ما مصير استثمار لوك أويل الروسية في العراق؟

ألقت العقوبات الأميركية بظلالها على أعمال ثاني أكبر شركة نفط روسية لوك أويل (خاصة) في العراق، حيث تستثمر حقل "غرب القرنة-2" الذي يعد واحدا من أكبر حقول النفط في العالم.

ميدل ايست نيوز: ألقت العقوبات الأميركية بظلالها على أعمال ثاني أكبر شركة نفط روسية لوك أويل (خاصة) في العراق، حيث تستثمر حقل “غرب القرنة-2″ الذي يعد واحدا من أكبر حقول النفط في العالم، ما اضطر الشركة الروسية لإبلاغ وزارة النفط العراقية بنشوب ظروف قهرية تشكل عقبة أمام مواصلة أعمالها، بينما توقف العراق عن سداد الدفعات لـ”لوك أويل” نقدا أو في شكل حصة من الإنتاج على حد سواء.

مع ذلك، قرر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) التابع لوزارة الخزانة الأميركية يوم الجمعة الماضي، تمديد الترخيص لإجراء المعاملات المتعلقة ببيع أصول “لوك أويل” الدولية حتى 13 ديسمبر/كانون الأول المقبل بدلا من 22 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، ما يزيد من فرص إجراء عملية انتقال سلسة لمشروع “غرب القرنة-2” إلى شركة مشغلة جديدة.

وتتفاوض “لوك أويل” على بيع أصولها الخارجية مع عدة مشترين محتملين، بمن فيهم مجموعة كارلايل الأميركية لإدارة الاستثمارات، وفق ما ذكرته وكالة رويترز في نهاية الأسبوع الماضي. وفي وقت سابق من الأسبوع الجاري، أفادت “رويترز” بأن واحدة من أكبر شركات الطاقة الأميركية شيفرون تنظر هي الأخرى في مختلف خيارات الاستحواذ على قسم من أصول “لوك أويل” الخارجية.

ويرسم الخبير في الجامعة المالية التابعة للحكومة الروسية، ستانيسلاف ميتراخوفيتش، سيناريوين رئيسيين لمصير أصول “لوك أويل” في العراق أولهما بيع مشروع “غرب القرنة-2” ضمن صفقة أوسع تشمل كافة الأصول الخارجية للشركة لمستثمر دولي مثل “كارلايل”، وثانيهما بيع أعمالها في العراق على حدة، ما سيضطرها لمنح اقتطاع أكبر على أصولها.

ويقول ميتراخوفيتش في حديث لـ”العربي الجديد”: “هناك سيناريوان رئيسيان لمصير أصول لوك أويل في العراق، أولهما أن تتمكن الشركة الروسية من بيع أصولها كاملة لمستثمر أجنبي وأن تكون أعمالها في العراق جزءا من هذه الحزمة، وهذا السيناريو هو الأنسب لها. لكن في حال عدم تحقق هذا السيناريو، فإن هناك احتمالا ثانيا يقتضي بيع أصول لوك أويل على أجزاء، وفي هذه الحالة قد تبدي بعض الشركات الأميركية أو الصينية اهتماما بالاستحواذ على غرب القرنة-2، كما يمكن للحكومة العراقية نفسها مواصلة تحقيق المشروع”.

ويتوقع أن يكون ثمن الاستحواذ على “غرب القرنة-2” موضعا للتفاوض مع أي من المشترين المحتملين، بمن فيهم الحكومة العراقية، مضيفا: “ستذكّر لوك أويل بغداد بعلاقة الصداقة والشراكة مع موسكو التي زودت السلطات العراقية بالأسلحة حتى في وقت كان الجيش الروسي نفسه بأمس الحاجة إليها على الجبهة الأوكرانية. كما تتبنى روسيا موقفا متوازنا إزاء القضية الكردية، وهو ما ستطالب روسيا بمراعاته عند إتمام الصفقة المحتملة مع الحكومية العراقية”.

