مسؤول أميركي: محادثات فيينا لا تواكب وتيرة التقدم النووي الإيراني

قال مسؤول أميركي كبير، إن المحادثات فيينا أحرزت "بعض التقدم" خلال الأسابيع الأخيرة، لكن هذا ليس كافياً لتبرير مفاوضات غير محددة المدة.

ميدل ايست نيوز: قال مسؤول أميركي كبير، إن المحادثات بين إيران والقوى العالمية في فيينا، لإحياء الاتفاق النووي المبرم في عام 2015، أحرزت “بعض التقدم” خلال الأسابيع الأخيرة، لكن هذا ليس كافياً لتبرير مفاوضات غير محددة المدة.

وأضاف المسؤول في مقابلة هاتفية، الأحد، مع مجلة “فورين بوليسي” الأميركية، أن “الوتيرة التي تتقدم بها المحادثات، لا تواكب وتيرة التقدم النووي الإيراني”.

وتابع المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته بسبب الطبيعة السرية للمفاوضات النووية، أنه إذا استمرت المحادثات خلال الأسابيع المقبلة بالوتيرة المتباطئة الحالية، فربما يتعين على واشنطن إعادة النظر في أهمية الاتفاق النووي تماماً، و”اتخاذ قرار بشأن تصحيح المسار”.

عقبات حيازة سلاح نووي

“فورين بوليسي” أشارت إلى أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، حذرت من أن إيران على وشك إنتاج وقود يكفي لصنع قنبلة نووية.

وفي ما يتعلق بمدى قرب إيران من امتلاك القدرة على إطلاق سلاح نووي، لفتت المجلة إلى وجود عدد من العقبات التقنية الأساسية التي يجب على طهران التغلب عليها أولاً للحصول على برنامج أسلحة نووية يعمل بكامل طاقته.

وأوضحت أنه يجب على إيران تطوير ما يكفي من اليورانيوم عالي التخصيب المستخدم في صنع الأسلحة، لتزويد قنبلة نووية واحدة أو أكثر؛ وبناء رأس حربي نووي قادر على حمل الوقود النووي الانشطاري؛ وتطوير نظام صاروخي باليستي قادر على إيصال متفجرات نووية إلى هدفها، وأخيراً، يجب إجراء اختبار لمعرفة ما إذا كانت المادة المتفجرة تعمل بالفعل.

ووفقاً للمجلة، أصبح الوقت الذي ستستغرقه إيران للتغلب على هذه التحديات ضيقاً، بينما تجتمع الولايات المتحدة وإيران والعديد من القوى العالمية الأخرى هذا الشهر في فيينا في محاولة الفرصة الأخيرة لإحياء الاتفاق النووي.

لكن المسؤول الأميركي الكبير، قال إن إدارة بايدن “لن تشكك في أن التسليح يحتاج وقتاً أطول”، مضيفاً: “لدينا ثقة أكبر في قدرتنا على التقدير والتعقب ومعرفة ما يحدث عندما يتعلق الأمر بالتخصيب”.

“زمن الاختراق”

في تقييمها لقدرة إيران المحتملة على حيازة أسلحة نووية، ركزت الولايات المتحدة إلى حد كبير على “زمن الاختراق” المقدر لطهران، وهو الفترة الزمنية التي ستستغرقها إيران لإنتاج قنبلة نووية واحدة.

مع فرض قيود خطة العمل الشاملة المشتركة، قدرت الولايات المتحدة في عام 2015، أن الأمر سيستغرق من إيران 12 شهراً لإنتاج وقود نووي كافٍ لصنع قنبلة، إذا قررت التخلي عن الاتفاق والسعي للحصول على سلاح قابل للتنفيذ.

لكن في الوقت الراهن تقلص هذا التقدير إلى نحو شهر واحد، إذ قامت طهران بتركيب أجهزة طرد مركزي أكثر تقدماً في مراكزها النووية، وتخصيب اليورانيوم بجودة أعلى بكثير مما يسمح به الاتفاق النووي الأصلي، وقيدت وصول المفتشين الدوليين إلى منشآتها النووية، بحسب المجلة.

