوسطى، وهي منطقة لم تعد ساحة تنافس روسي وصيني فحسب، بل ميداناً لدخول الولايات المتحدة وإسرائيل بشكل علني.

وإذا ظلت إيران متفرجة، فقد يتحول هذا الاتجاه إلى إنشاء حزام أمني جديد يمتد من القوقاز إلى آسيا الوسطى، يقوم على تعاون سياسي وأمني بين إسرائيل والولايات المتحدة وتركيا. مثل هذا التطور يمكن أن يضعف سياسة التوازن الإيرانية في شمال وشرق البلاد، ويضيف أعباءً أمنية جديدة على طهران. لذلك، فإن انضمام كازاخستان إلى الاتفاقيات الإبراهيمية ليس مجرد خبر دبلوماسي، بل إشارة واضحة إلى نظام إقليمي جديد يتشكل من دون إيران، وربما ضدها.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة × 1 =

زر الذهاب إلى الأعلى