الصحافة الإيرانية: هل اقتربت نهاية مادورو؟

لا تملك فنزويلا كثيراً من الحلفاء المخلصين دولياً. ورغم أنها حليف وثيق لروسيا والصين وتدافع عن سياساتهما عالمياً، فإن مواقفهما حتى الآن لم تتجاوز تصريحات لفظية غير حازمة.

ميدل ايست نيوز: تكشف حالة الاستقطاب الحاد بين مؤيّدي ومعارضي حكومة مادورو في فنزويلا سؤالاً مصيرياً: هل سيقود سقوط محتمل للنظام عبر تدخل عسكري محدود إلى ولادة استقرار سياسي جديد، أم أنّ البلاد ستُدفع إلى هاوية الفوضى وصراعٍ أهلي؟

وقال الصحفي الإيراني والخبير في الشؤون السياسية أحمد زيد آبادي، في مقال نشرته صحيفة هم ميهن، إنه قبل وصول “البوليفاريين” إلى السلطة، كانت فنزويلا تُقدَّم عادةً كنموذجٍ يفنّد نظرية “استحالة الديمقراطية” في الدول الكبرى المصدّرة للنفط. لكن البوليفاريين، خلال فترة حكمهم، استخدموا أموال النفط لإضعاف أسس الديمقراطية، وأسقطوا بذلك أهم دليل على إمكانية قيام الديمقراطية في دولة نفطية.

نيكولاس مادورو، خليفة هوغو تشافيز، أجرى انتخاباتٍ لم تعترف بها هيئات دولية مرموقة ولا العديد من دول العالم بوصفها حرة ونزيهة، ما وضع شرعية حكومته في موضع شك. هذا الضعف في الشرعية شكّل ذريعة للرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي اتّهم حكومة مادورو بـ“الإرهاب المرتبط بالمخدرات”، وسعى إلى إسقاطها.

يتهم ترامب حكومة مادورو بإنتاج المخدرات وتهريبها إلى الولايات المتحدة، ويفرض على فنزويلا أقسى الضغوط الشاملة تحت عنوان “الدفاع عن الأمن القومي الأميركي”.

يبدو أن ترامب يحاول في خطوته الأولى زيادة الضغط لإقناع مادورو بالتنحي ومغادرة البلاد طوعاً. وتشير تقارير إعلامية أميركية إلى أنّ اتصالاً هاتفياً جرى بينهما الأسبوع الماضي من دون نتيجة، إذ يُقال إن مادورو طلب ضمانات واسعة لمسؤولي حكومته، لكن ترامب رفض وطالبه بمغادرة سريعة للبلاد.

وإذا لم تؤدِّ الضغوط الحالية إلى تنحي مادورو، فمن المحتمل أن يلجأ ترامب إلى القوة لإسقاطه. ولأن ترامب لا يريد جرّ الولايات المتحدة إلى حربٍ طويلة، فهو يعوّل على تنفيذ ضرباتٍ جوية محدودة ترافقها عملية برية صغيرة كفيلة—من وجهة نظره—بإنهاء حكم مادورو.

مع ذلك، فإن حكومة مادورو ليست بلا أنصار داخل فنزويلا؛ فهناك شرائح اجتماعية استفادت من توزيع عائدات النفط وتدافع عن الحكومة. على الجانب المقابل يقف معارضون كثر، أرهقهم تدهور الديمقراطية والاقتصاد وتصاعد القمع، حتى أن بعضهم يدعو علناً الولايات المتحدة إلى إسقاط حكومتهم.

من بين هذه الأصوات المعارضة ماريا كورينا ماتشادو، إحدى أبرز قيادات المعارضة والفائزة بجائزة نوبل للسلام هذا العام، والتي أعلنت بوضوح دعمها لهجوم أميركي على فنزويلا لإسقاط مادورو، ما أثار اعتراضات واسعة لدى الأوساط اليسارية حول العالم.

في الحقيقة، يثير انقسام الشارع الفنزويلي سؤالاً محوريّاً: هل سيؤدي سقوط مادورو—في حال حدوثه عبر تدخل عسكري محدود—إلى استقرار سياسي جديد، أم سيغرق البلاد في فوضى وصراع داخلي؟

الإجابة على هذا السؤال ليست سهلة، لكن يبدو أن مسؤولي البيت الأبيض يعتقدون أن إزاحة مادورو وفريقه ستفقد قاعدته الاجتماعية إرادة المقاومة، ما يتيح للمعارضة، بدعم أميركي، ملء الفراغ وفرض النظام والاستقرار. ويبقى الجانب القانوني الدولي لهذا التدخل موضع نقاش بين الخبراء.

ومن الواضح أن الولايات المتحدة لا تُعير الكثير من الاهتمام لقواعد القانون الدولي في هذا الملف، بل تتصرف بوصفها مفسّراً ومنفّذاً له في آن واحد. هذا السلوك يثير قلق بعض الدول، لكن ليس بالقدر الذي يدفعها للتحرك دفاعاً عن حكومة مادورو.

لا تملك فنزويلا كثيراً من الحلفاء المخلصين دولياً. ورغم أنها حليف وثيق لروسيا والصين وتدافع عن سياساتهما عالمياً، فإن مواقفهما حتى الآن لم تتجاوز تصريحات لفظية غير حازمة. ويُفهَم من سلوكهما أنهما لا ترغبان في مواجهة الولايات المتحدة بشأن منطقة الكاريبي التي لا تشكّل أهمية استراتيجية كبرى بالنسبة لهما.

بدل ذلك، يبدو أن موسكو وبكين أكثر حرصاً على إدارة علاقاتهما مع واشنطن؛ فالكرملين يجري مفاوضات علنية وسرية مع الأميركيين لإنهاء حرب أوكرانيا ويحاول إرضاء ترامب ليدفعه نحو تسوية مناسبة له، فيما تسعى الصين لاتفاق اقتصادي يخفف حرب الرسوم الجمركية.

في ظل هذا المشهد، من غير المرجح أن يحصل مادورو على دعم كبير من موسكو أو بكين في صراعه مع الولايات المتحدة.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ستة − 3 =

زر الذهاب إلى الأعلى