ارتفاع أسعار الأرز في إيران 40 ضعفًا خلال عقد… ما الأسباب الحقيقية وراء الأزمة؟

تظهر أحدث البيانات الرسمية الصادرة عن مركز الإحصاء الإيراني لشهر أكتوبر 2025 أن متوسط سعر الأرز الإيراني الممتاز في سوق التجزئة وصل إلى حوالي 330 ألف تومان، بينما كان نفس الرقم في أكتوبر 2024 حوالي 130 ألف تومان.

ميدل ايست نيوز: في سوق اليوم، لم يعد الأرز مجرد سلعة غذائية؛ فكل حبة منه تعكس أثر التضخم المتراكم وتراجع القدرة الشرائية والضغوط المعيشية. تظهر أحدث البيانات الرسمية الصادرة عن مركز الإحصاء الإيراني لشهر أكتوبر 2025 أن متوسط سعر الأرز الإيراني الممتاز في سوق التجزئة وصل إلى حوالي 330 ألف تومان، بينما كان نفس الرقم في أكتوبر من العام الماضي حوالي 130 ألف تومان. أي أن سعر هذه السلعة الأساسية تضاعف تقريبًا بمقدار ضعفين ونصف خلال فترة اثني عشر شهرًا.

ولا يقتصر ارتفاع الأسعار على الأرز الإيراني فقط. فقد شهد الأرز الأجنبي الممتاز أيضًا زيادة ملحوظة في الأشهر الأخيرة، حيث تم بيعه في أكتوبر 2025 بمعدل نحو 95 ألف تومان، وهو ما يمثل ارتفاعًا بنحو 8% مقارنة بشهر سبتمبر من نفس العام، وبنحو 90% مقارنة بشهر أكتوبر من العام الماضي. وبهذا المعدل، لم يعد الأرز الأجنبي يمثل البديل الاقتصادي السابق، وأصبح بالنسبة للعديد من الأسر الإيرانية سلعة مكلفة نسبيًا.

ارتفاع أسعار الأرز بأكثر من 140%

وسبق أن أوضح رضا كنكري، رئيس اتحاد تجار المواد الغذائية بالجملة في إيران، في حديثه لوكالة خبر أونلاین، أسباب ارتفاع أسعار الأرز وحالة السوق الراهنة. وأشار إلى أن سعر الأرز الإيراني قد ارتفع بنسبة أكثر من 146% خلال العام الماضي، وقال: «في مثل هذا الوقت من العام الماضي، كان سعر الأرز يتراوح بين 70 و90 ألف تومان. حيث قامت وزارة الجهاد الزراعي لتشجيع الإنتاج المحلي بتحفيز المستوردين على استيراد كيلوغرامين من الأرز الأجنبي مقابل كل كيلوغرام أرز إيراني. وقد أدى هذا الإجراء إلى عمليات شراء ضخمة وجمع البضائع من السوق والمزارعين، ما خلق نوعًا من الاحتكار فعليًا.»

في هذا السياق، توفر المقارنة التاريخية لهذه الأرقام صورة واضحة عن عمق التضخم خلال العقد الماضي. ففي عام 2015، وبحسب بيانات البنك المركزي، كان متوسط سعر كل كيلوغرام من الأرز الإيراني الممتاز حوالي 7,500 تومان، والأرز الأجنبي نحو 4,000 تومان. بمعنى، ارتفع سعر الأرز الإيراني خلال عشر سنوات بأكثر من 40 ضعفًا، والأرز الأجنبي بحوالي 24 ضعفًا. في نفس العام، كان الحد الأدنى لأجور العمال حوالي 712 ألف تومان، وبذلك كان بإمكان أسرة إيرانية شراء نحو 95 كيلوغرامًا من الأرز الإيراني. أما في عام 2025، وبأجر أدنى يبلغ 10 ملايين و390 ألف تومان، فقد أصبحت الأسرة قادرة فقط على شراء 27 إلى 31 كيلوغرامًا من الأرز الإيراني.

ارتفاع سعر الأرز 40 ضعفًا مقابل زيادة الحد الأدنى للأجور 12 ضعفًا

توضح هذه المقارنة البسيطة الفجوة بين الأجور وتكاليف المعيشة بشكل أوضح من أي مؤشر اقتصادي آخر. فخلال العقد الماضي، ارتفع الحد الأدنى للأجور بحوالي 12 ضعفًا، بينما ارتفع سعر الأرز 40 ضعفًا. ونتيجة لذلك، انخفضت نسبة الأرز في سلّة استهلاك الأسر الإيرانية بشكل حاد، واضطر العديد من المواطنين إلى الاستغناء عنه أو استبداله ببدائل أخرى.

تشير التقارير من الأسواق في شمال البلاد، حيث يُنتج الأرز الإيراني، إلى صورة أخرى لهذه الحقيقة المؤلمة. فالمزارعون يقولون إن تكاليف الإنتاج من البذور إلى الأسمدة والآلات تضاعفت عدة مرات في السنوات الأخيرة، مما أدى إلى ارتفاع تكلفة إنتاج الأرز. وفي الوقت نفسه، أدى انخفاض القدرة الشرائية للمستهلكين إلى بقاء جزء من الأرز المنتج لدى البائعين دون بيع.

لماذا ارتفعت أسعار الأرز؟

لكن لماذا شهد سعر الأرز في إيران هذا الارتفاع غير المسبوق مقارنة بالسلع الأساسية الأخرى؟ يرى الخبراء أن هناك ثلاثة عوامل رئيسية: انخفاض مساحة الأراضي المزروعة في بعض المناطق الشمالية بسبب نقص المياه، ارتفاع تكاليف الاستيراد واعتمادها على سعر الصرف، والارتفاع المستمر في تكاليف النقل والتغليف. ووفقًا للفاعلين في السوق، ارتفعت تكلفة إنتاج كل كيلوغرام من الأرز الإيراني هذا العام بما لا يقل عن 60% بسبب زيادة أسعار الوقود، وأجور العمال، ورسوم النقل.

من جهة أخرى، لم ينجُ الأرز الأجنبي من تقلبات السوق العالمية وتغيرات سعر الصرف. وبما أن غالبية الأرز المستورد إلى إيران يأتي من دول مثل الهند وباكستان وتايلاند، فإن التطورات السياسية وقيود التصدير في هذه الدول تؤثر مباشرة على السعر النهائي في إيران. ففي الأشهر الأخيرة، قامت الهند بتقييد تصدير بعض أنواع الأرز غير البسمتي، ما وضع المستوردين الإيرانيين أمام نقص في المعروض وارتفاع الأسعار.

كما كان لارتفاع سعر الصرف تأثير حاسم على سعر الأرز الأجنبي. ففي عام 2015، كان سعر الدولار حوالي 3,300 تومان، بينما تجاوز الآن في السوق الحرة 110 ألف تومان. وقد كان هذا الارتفاع في سعر الصرف أحد الأسباب الرئيسية للزيادة الكبيرة في أسعار الأرز خلال العقد الماضي.

تشير مراجعة اتجاهات الأسعار في الأسواق العالمية أيضًا إلى أنه رغم أن السعر العالمي للأرز ارتفع بحوالي 15% في عام 2024، فإن الزيادة التي بلغت 150% في إيران تعود أساسًا إلى عوامل محلية؛ من تقلبات سعر الصرف وتكاليف النقل، إلى السياسات غير المتناسقة لتنظيم السوق.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

11 − ثلاثة =

زر الذهاب إلى الأعلى