بغداد تضع خطة لاستعادة آخر مواطنيها من مخيم الهول السوري

كشف مسؤول أمني عراقي رفيع في العاصمة بغداد أن بلاده وضعت خطةً زمنيةً لا تتجاوز ثلاثة أشهر لاستعادة جميع العراقيين الموجودين في مخيم الهول السوري.

ميدل ايست نيوز: كشف مسؤول أمني عراقي رفيع في العاصمة بغداد، لموقع “العربي الجديد”، أن بلاده وضعت خطةً زمنيةً لا تتجاوز ثلاثة أشهر لاستعادة جميع العراقيين الموجودين في مخيم الهول السوري، ضمن إجراءات متسارعة تتخذها بغداد لإغلاق هذا الملف الذي تتعامل معه بطابع أمني. وأشار المسؤول إلى أن مستشارية الأمن القومي ووزارة الهجرة استعادتا خلال اليومين الماضيين أكثر من 240 أسرة عراقية كانت تقيم في المخيم، وجرى نقلها برّاً إلى داخل الأراضي العراقية في محافظة نينوى، وتحديداً إلى مخيم الجدعة جنوبي الموصل.

ويضمّ مخيم “الهول” السوري، الذي يبعد نحو 13 كيلومتراً عن الحدود العراقية، آلاف الأسر من أكثر من 20 جنسية عربية وأجنبية، وتشرف على إدارته “قوات سوريا الديموقراطية” (قسد)، إلى جانب سجن يضم الآلاف من مسلحي تنظيم “داعش”. وتشكّل الجنسية العراقية غالبية سكان المخيم، بأكثر من 24 ألف عراقي، يتوزّعون بين أسر مرتبطة بأعضاء من تنظيم “داعش” وأخرى نزحت بسبب المعارك على الحدود العراقية السورية. غير أن التعجيل العراقي في هذا الملف، بعد سقوط نظام بشار الأسد العام الماضي، أسهم في خفض أعدادهم إلى بضع آلاف فقط، عقب نقل 31 دفعة متتابعة إلى العراق خلال الأشهر الماضية.

ووفقاً للمسؤول الأمني، الذي طلب عدم الكشف عن هويته لكونه غير مخوّل بالتصريح، فإن من جرى نقلهم مؤخراً يمثلون أحدث دفعة تصل إلى العراق، ويبلغ إجمالي أفرادها نحو 900 شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال. ولفت إلى وجود آلية تدقيق أمني مشددة لفحص سجلات جميع العائدين، موضحاً أن من يثبت امتلاكه قيداً جنائياً يُحوَّل مباشرة إلى الجهات القضائية فور وصوله إلى العراق.

وأشار المسؤول إلى أن بغداد تُمارس ضغوطاً وتُجري اتصالات مع دول عدة لاستعادة مواطنيها من المخيم، باعتباره بؤرةً مشجعةً على التطرف والإرهاب، ولا يجوز أن ينشأ الأطفال في مثل هذه البيئة. كذلك يخضع جميع العائدين إلى العراق لدورات وورش تأهيل نفسي ومجتمعي، قبل إعادتهم إلى مناطق سكنهم الأصلية التي نزحوا منها قبل عام 2014، حين اجتاح تنظيم “داعش” البلاد، مؤكداً أنه لم تُسجَّل حتى الآن أي مشكلات أمنية تتعلق بالعائدين.

ويرى الخبير بالشأن الأمني والسياسي العراقي، أكرم عبد الكريم السعدي، في حديثه لـ”العربي الجديد”، أن التسريع العراقي في إنهاء ملف مخيم الهول واستعادة مواطنيه يأتي ضمن أهداف التحالف الدولي ضد تنظيم “داعش”، بقيادة الولايات المتحدة. وأضاف أن واشنطن ترغب في تفكيك سجن الصناعة، الذي يحتجز الآلاف من عناصر التنظيم، وكذلك مخيم الهول، قبل اتخاذ أي خطوة نحو انسحاب قواتها من شرق سورية أو العراق، باعتبار استمرار وجود هذين الموقعين يشكل بيئة تهديد أمنية.

وأشار السعدي إلى أن سقوط نظام الأسد واتساع المخاوف من توترات محتملة بين الحكومة السورية الجديدة وقوات “قسد” وما قد يترتب على ذلك من تداعيات على العراق، أسهمت جميعها في تسريع عودة العراقيين. لكنه أوضح أن أعداداً أكبر من العراقيين ما زالت تقيم خارج مخيم الهول، في إدلب وريف حلب، وهم بحاجة إلى تنسيق دولي لاستعادتهم أيضاً، على غرار برنامج إعادة نازحي الهول.

وكان وكيل وزارة الهجرة العراقية، كريم النوري، قد صرّح أمس الثلاثاء بأن العراق استعاد خلال الفترة الماضية نحو 20 ألف عراقي من مخيم الهول، فيما لا يتجاوز عدد من تبقى هناك 4 آلاف شخص. ونقل التلفزيون الرسمي العراقي عن النوري قوله إن المخيم يشكّل “بؤرة خطيرة تستثمرها عصابات داعش الإرهابية لتنمية الفكر المتطرف، ما يجعله قنبلة موقوتة تهدد أمن المنطقة والعراق”، مبيناً أن بقاء هؤلاء في منطقة معزولة يجعلهم “أرضاً خصبة لغسل الدماغ”.

وأضاف النوري أن خطوة الحكومة العراقية بإعادة مواطنيها ممن لا توجد عليهم مؤشرات أمنية تعبّر عن “موقف وطني وإنساني”، مشيراً إلى أن إجمالي من جرت استعادتهم تجاوز 20 ألف شخص، وأن العدد المتبقي داخل المخيم يقل عن 4 آلاف، وهو رقم “قليل مقارنة بالأعداد السابقة”. وشدد على أن مواجهة الفكر المتطرف تكون عبر فكر الاعتدال، من خلال برامج تأهيلية تستهدف النساء والأطفال، وبمشاركة أكثر من 13 منظمة دولية، إلى جانب جهات أمنية ووزارة الصحة ومستشارية الأمن القومي.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

16 − 1 =

زر الذهاب إلى الأعلى