قضية الحجاب في إيران تعود للواجهة: ضغوط لتطبيق القانون

تصاعدت في الآونة الأخيرة الضغوط البرلمانية والسياسية المحافظة على حكومة مسعود بزشكيان، لدفعها نحو تطبيق قانون العفاف والحجاب المعلق.

ميدل ايست نيوز: تصاعدت في الآونة الأخيرة الضغوط البرلمانية والسياسية المحافظة على حكومة مسعود بزشكيان، لدفعها نحو تطبيق قانون العفاف والحجاب المعلق، فيما تطرح مواقف الرئيس الإيراني خطاباً مغايراً يقوم على ضرورة الإصلاح التدريجي وتجنب الإكراه في معالجة القضايا الاجتماعية. ووجّه 155 نائباً في البرلمان الإيراني، أمس الثلاثاء، رسالة إلى رئيس السلطة القضائية، غلامحسين محسني إيجئی، انتقدوا فيها أداء الأجهزة التنفيذية والقضائية في ما يتعلق بتنفيذ قانون العفاف والحجاب، مؤكدين أن تقاعس تلك الأجهزة أدى إلى “تفاقم المظاهر غير المنضبطة”، وطالبوا بتطبيق حازم للقوانين القائمة.

وقالت وكالة فارس المحافظة إن هؤلاء البرلمانيين دعو في رسالتهم إلى مساءلة الجهات المقصّرة في تطبيق قوانين الحجاب، مع التأكيد أن العفاف والحجاب من المبادئ الواردة في الدستور ومن الرموز الهويّاتية للشعب الإيراني، مشيرين إلى أن تقصير بعض الأجهزة التنفيذية والقضائية في تطبيق القوانين المعمول بها أتاح فرصة لاتساع ما وصفوه بأنه مظاهر “انعدام العفّة” و”استغلالها إعلامياً من قبل الأعداء”.

نواب ينتقدون تأخر قانون الحجاب

وانتقد النواب تأخر إصدار قانون “دعم الأسرة عبر ترسيخ ثقافة العفاف والحجاب”، مؤكدين أنه إلى حين صدور القانون الجديد ينبغي على الأجهزة المعنية تنفيذ واجباتها كاملة وفق القوانين الحالية، مع القول إن على السلطة القضائية ألا تبقى “منفعلة” أمام حالات التقاعس. وفي ختام رسالتهم، دعوا رئيس السلطة القضائية إلى التشديد في تنفيذ القوانين والواجبات الشرعية للحيلولة دون تنامي الفوضى والسخط الاجتماعي.

وفي الوقت الذي يكثّف فيه المحافظون ضغوطهم على الحكومة لتطبيق قانون العفاف والحجاب، قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، أمس، خلال اختتام الدورة الثانية من “مؤتمر الأسرة والمستقبل والروابط المستدامة”، إن “المجتمع لا يمكن تغييره عبر التهديد أو الأمر والنهي”، مؤكداً أن إصلاح المجتمع “يجب أن يبدأ تدريجياً بإصلاح الفرد، وأن الرسائل الأخلاقية ينبغي أن تنعكس في سلوك المبلّغين أنفسهم”.

وأشار بزشكيان، السبت الماضي، في حديثه عن قضية الحجاب، إلى ضرورة تقديم نماذج مناسبة في مجال العفاف والحجاب، محذّراً من اتخاذ خطوات قد تضرّ برصيد الثقة الاجتماعية في البلاد. وأكد ضرورة اعتماد آليات تخصصية وتشاركية وقابلة للتنفيذ لتعزيز الحياة الاجتماعية السليمة والعفيفة، موضحاً أن الخطوة الأولى تكمن في الوقاية من المظاهر المخالفة للعرف العام، وأن ذلك يجب أن يحدث “بحكمة ورويّة”. ودعا الخبراء والجهات المعنية إلى اتباع خطوات فعّالة تدريجية ومرحلية، تأخذ في الاعتبار الأبعاد السياسية والدينية والاجتماعية.

من جهة أخرى، قال رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف، في مؤتمر صحافي، أمس الثلاثاء، إن مسألة الحجاب تحوّلت لدى البعض إلى قضية سياسية، بينما “الحجاب متجذّر في الثقافة الإيرانية والإسلامية”، مؤكداً وجود قوانين نافذة حالياً، وأن السلطة القضائية سبق أن أوضحت عدم وجود أي نقص تشريعي في مجال تطبيقها.

