رسالة غير مباشرة إلى طهران.. ماذا يعني قرار مجلس الأمن بشأن غزة لإيران ودورها الإقليمي؟

تشير التحليلات إلى أن القرار 2803 الذي اعتمده مجلس الأمن الدولي قد يكون بداية لعهد جديد في الشرق الأوسط، حيث تتشابك القوة الصلبة والدبلوماسية والمصالح الإقليمية بطريقة معقدة ومؤثرة.

ميدل ايست نيوز: يمثل اعتماد قرار مجلس الأمن رقم 2803 تحولًا مهمًا في قضية غزة، وهو ما لاقى اهتمامًا دوليًا واسعًا وتفسيرات دقيقة في وسائل الإعلام العالمية. يرى محلل في الشؤون السياسية أن هذا القرار ليس مجرد وثيقة قانونية، بل أداة سياسية تهدف إلى تقنين خطة السلام ذات الـ20 بندًا المقترحة من قبل إدارة ترامب، ومنح الشرعية الدولية لتدخل المجتمع الدولي في غزة.

ويشير الصحفي الإيراني أحمد زيد آبادي إلى أن قرار 2803 منح «شرعية قانونية دولية» لخطة ترامب، ما يعني أن تنفيذها يتجاوز مجرد برنامج سلام بسيط؛ إذ نجحت الولايات المتحدة، بمشاركة دول أخرى، في تحميل المجتمع الدولي مسؤولية دعم تنفيذ الخطة. وفي الإعلام الدولي، تُظهر التغطية هذا التوجه بوضوح. فوفقًا لتقرير صحيفة الغارديان، فإن نص القرار «غامض»، لكنه مصمم بدقة لدفع فكرة السلام الدائم، مع الأخذ في الاعتبار النفوذ الروسي والصيني.

هذا الغموض قد يصب في مصلحة الولايات المتحدة، خاصة مع إدراج بنود مثل تشكيل «لجنة سلام تحت إشراف الرئيس الرمزي» ترامب، ما يمنح واشنطن أدوات دبلوماسية لمراقبة إعادة إعمار غزة والسيطرة على الأمن المحلي، بينما يظهر القرار من الخارج كوسيلة لنقل السلطة تدريجيًا إلى الفلسطينيين.

ردود فعل المنطقة وتضارب المصالح

يشير زيد آبادي إلى التباين بين حماس والدول العربية، مؤكدًا: «قرار 2803 هو نتيجة دمج مقترحات عدة دول عربية ومسلمة مع مسودة إدارة ترامب… لذلك فإن معارضة حماس لتنفيذ القرار من غير المرجح أن تستمر».

ويؤكد العديد من الإعلاميين الإقليميين هذا التحليل. ففي حين ترى بعض الدول العربية في القرار فرصة لتعزيز التطبيع مع إسرائيل وزيادة نفوذها في غزة، عارضت حماس القرار في البداية، لكن تكلفة استمرارها في مواجهة ثماني دول عربية ومسلمة – وهي ذات الدول التي ساهمت في صياغة القرار – ستكون باهظة، ولن تصب في صالحها.

تحدي داخلي أمام نتنياهو

وفي مقال له بصحيفة «هم‌ ميهن»، أبرز أحمد زيد آبادي نقاط الضعف السياسية لنتنياهو، مشيرًا إلى أن «الأخير يعلم أن حلفاءه المتطرفين… يخططون لعرقلة تنفيذ القرار».

ويظهر هذا التحليل أيضًا في الإعلام الغربي: قبول نتنياهو بالقرار يمثل خطوة سياسية «معتدلة»، لكنه قد يثير غضب التيارات اليمينية المتشددة. وقد ذكرت الغارديان أن المتشددين الدينيين في إسرائيل «عارضوا بشدة بنود القرار»، ما قد يشكل عقبة حقيقية أمام تطبيقه بالكامل.

في المقابل، يرى محللون دوليون أن اعتماد القرار بدعم من دول مثل السعودية ومصر قد يمنح نتنياهو مزايا سياسية طويلة الأمد، بما في ذلك تعزيز العلاقات الإقليمية، وتقليل الانتقادات الدولية لسياساته، وربما تخفيف الضغط من المحاكم الدولية.

مخاطر وفرص للفلسطينيين

يشير تحليل زيد آبادي إلى أن القرار قد يفتح أفقًا جديدًا للفلسطينيين، لكنه مليء بالتحديات: إعادة إعمار غزة، نقل السلطة إلى الشرطة الفلسطينية، وإجراء انتخابات حرة، كلها وعود كبيرة تتطلب مراقبة واستثمارًا دوليًا.

وتشير بعض وسائل الإعلام إلى أن القرار قد يمنح غزة «فرصة تنفس»، لكنه لا يعني نهاية الصراع. وذكرت الغارديان أن «الغموض في هيكل القوة الدولية المنتشرة» وغياب ضمانات قوية للقرار يجعل بعض الدول والجماعات غير واثقة تمامًا منه.

رسالة إلى طهران

يلاحظ زيد آبادي بواقعية أن إيران لا يمكنها تجاهل هذه التطورات الإقليمية، يقول: رغم تركيزه على فلسطين، يشير القرار 2803 إلى تغيير ميزان القوى في المنطقة، ويتعين على طهران متابعة تحركات الدول العربية والأمريكية بدقة.

ويحذر من أن التطبيع العربي مع تل أبيب تحت ستار تنفيذ القرار قد يضر بالمصالح الفلسطينية، مؤكداً أن على إيران أن تلعب دور «المراقب الاستراتيجي»، ليس فقط كناقد، بل كفاعل يحمي المصالح القانونية للفلسطينيين على الصعيد الدولي.

الوثيقة الجيوسياسية 2803

قرار 2803 ليس مجرد وثيقة سلام، بل وثيقة جيوسياسية تضع اللاعبين الإقليميين في سياق جديد، فالولايات المتحدة تسعى للسيطرة المباشرة على غزة، والدول العربية ترى فرصة للتطبيع والنفوذ، وحماس مضطرة لإعادة تقييم مصالحها الاستراتيجية، ونتنياهو يجب أن يوازن بين اليمين المتطرف الداخلي والضغوط الدولية.

ويشير تحليل زيد آبادي، إلى جانب التغطية الإعلامية العالمية، إلى أن هذا القرار قد يكون بداية لعهد جديد في الشرق الأوسط، حيث تتشابك القوة الصلبة والدبلوماسية والمصالح الإقليمية بطريقة معقدة ومؤثرة.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثمانية عشر + 4 =

زر الذهاب إلى الأعلى