البنك الدولي ينبه إلى مخاطر ضعف مشاركة نساء المنطقة في سوق العمل

لم يعد بوسع منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الاستمرار في عدم الاستفادة من مساهمة النساء في سوق العمل بما يساعد على حفز النمو وتعزيز الصمود في مواجهة التحولات الديموغرافية التي تلوح في الأفق.

ميدل ايست نيوز: لم يعد بوسع منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الاستمرار في عدم الاستفادة من مساهمة النساء في سوق العمل بما يساعد على حفز النمو وتعزيز الصمود في مواجهة التحولات الديموغرافية التي تلوح في الأفق.

تلك الخلاصة الرئيسية التي انتهى إليها تقرير للبنك الدولي حول المنطقة، قدم في مؤتمر صحافي أمس الثلاثاء بالرباط، تحت عنوان “العمل والنساء: المواهب غير المستغلة والنمو غير المحقق”.

وذهبت روبرتا غاتي، كبيرة الاقتصاديين ومسؤولة المنطقة بالبنك الدولي، إلى أن عدد سكان تلك المنطقة سيرتفع بنحو 220 مليون نسمة في الأعوام الخمسة والعشرين المقبلة، بزيادة تصل إلى 40%، حيث ستسجل ثاني أكبر زيادة على مستوى العالم.

وتوقعت غاتي في المؤتمر الصحافي أن تفضي إزالة العوائق التي تحول دون حصول المرأة على الوظائف التي تتناسب مع مواهبها ورأس مالها البشري على أفضل وجه إلى زيادة نصيب الفرد من الناتج الإجمالي المحلي بنسبة تراوح بين 20 و30% في بلدان مثل مصر والأردن وباكستان، ما يمثل أعلى المكاسب المحتملة على مستوى العالم.

ويشير البنك الدولي إلى أن “امرأة واحدة تقريبا من بين كل خمس نساء فقط تشارك في سوق العمل في مختلف اقتصادات المنطقة، وهي أدنى نسبة في العالم. وما زالت مشاركة المرأة تواجه العديد من التحديات، كالأوضاع الأسرية والأعراف الاجتماعية والأطر القانونية وبطء استجابة القطاع الخاص”.

ويعتبر البنك الدولي أنه مع تجاوز وتيرة نمو السكان في سن العمل لمعدلات خلق فرص العمل، وفي ظل التحولات الديمغرافية التي تتمثل في انخفاض معدلات الخصوبة وتسارع شيخوخة الساكنة، تبرز الحاجة للاستفادة من رأس المال البشري غير المستغل.

ويشدد على أن ذلك سيتأتى عبر توسيع حضور المرأة في سوق العمل. تلك فئة لا يزال متوسط مشاركتها في تلك السوق على مستوى المنطقة الأدنى عالميا، رغم عقود من الاستثمار في تعليم النساء وتخرجهن بمعدلات مساوية أو تفوق تلك التي يحصل عليها الرجال.

ويؤكد تقرير البنك الدولي أن البيانات تكشف عن صورة واقعية مثيرة للقلق، على اعتبار أن نسبة مشاركة النساء في القوى العاملة على مستوى المنطقة هي الأدنى بغض النظر عن مستوى دخل البلد المعني، سواء في المدن أو الأرياف، مع فجوات كبيرة مقارنة بالبلدان ذات الدخل المماثل.

ولاحظ التقرير ارتفاعا في مشاركة النساء في القوى العاملة خلال العقد الماضي في العربية السعودية، من 20 إلى 34%، وهي واحدة من أسرع الزيادات على مستوى العالم، وسجلت زيادات في الجزائر وباكستان وتونس، غير أنه المعدلات لا تزال منخفضة كثيرا قياسا بالبلدان ذات الدخل المماثل.

وأكد تسجيل مصر والمغرب وإيران والأردن تراجعا في مشاركة النساء في القوى العاملة أو حالة من الجمود. فقد شهد المغرب تراجعا من 29% في 2000 إلى 20% في عام 2022.

ويلاحظ التقرير أنه على الرغم من أن معدلات المشاركة ترتفع بشكل كبير مع ارتفاع مستوى التعليم، فإن حضور الحاصلات على تعليم عال في سوق العمل في المنطقة لا تزال أقل مقارنة بالمتوسط العالمي، بل إن معدل مشاركة تلك الفئة انخفض في المغرب من 70 إلى 60%، وفي إيران من 50 إلى 40%، وفي مصر منن 60 إلى 45%.

ويذهب التقرير إلى أن مشاركة المرأة في القوى العاملة تتأثر بالتفاعل المعقد بين الأعراف والتقاليد الاجتماعية المقيدة، والحواجز القانونية والقرارات الأسرية وقوى الطلب على العمالة.

وتشير غاتي إلى الضغط الذي تمارسه الأعراف والتقاليد، حيث تضرب مثلا برجل قد يدعم رغبة زوجته في الحصول على وظيفة، لكنه يخشى النظرة السلبية التي قد يتعاطى بها المجتمع مع ذلك الموقف. ويشير تقرير البنك الدولي إلى أن “انخفاض مشاركة النساء في القوى العاملة له علاقة بالأعراف والتقاليد الاجتماعية المقيدة والقوانين غير المتكافئة التي تقيد رغبة المرأة في العمل وتحد من قدرتها على أدائه، فضلاً عن تراجع الطلب من أرباب العمل والشركات”.

وسجل التقرير أنه في ظل “عدم توفر بلدان في المنطقة على نصوص وأحكام قانونية أساسية تضمن المساواة في الأجور، ومرونة العمل والتنقل الآمن والحماية من التحرش، تعجز النساء عن الحصول على وظائف وفق الشروط نفسها التي تُتاح للرجال”.

ويشدد على أن “القيود المتعلقة بالسلامة والتنقل مثل المخاوف من التحرش والمضايقات وضعف كفاءة وسائل النقل والمواصلات، تمثل إلى جانب خدمات رعاية الأطفال التي تتسم بارتفاع كلفتها أو عدم توفرها أو عدم ملاءمتها عوامل تجعل العمل خارج المنزل عبئاً باهظ الكلفة للنساء”.

ويتصور البنك أن “الحلول الجزئية لن تكون كافية. فعلى سبيل المثال، قد لا يؤدي إلغاء التمييز الذي يمارسه أرباب العمل والشركات إلى تغييرات كبيرة إذا استمرت التقاليد والأعراف الاجتماعية المتعلقة بالأدوار الأسرية وأعباء رعاية الأطفال في تقييد مشاركة النساء في القوى العاملة”.

ويشدد على أن وجود قطاع خاص حيوي وقادر على خلق فرص العمل، ويحفّز مشاركة النساء، ويساهم في الحد من التمييز، ويعمل على تلبية الطموحات، يشكل عاملًا أساسيًا لتحقيق هدف توسيع مشاركة النساء في سوق العمل.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة عشر − ثمانية =

زر الذهاب إلى الأعلى