ومنذ اندلاع الاحتجاجات الواسعة التي شهدتها إيران أواخر 2022 إثر وفاة الشابة مهسا أميني بعيد احتجازها من قبل دوريات الآداب في طهران بتهمة عدم التقيد بقواعد الحجاب، أصبحت تنتشر في شوارع المدن الإيرانية، وخاصة الكبرى، ظاهرة خلع الحجاب، حيث أصبح الأمر واقعاً اجتماعياً مغايراً تماماً عما سبق الاحتجاجات، مع انسحاب دوريات شرطة الآداب من الشوارع.

واتسعت الظاهرة بعد الحرب الإسرائيلية على إيران، والتي استمرت 12 يوماً خلال يونيو/ حزيران الماضي. ففي غير الدوائر الرسمية والإدارية، أصبح شكل الحجاب في معظم مناطق العاصمة مختلفاً، حيث ظهرت أنماط جديدة من الملابس. وبعد عام من احتجاجات مهسا أميني، نشرت وسائل إعلام إيرانية النص النهائي لـ”قانون الحجاب والعفاف”، وأقرّه البرلمان الذي أبلغه إلى بزشكيان للتنفيذ. وكان بزشكيان قد صرح في ذلك الوقت بأن حكومته ترى وجود أمور مبهمة في القانون الجديد، وأنها “غير جاهزة لتنفيذه”. ومن ثم، ومع صدور قرار عن المجلس الأعلى للأمن القومي، تأجّل تنفيذ هذا القانون حتى الآن.

وفي السياق نفسه، قالت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، أمس الثلاثاء، إن وزارة الاستخبارات أعدّت مؤخراً تقريراً حول وضع الحجاب وقدّمته إلى المرشد الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي، وإلى الرئيس بزشكيان، قائلة: “الهدف من إعداد مثل هذه التقارير هو الفهم الأدق للوضع ومواجهة مجموعات منظمة”.

وقال نائب رئيس الحوزات العلمية لشؤون التبليغ والثقافة، حسين رفيعي، خلال مؤتمر “طلائع المقاومة” مؤخراً، إن وزير الاستخبارات قدّم بعد ثلاثة أشهر من انتهاء الحرب الإسرائيلية على إيران خلال يونيو/ حزيران الماضي تقريراً إلى المرشد الأعلى حول تحركات التيارات المعارضة ثقافياً و”المخططات الموجّهة” في موضوع الحجاب، مضيفاً أن التقرير أثار غضب المرشد من الوضع، وأنه “بعث تعليمات للرئيس” بشأن ذلك.

بدوره، كان رئيس مجلس الإعلام الحكومي، إلياس حضرتي، قد أكد الأربعاء الماضي أن المرشد الأعلى أصدر توجيهاً للحكومة بشأن “قضايا ثقافية واجتماعية”، دون أن يفصح عن تفاصيله.

 وفي سياق متصل، نظّم عدد من المصلّين بعد صلاة الجمعة الماضية في طهران تجمعاً دعوا خلاله الأجهزة المعنية والمسؤولين إلى إيلاء اهتمام أكبر لحماية ما وصفوه بـ”القيم الأخلاقية في شؤون الأسرة والحجاب”. ورفع المشاركون لافتات تطالب بالالتزام بالحجاب، داعين إلى التعامل الجاد مع المظاهر المخالفة التي قالوا إنها “لا تقتصر على موضوع الحجاب”، بل تستهدف، بحسب وصفهم، أمن المجتمع النفسي وحرمة الأسرة وسلامة الثقافة العامة.

وأكد المشاركون في المسيرة ضرورة ألا تقتصر الجهود في هذه المجالات على إجراءات ظرفية أو شكلية، داعين إلى تحرك الأجهزة المسؤولة “بجدية ووضوح وتنسيق كافٍ” في مجالات التعليم والتوعية، وتقديم البدائل المناسبة لحماية الأطفال واليافعين من التأثيرات السلبية المنتشرة في الواقع والفضاء الافتراضي. ورأى المشاركون أن الانتشار الواسع للصور والمقاطع التي تتجاوز الأعراف في الفضاء الإلكتروني مؤشر على “تحركات منظمة ومقلقة”، مطالبين بتدخّل حازم من قبل الجهات المعنية، مؤكدين أن “الحاجة باتت ماسة أكثر من أي وقت مضى إلى صيانة العفاف العام من قبل المؤسسات التنفيذية والأمنية والثقافية”.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

2 × 2 =

زر الذهاب إلى الأعلى