هل تحلية المياه خيار صحيح لمواجهة أزمة الجفاف في طهران؟

أعلن وزير الطاقة الإيراني أنه سيحلّ أزمة المياه عبر توسيع مشاريع التحلية وستصل بلاده إلى المرتبة الأولى في المنطقة في هذا المجال.

ميدل ايست نيوز: بينما تعيش طهران أحد أكثر أعوامها جفافاً، وقد وصلت خزانات السدود التي تغذي العاصمة الإيرانية بالمياه إلى أدنى مستوياتها منذ سنوات، أعلن وزير الطاقة الإيراني أنه سيحلّ أزمة المياه عبر توسيع مشاريع التحلية وستصل بلاده إلى المرتبة الأولى في المنطقة في هذا المجال.

وقال موقع رويداد 24، إن هذا التصريح أثار موجة من الشكوك والأسئلة الجادة بين الخبراء حول ما إذا كانت محطات التحلية قادرة فعلاً على أن تكون حلاً مستداماً لإنقاذ طهران، وما الذي تظهره تجارب دول المنطقة في هذا الشأن.

ويُطرح مشروع توسيع محطات التحلية في وقت لا تملك فيه طهران حدوداً مائية ولا بنى تحتية لنقل كميات ضخمة من المياه من جنوب البلاد؛ وهو مشروع يتطلب، وفق تقديرات الخبراء، استثمارات ثقيلة وخطوط نقل تمتد مئات الكيلومترات. ومع ذلك، تقول وزارة الطاقة الإيرانية إن هذا البرنامج ليس مجرد فكرة سياسية، بل جزء من الواجبات القانونية للدولة.

وأكد عيسى بزرك زاده، المتحدث باسم قطاع المياه، في حديث لوسيلة إعلام محلية أن «خطة التنمية السابعة تنص على الاستفادة سنوياً من 1.770 مليار متر مكعب من مياه البحر والمياه المعالجة. هذا رقم مهم، لكنه لا يزال بعيداً عن مستويات دول جنوب الخليج».

ويضيف: «إجراءات وزارة الطاقة ستسير تماماً وفق هذه الوثائق».

التجارب العالمية… ماذا فعلت دول الجوار؟

وسلكت دول جنوب الخليج طريق تحلية المياه منذ سنوات طويلة، عبر استثمارات ضخمة وآثار بيئية ملحوظة.

فالإمارات اليوم تؤمّن الجزء الأكبر من مياه الشرب عبر مجموعة من مجمعات التحلية العملاقة، وتعدّ من الدول المتقدمة عالمياً في هذا القطاع. أما السعودية فهي أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم، وتدير مشاريع بطاقة تصل إلى ملايين الأمتار المكعبة يومياً. وقطر وعُمان، عبر التوسع الواسع في أنظمة التناضح العكسي، اعتمدتا بنسبة شبه كاملة على مياه البحر.

دفعت هذه الدول كلفة باهظة لتحقيق أمنها المائي، لكنها تختلف عن إيران في نقطة أساسية: شبكات التوزيع وخطوط نقل المياه تقع بمعظمها قرب السواحل، فيما تعتمد إيران على مركزية المدن وبعدها الكبير عن البحر، وخصوصاً العاصمة طهران.

المياه المالحة… التحدي الخفي للتحلية

إلى جانب كلفة الطاقة والنقل، هناك تحدٍّ حساس آخر: المياه الراجعة شديدة الملوحة (Brine). فوفق المعايير الدولية، يُعاد إلى البحر نحو 1.5 متر مكعب من المياه المالحة المركزة مقابل كل متر مكعب واحد من المياه المحلاة.

فإذا وصلت إيران فعلاً إلى هدفها بإنتاج 1.770 مليار متر مكعب من المياه المحلاة سنوياً، فإن كمية المياه الراجعة قد ترتفع إلى نحو 2.6 مليار متر مكعب سنوياً؛ وهي كمية قد تهدد الأنظمة البيئية في الخليج وبحر عُمان بشكل خطير إذا لم تُدار بدقة.

قد يكون هذا المشروع فعالاً للمحافظات الساحلية، لكن طهران تواجه مجموعة مختلفة تماماً من التحديات، من شبكة توزيع متهالكة تتسبب بخسائر مائية كبيرة، وهبوط حاد في مستوى المياه الجوفية، إلى استنزاف مفرط في القطاع الزراعي ونمط استهلاك منزلي بعيد عن المعدلات العالمية منذ سنوات.

في ظل هذه الظروف، لا يمكن الاعتماد على محطات التحلية وحدها لإنهاء «أزمة» مياه العاصمة؛ خصوصاً أن طهران لا تملك ساحلاً ولا إمكانيات لمد خطوط نقل منخفضة الكلفة. يؤكد الخبراء أنه من دون إدارة للاستهلاك، وتدوير لمياه الصرف، وإصلاح لأساليب الري، وتقليل للهدر في شبكة الضخ، لن تكون محطات التحلية سوى «مسكن مؤقت» لا يعالج جوهر المشكلة.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

19 − ثمانية =

زر الذهاب إلى الأعلى