في هذا الصدد، قال ديفيد أولبرايت، مؤسس “معهد العلوم والأمن الدولي” ومقره واشنطن، إن إيران حصلت بالفعل على ما يكفي من اليورانيوم بدرجة نقاء 20% و60%، لإنتاج ما لا يقل عن 45 كيلوجراماً من اليورانيوم عالي التخصيب بنسبة نقاء 90%، وهو وقود يصلح لصنع الأسلحة يكفي لإنتاج قنبلة نووية في وقت قصير.

وأضاف أنه في غضون عدة أشهر، يمكن أن تنتج طهران وقوداً يكفي لقنبلتين أخريين، وقدر أنه في غضون ستة أشهر، ربما تكون إيران في وضع يمكنها من اختبار قنبلة نووية.

وأشار أولبرايت إلى أن هذا يدعو للقلق، لأن إنتاج الوقود الذي يصلح لصنع الأسلحة النووية يعد من بين أصعب الإنجازات التقنية في المسار المؤدي إلى القنبلة.

في المقابل، يقول بعض خبراء حظر الانتشار النووي إن الأمر ربما يكون كذلك، لكن الوقود النووي وحده لا يصنع ترسانة أسلحة نووية.

“مفهوم أميركي”

ساهل شاه، الباحث السياسي في شبكة “القيادة الأوروبية” البحثية، ومقرها لندن، قال إن “زمن الاختراق هو اسم اللعبة عندما يتعلق الأمر بالمقاييس المتعلقة ببرنامج إيران النووي، لكنه ذا جدوى محدودة للغاية، لأنه لا يشمل الوقت الذي سيستغرقه تصميم أو تصنيع أو تجميع مكونات القنابل”.

وأضاف “ميل بعض البلدان، وبالتحديد الولايات المتحدة وشركائها عبر المحيط الأطلسي، إلى التركيز بشكل كبير على زمن الاختراق، يتجاهل عمداً الفترة الزمنية التي ستستغرقها إيران للانتقال من امتلاك مخزون معقول من اليورانيوم عالي التخصيب إلى سلاح نووي قابل للاستخدام”.

وفي مقابلة أجرتها معه المجلة مؤخراً، صاغ مندوب روسيا الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا، ميخائيل أوليانوف، الأمر بشكل أكثر صراحة، قائلاً: “ما يسمى بزمن الاختراق، إنه مفهوم أميركي. نحن لا نشاركه إطلاقاً”.

وأضاف المفاوض النووي الروسي: “حتى لو كانوا ينتجون كمية كبيرة من المواد النووية، فماذا في ذلك؟ لا يمكن استخدامها بدون رؤوس حربية، والإيرانيون ليس لديهم رؤوس حربية ولن يحصلوا على التقنيات ذات الصلة لفترة طويلة”.

متفقاً معه في الرأي، قال داريل كيمبال، المدير التنفيذي لجمعية “الحد من التسلح”، إن “السؤال الأساسي هو كم من الوقت ستستغرق إيران لتكون قادرة على إطلاق أسلحة نووية، بعد الحصول على ما يكفي من المواد الانشطارية لقنبلة واحدة؟ سيحتاج الأمر إلى سنوات”.

مفاوضات فيينا

وتخوض إيران مباحثات في فيينا تهدف إلى إحياء الاتفاق المبرم عام 2015، بشأن برنامجها النووي، وذلك مع الأطراف الذين لا يزالون منضوين فيه (فرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا). وتشارك الولايات المتحدة التي انسحبت أحادياً من الاتفاق عام 2018، بشكل غير مباشر في المباحثات.

وخلال الأيام الماضية، عكست تصريحات المعنيين بالمفاوضات، تحقيق بعض التقدم، مع التأكيد على استمرار تباينات بينهم بشأن قضايا مختلفة.

وبدأت مفاوضات فيينا في أبريل 2021. وبعد تعليقها زهاء 5 أشهر اعتباراً من يونيو الماضي، استؤنفت في أواخر نوفمبر الماضي. فيما تشدد طهران خلال المباحثات على أولوية رفع العقوبات التي أعادت واشنطن فرضها عليها بعد انسحابها من الاتفاق، والحصول على ضمانات بعدم تكرار الانسحاب الأميركي.

في المقابل، تركز الولايات المتحدة والأطراف الأوروبية على أهمية عودة إيران لاحترام كامل التزاماتها بموجب الاتفاق، التي بدأت التراجع عنها في 2019 رداً على انسحاب واشنطن.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الشرق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تسعة عشر − اثنا عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى