هل يشكل اجتماع مجلس المحافظين في نوفمبر نقطة انعطاف في مسار تعامل الوكالة مع إيران؟

أي خطوة لإعادة الملف إلى وضعه الخاص قد تدفع طهران نحو مستوى أدنى من التعاون مع الوكالة. بينما يوفر الغموض القائم حالياً فرصة لإبقاء التوازن وتجنب ضغوط إضافية.

ميدل ايست نيوز: اجتمع ممثلو إيران وروسيا والصين مع المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي في فيينا، قبل انعقاد الاجتماع المقبل لمجلس المحافظين، وبحثوا جدول أعمال الجلسة. حيث أكد ميخائيل أوليانوف، ممثل روسيا، عقب اللقاء أن إيران وروسيا والصين يشكلون الأطراف الأساسية والفاعلة في ملف إيران النووي، وهم الذين يقررون فعلياً مسار التطورات.

في الوقت نفسه، بحث سيرغي لافروف وعباس عراقجي، وزيرا خارجية روسيا وإيران، وضع الملف النووي الإيراني في مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وشددا خلال الاتصال على التزام البلدين بالتنفيذ غير المشروط لاتفاق الشراكة الاستراتيجية الشاملة بينهما، الذي دخل حيز التنفيذ في الثاني من أكتوبر.

وقالت صحيفة شرق في تقرير لها، إنه على الجانب الآخر، عقد وزراء خارجية الترويكا الأوروبية (ألمانيا وفرنسا وبريطانيا)، اجتماعاً ثلاثياً على هامش قمة مجموعة السبع لمناقشة البرنامج النووي الإيراني. وقالت الخارجية الألمانية إن وزيرها أكد أن تفعيل آلية «سناب باك» لا يلغي مسؤولية إيران عن توفير شفافية حقيقية في برنامجها النووي.

ومن المقرر أن يعقد مجلس محافظي الوكالة اجتماعه الجديد بين 18 و20 نوفمبر في فيينا، حيث ستحتل قضية البرنامج النووي الإيراني أحد أبرز بنود جدول الأعمال. وقد شكّل اللقاء السابق فرصة لتنسيق المواقف بين الدول الثلاث ورسم إطار التقرير المرتقب للوكالة.

لماذا الاجتماع المقبل مهم؟

يحمل الاجتماع القادم لمجلس المحافظين أهمية مضاعفة لأنه الأول بعد انتهاء العمل بقرار مجلس الأمن 2231 وتفعيل آلية «سناب باك» من جانب الترويكا الأوروبية. وقد أديا هذان التطوران، مع اختلاف مواقف القوى المعنية، إلى تشكيل وضع معقد وغير مسبوق.

ترى إيران وروسيا والصين أن انتهاء القرار 2231 يعني أن الملف النووي الإيراني يجب أن يعود إلى وضعه العادي دون تعامل استثنائي، بينما ترى الدول الأوروبية والولايات المتحدة أن «سناب باك» دليل على أن الملف ما زال يتطلب معالجة خاصة. هذا التضارب خلق حالة من الضبابية القانونية والسياسية، وجعل طريقة تعامل غروسي والوكالة تحت المجهر، إذ قد يؤثر تقريره على مسار التعاون بين إيران والوكالة.

وتؤكد الصين وروسيا، بصفتهما عضوين دائمين في مجلس الأمن، أن القرارات السابقة لم تعد قائمة، في حين تتمسك الترويكا الأوروبية والولايات المتحدة بموقف معاكس. وقد أدى هذا الوضع إلى فراغ قانوني غير مسبوق يجعل تحديد مصير الملف أكثر تعقيداً. يبرز ذلك في الرسالة المشتركة التي وجهتها إيران وروسيا والصين في 28 أغسطس ثم في 18 أكتوبر إلى رئيس مجلس الأمن، والتي شددت على أن إعادة إحياء القرارات الملغاة غير قانوني ولا يرتب أي التزام دولي.

وبناءً على ذلك، يحمل اجتماع مجلس المحافظين أبعاداً سياسية إلى جانب أهميته القانونية. فطريقة صياغة تقرير الوكالة، وإمكانية إحالة الملف مجدداً إلى مجلس الأمن، وردود الدول الأعضاء، جميعها عوامل قد تحدد اتجاه الضغوط الغربية أو مسار التفاهمات الدبلوماسية مع إيران.

وتملك روسيا والصين القدرة على منع فرض عقوبات جديدة أو عرقلة عمل لجان العقوبات، في حين يسعى الغربيون إلى استخدام الملف كورقة ضغط سياسية. وفي هذا السياق، يمكن لإيران، عبر الالتزام بتعهداتها وفق اتفاق الضمانات والتصرف بواقعية، أن تقلل من الضغوط القانونية والسياسية، وتحافظ على شكل من أشكال التعاون المحدود مع الوكالة.

مع ذلك، فإن أي خطوة لإعادة الملف إلى وضعه الخاص قد تدفع طهران نحو مستوى أدنى من التعاون مع الوكالة. بينما يوفر الغموض القائم حالياً فرصة لإبقاء التوازن وتجنب ضغوط إضافية.

إن انتهاء الاتفاق النووي والخلافات التي تلت تفعيل آلية الزناد أدخلا العلاقات بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية مرحلة من الشكوك. إذ لا توجد اليوم قواعد واضحة حول كيفية تفتيش المنشآت التي تعرضت لأضرار أو هجمات، وهو فراغ قانوني يفسر حذر إيران تجاه نوايا الوكالة.

وترى طهران أن بعض المعلومات التي جمعتها فرق التفتيش وصلت سابقاً إلى جهات معادية واستُخدمت في عمليات تخريب، ما يجعل تحفظها في التعاون الميداني أمراً طبيعياً. وفي المقابل، تؤدي اختلافات الدول الأعضاء في مجلس المحافظين حول كيفية التعامل مع الملف إلى خلق أجواء متوترة قبل الاجتماع المقبل.

وعلى ضوء هذا، يمكن لأي تقرير أو موقف يصدر عن غروسي أن يكون له تأثير مباشر على مستوى التعاون بين إيران والوكالة، وأن يرسم المسار المستقبلي لهذا الملف الحساس.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

14 + عشرة =

زر الذهاب إلى الأعلى