بدوره، يتوقع الخبير بالمعهد المالي التابع للحكومة الروسية، إيغور يوشكوف، هو الآخر مواصلة استثمار مشروع “غرب القرنة-2” حتى في حال انسحاب “لوك أويل”، معتبرا أن تمديد الترخيص الأميركي قد يساعد الشركة الروسية في إيجاد مستثمر يستحوذ على حصتها. ويقول يوشكوف في حديث لـ”العربي الجديد”: “حاليا، تتجه الأمور نحو توقف الإنتاج في ظل تعثر الدفعات إلى لوك أويل عن أعمالها ومباشرة الشركة الروسية العمل على سحب العمالة الأجنبية من المشروع، ولكن حتى في حال تم ذلك، يمكن استئناف الإنتاج بالحقل عبر تغيير الشركة المشغلة للمشروع حاليا بأخرى لا تملك لوك أويل حصة فيها”.

ومع ذلك، يتوقع استمرارا للإنتاج بـ”غرب القرنة-2″ حتى في حال تعليق أعمال “لوك أويل”، مضيفا: “من جانب، بدأت لوك أويل بتعليق أعمالها في العراق، ولكن من جانب آخر، قرر الجانب الأميركي تمديد ترخيص العمل حتى ديسمبر المقبل، ما يخلق ظروفا أفضل ويوفر مهلة أطول للتفاوض مع المشترين المحتملين للأصول العراقية ومواصلة الإنتاج بغرب القرنة-2”.

ويشار إلى أن شركات النفط والغاز الروسية تؤدي دورا مهما في العراق منذ المرحلة ما قبل الغزو الأميركي في عام 2003. وحاليا، أبرز المشاريع الروسية في مجال الطاقة في العراق، إلى جانب استثمارات “لوك أويل” في مشروع “غرب القرنة-2″، مشروع عملاق الغاز الروسي “غازبروم” بحقل بدرة، ومشروع أكبر شركة نفط روسية “روس نفط” (حكومية) في إقليم كردستان العراق. وتقدر القيمة الإجمالية للاستثمارات الروسية في العراق بأكثر من 19 مليار دولار يتركز جلها في قطاع الطاقة.

إلا أن التوسع الطاقي الروسي حول العالم يثير حفيظة الغرب الذي يسعى لإضعاف الاقتصاد الروسي وقطع العوائد المالية عن الخزينة الروسية التي تستخدم مواردها لتمويل الحرب في أوكرانيا. وأعلن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عن فرض عقوبات جديدة على روسيا. وفي وقت تقتضي فيه الحزمة الـ19 من العقوبات الأوروبية حظر استيراد الغاز الطبيعي المسال روسي المنشأ اعتبارا من عام 2027، شملت العقوبات الأميركية أكبر شركتي نفط روسيتين، “روس نفط” الحكومية و”لوك أويل” الخاصة، وسط سعي واشنطن لثني الصين والهند عن مواصلة شراء النفط الروسي والضغط على موسكو لوقف أعمال القتال في أوكرانيا.

وقد زادت العقوبات الغربية من معدل الاقتطاعات التي تمنحها روسيا على نفطها “يورالز”، إذ تشير بيانات وكالة أرغوس الدولية للأسعار إلى انخفاض أسعار النفط الروسي بالموانئ الروسية إلى أقل من 40 دولارا للبرميل في نوفمبر الجاري، فيما يعد أدنى مستوى لها منذ ربيع عام 2023.

ورغم أن لوك أويل توصلت إلى اتفاق أولي مع شركة غونفور العالمية للطاقة للاستحواذ على كامل أصولها الخارجية، إلا أن هذه الأخيرة سحبت عرضها بعد إعلان وزارة الخزانة الأميركية أنها لن تصدر لها ترخيصا لمزاولة الأعمال ما لم تتوقف أعمال القتال في أوكرانيا. وعلى إثر ذلك، واصلت أسهم لوك أويل تراجعها في تعاملات بورصة موسكو في الأسبوع المنصرم، مسجلة انخفاضا إلى أدنى مستوى منذ أكثر من عامين.

يذكر أن أصول لوك أويل الخارجية تشمل سلاسل محطات التموين بالوقود في 20 بلدا وثلاث مصاف في أوروبا ومصانع زيوت في النمسا وفنلندا، وتشارك في مشاريع نفطية في عدد من الدول، بما فيها العراق ومصر والإمارات، ولكنها قررت بيع أصولها الخارجية بعد فرض العقوبات الأميركية.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اثنا عشر − 11 =

زر الذهاب إلى الأعلى