العراق يحصن حدوده بشبكة دفاعية متكاملة مع دول الجوار

أكدت قيادة قوات الحدود في البلاد تنفيذ خطة واسعة لتحصين الحدود مع دول الجوار، مؤكدة إنشاء شبكة دفاعية متكاملة تهدف إلى إنهاء عمليات التسلل والتهريب.

ميدل ايست نيوز: في خطوة تعد من أبرز التحولات الأمنية في العراق في الأعوام الأخيرة، أكدت قيادة قوات الحدود في البلاد تنفيذ خطة واسعة لتحصين الحدود مع دول الجوار، مؤكدة إنشاء شبكة دفاعية متكاملة تهدف إلى إنهاء عمليات التسلل والتهريب، وتعزيز الاستقرار الأمني في المناطق الحدودية، التي شكلت لسنوات مصدر تهديد مباشر للأمن الداخلي.

تأتي هذه التحركات بعد سنوات من الهشاشة الحدودية التي سمحت بعمليات تسلل وشحنات تهريب عبر منافذ غير محكمة، ما أسهم في ارتفاع وتيرة العنف، خصوصاً في المناطق المتاخمة للحدود مع سورية وإيران، وتؤكد السلطات العراقية أن المشهد تغير جذرياً مع دخول منظومات التحصين الجديدة حيز التنفيذ، في مؤشر واضح على تبدل أولويات الدولة باتجاه ضبط الحدود بوصفه جزءاً أساسياً من الأمن القومي.

ووفقاً لبيان لقيادة قوات الحدود العراقية، نقلته وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)، فإن “أعمال إنشاء التحصينات على الحدود العراقية السورية انطلقت عام 2022، على امتداد شريط حدودي يبلغ طوله أكثر من 618 كيلومتراً”، موضحة أنه “تم إكمال نحو 350 كيلومتراً من الجدار الأمني الخرساني حتى الآن، فيما تتواصل الجهود لإغلاق جميع الثغرات المتبقية منعاً للتسلل والتهريب”.

وأضافت، أن “الجدار الكونكريتي يتم تدعيمه بمنظومة موانع متعددة، تشمل خندقاً شقياً بعرض 3 أمتار وعمق 3 أمتار، وساتراً ترابياً بارتفاع 3 أمتار، ومانعاً منفاخياً رباعي الطبقات، وسياجاً (BRC) معدنياً، إضافة إلى أبراج مراقبة عن بعضها البعض كيلومتر واحد، مجهزة بكاميرات حرارية متطورة مرتبطة بمنظومة مراقبة مركزية”، وبينت أن “التحصين الحدودي لا يعتمد على السور الخرساني فقط، بل يشمل شبكة دفاعية متكاملة تتضمن خنادق، وأسلاكاً شائكة، ومنظومات إنذار مبكر، فضلاً عن استخدام كاميرات حرارية عالية الدقة وأجهزة مراقبة ليلية ونهارية تعمل على مدار الساعة”.

وأشارت إلى أن “القيادة مستمرة في استكمال التحصينات بالتعاقد مع الشركات، وبالاعتماد على المعمل الكونكريتي التابع لقيادة قوات الحدود، والذي ينتج يومياً نحو 200 قطعة كونكريتية ضمن مواصفات فنية عالية، ما ساهم في تقليل كلفة المشروع بفضل الكوادر الهندسية الوطنية”.

وتنفذ تلك التحصينات أيضاً على الحدود مع إيران والأردن والسعودية والكويت وتركيا، ولكن بدرجات متفاوتة تبعاً للتهديدات الأمنية في كل منطقة، مبينة “مع إيران، توجد في بعض المناطق خنادق شقية، وموانع منفاخية، وسياج BRC، فيما تستمر أعمال التحصين وفق الحاجة الميدانية”.

وأكدت، أنه “تم افتتاح مركز المراقبة والسيطرة الجديد في مقر القيادة ببغداد، والذي يتسع لإدارة ومتابعة 1000 كاميرا مراقبة”، مبينة أن “الحدود العراقية تضم حالياً 975 كاميرا حرارية يتم ربط بثها مباشرة بالمركز الرئيسي”.

وأضافت، أن “المركز يمتلك القدرة على التحكم بالكاميرات عن بعد، من حيث التوجيه والتسجيل وإدارة الذاكرة، فضلاً عن وجود أفواج فنية مختصة بالكاميرات في كل لواء حدودي”، مشيرة إلى أنه “تم تطوير منظومات الاتصالات بحيث يمكن لمقر القيادة في بغداد التواصل مباشرة مع أصغر نقطة حدودية، بما في ذلك الملاحق المنتشرة على طول الحدود مع دول الجوار”.

كما تعاقدت قوات الحدود مع هيئة التصنيع الحربي لشراء أكثر من 35 طائرة مسيرة بمدى يصل إلى 80 كيلومتراً، سيتم توزيعها على مختلف قواطع الحدود لتعزيز القدرة على الرصد والاستجابة السريعة.

جاهزية أمنية هي الأعلى منذ سنوات

من جهته، أكد ضابط في قيادة الحدود العراقية، أن الجاهزية الحالية على الحدود تعد الأعلى منذ سنوات، وقال مشترطاً عدم ذكر اسمه، أن “التوجيهات الصادرة تشدد على منع أي عملية تسلل مهما كان حجمها، عبر مضاعفة المراقبة ورفع مستوى الاستجابة وتفعيل الدوريات المشتركة”.

وأضاف الضابط أن “القوات المنتشرة على طول الحدود تعمل بتناغم مع منظومات المراقبة والكاميرات والطائرات المسيرة، وهو ما قلص عملياً فرص التسلل إلى مستويات شبه معدومة”.

التحصين خفض العنف وقطع خطوط الإمداد

ويرى الخبير الأمني، عبد الرزاق الجبوري، وهو ضابط برتبة لواء في الجيش العراقي السابق، أن الخطوات العراقية الأخيرة “أحدثت تحولاً واضحاً في خريطة الأمن”، موضحاً أن “البلاد عانت في السنوات السابقة أعمال عنف خطيرة بسبب عدم ضبط الحدود، خاصة مع إيران وسورية، وأن الخطوات الأخيرة التي اتخذت لتحصين الحدود أسهمت في تراجع أعمال العنف بشكل ملحوظ، لأنها قطعت أهم خطوط الإمداد التي اعتمدت عليها التنظيمات المتطرفة والمجاميع التي تعمل بالتهريب”.

وأضاف أن “المشروع، رغم كلفه المالية الكبيرة، إلا أنه يعد استثماراً طويل الأمد في الأمن الوطني، ويمنح القوات العراقية القدرة على السيطرة على حدود واسعة ومعقدة التضاريس”. وفي مطلع عام 2024، أعلنت بغداد المباشرة بمشروع تعزيز أمن الحدود مع سورية ضمن محافظات الأنبار ونينوى.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عشرين − 3 =

زر الذهاب إلى الأعلى