إيران.. سوق نشطة لبيع أجهزة تعدين العملات المشفرة، ما هي الأسعار؟
رغم تحذير الحكومة الإيرانية من أن أجهزة تعدين العملات المشفرة تفاقم من أزمة الكهرباء في البلاد، تنتشر آلاف الإعلانات لبيعها دون أي تضييق أو ملاحقة قانونية.

ميدل ايست نيوز: في كل عام تحذّر وزارة الطاقة الإيرانية من نقص محتمل في الكهرباء، وفي الوقت نفسه تهدد بشكل متكرر بملاحقة «معدني العملات الرقمية غير المرخّصين». ومع ذلك، يستمر سوق بيع وشراء أجهزة التعدين في إيران بشكل علني؛ سوقٌ يُفترض أنه غير قانوني على الورق، لكنه حاضر بالكامل أمام المشترين في صفحات البيع عبر الإنترنت وحتى في بعض متاجر المعدات الرقمية.
وقال موقع ديده بان إيران، إنه بموجب القانون الإيراني، يُعد استخراج العملات الرقمية دون الحصول على ترخيص ودون استخدام الكهرباء المخصّصة لذلك أمرًا غير قانوني. كما أعلنت وزارة الطاقة مرارًا عن مكافآت مالية للمبلّغين عن مراكز التعدين غير المرخّصة، ووفق القرار الجديد تُحتسب مكافأة الإبلاغ عن كل جهاز بمليون ونصف المليون تومان، وترتفع قيمة المكافأة الإجمالية حتى 300 مليون تومان. وقد تم اعتماد هذا الإجراء بهدف رفع دافع الإبلاغ الشعبي ومنع النشاط غير القانوني وتعزيز الشفافية في مواجهة المخالفات. غير أن هذه القيود لم تُضعف ازدهار السوق.
ففي أحد المواقع مثلاً يخاطب باعة أجهزة التعدين زبائنهم بثقة: «الأجهزة موجودة… ولدينا طريق قانوني وطريق غير قانوني. الاختيار لك». فما عليك سوى تصفح مواقع الإعلانات أو قنوات تلغرام؛ سوق بيع أجهزة التعدين ما يزال نابضًا كعادته. وببحث قصير عبر الإنترنت، تظهر عشرات الصفحات والمواقع التي تبيع أجهزة التعدين، من مواقع بيع معروفة إلى مواقع مرتبطة بمتاجر في مختلف أنحاء البلاد.
وخلال اتصال هاتفي مع أحد باعة أجهزة التعدين، قال لنا إنه يمكنه أيضًا «توفير ورقة قانونية» للجهاز.
ادفع لتحصل على الترخيص
هذا البائع قال لـ«دیده بان ایران» إن الأجهزة المخصّصة للاستخدام المنزلي لا تمتلك ترخيصًا، ولا يمكن استخدامها بشكل قانوني، وعلى المشتري أن يحرص على وضعها في مكان لا يلفت الأنظار. وبخصوص جودة الأجهزة، يؤكد أن لديه أجهزة «مستعملة وجديدة»، وأن جميعها جيدة «ومجرّبة» ونسبة أعطالها قليلة جدًا.
وعن الأسعار قال: «هناك أجهزة تبدأ من عشرين مليون تومان فما فوق، لكن جهاز العشرين مليونًا بات في نهاية عمره واحتمال تعطّله مرتفع. على سبيل المثال، جهاز بسعر 43 مليون تومان (380 دولار) يوفّر دخلاً شهريًا بين 10 و12 مليون (حدود 100 دولار) تومان، أما الأجهزة الجديدة فتوفر نحو 35 مليون تومان شهريًا ويبلغ سعرها 350 مليون تومان».
وعندما سألناه عن استهلاك الكهرباء لجهاز بثلاثمئة مليون تومان، قال: «الكهرباء تُسحب من خلف العداد. معظمهم يُنشئون “مزرعة”، ويعتمدون على الطاقة الشمسية أو مولدات خاصة. صاحب المزرعة يشغّل معدّاته دون تدخل كهرباء الدولة».
وعن العقوبة في حال اكتشاف الجهاز قال: «إذا علمت الحكومة أنك تملك جهازًا، فستفرض عليك غرامة كهرباء، وهناك أيضًا تعزيرات. وإذا كان الجهاز غير إيراني، نستطيع أن نوفّر لك ترخيصًا إيرانيًا. صحيح أن الترخيص مخصّص للاستخدام داخل المزرعة، لكنه يُصدر عبر شركة حكومية معتمدة، وتحتاج إلى نحو أربعة ملايين تومان للحصول على ترخيص لجهاز واحد، وبعدها يصبح الاستخدام قانونيًا ويحمل استعلام وزارة الصناعة والمناجم. أما إذا كنت تستخدم الكهرباء الشمسية، فلن تتدخل الحكومة».
استهلاك يعادل 4.5 إلى 5% من إجمالي الطاقة المنتجة في البلاد
نماذج هذه المتاجر كثيرة، وكل من تتصل به يقول إنه قادر على بيع أجهزة بترخيص أو بلا ترخيص، أو تشغيلها عبر الكهرباء المسروقة، أو الاعتماد على الطاقة الشمسية والمولدات. ووفق آخر الإحصاءات، ارتفع عدد أجهزة التعدينم المضبوطة خلال الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام خمسة أضعاف مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، ويُقدّر استهلاك هذه الأجهزة بنحو 2400 ميغاواط—وهو ما يعادل استهلاك مدينة كبرى. حتى الآن تم ضبط أكثر من 17 ألفًا و500 جهاز تعدين غير مرخّص في البلاد، وهو استهلاك يعادل 4.5 إلى 5% من إجمالي الطاقة المنتجة، ويشكّل نحو 20% من عجز الكهرباء.
ورغم تحذير الحكومة الإيرانية من أن أجهزة التعدين تفاقم من أسباب أزمة الكهرباء؛ تنتشر آلاف الإعلانات لبيعها دون أي تضييق أو ملاحقة قانونية.



