رسالة تهدئة.. السلطات الإيرانية تعفو عن سجناء

تعكس الإجراءات الأخيرة في إيران، وخصوصاً العفو عن مجموعة واسعة من الموقوفين، رغبة من السلطات في التهدئة بعد أشهر التوتر على خلفية الاحتجاجات.

ميدل ايست نيوز: تعكس الإجراءات الأخيرة في إيران، وخصوصاً العفو عن مجموعة واسعة من الموقوفين، رغبة من السلطات في التهدئة بعد أشهر التوتر على خلفية الاحتجاجات، وفق مراقبين يؤكدون في الوقت عينه أن استراتيجية الحكم في الفترة المقبلة تبقى موضع تساؤل.

وأفرجت السلطات في الأيام الماضية عن الكثير من الأسماء المعروفة، بينها أشخاص أوقفوا على خلفية الاحتجاجات التي اندلعت منذ 16 أيلول (سبتمبر) إثر وفاة مهسا أميني بعد توقيفها من قبل شرطة الأخلاق لعدم التزامها القواعد الصارمة للباس في الجمهورية الإسلامية.

ولم تحدد السلطات عدداً إجمالياً للمفرج عنهم، الا أن صحيفة “اعتماد” الإصلاحية نشرت على صفحتها الأولى الإثنين، صورا لزهاء 50 شخصية.

ومن بينهم تبرز أسماء المخرج السينمائي محمد رسول اف والباحثة الإيرانية-الفرنسية فريبا عادلخاه، وناشطين مثل فرهاد ميثمي وصبا كرد أفشاري ومحمد حبيبي والمصورة نوشين جعفري، علما بأن المخرج السينمائي المعارض جعفر بناهي كان قد أفرج عنه في مرحلة سابقة بعد توقيفه لأشهر.

وقال الصحافي مازيار خسروي الذي أوقفته السلطات أكثر من مرة منذ العام 2009، آخرها خلال احتجاجات الأشهر الماضية، إن “هذا العفو هو على نطاق غير مسبوق، على ما أذكر”.

ولم يتّضح بعد ما إذا كان هذا النسق الذي أتى في وقت تراجعت وتيرة الاحتجاجات، سيتواصل في المرحلة المقبلة، وما اذا كان سيشمل أسماء إضافية لشخصيات لا تزال خلف القضبان.

ومن بين هؤلاء، السياسيان فائزة هاشمي ومصطفى تاج زاده، والناشطان مهدي محموديان وفاطمه سبهري، والمحاميان أمير سالار داودي ومصطفى نيلي.

كذلك، يبقى خلف القضبان عدد من الصحافيين تتقدمهم إلهه محمدي ونيلوفر حامدي اللتان كانتا من أوائل من غطّوا قضية وفاة أميني وتشييعها.

عوامل عدة

وأتت سلسلة الافراجات بعد موافقة المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي، على اقتراح رئيس السلطة القضائية، العفو أو تخفيف العقوبة الصادرة في حق “عدد كبير” من السجناء، بينهم بعض من تمّ توقيفهم على خلفية الاحتجاجات الأخيرة.

وأتت موافقة المرشد في سياق الاحتفال بالذكرى الرابعة والأربعين لانتصار الثورة الإسلامية في 1979.

وأحيا آلاف من الإيرانيين في طهران ومدن أخرى السبت، ذكرى سقوط نظام الشاه. وفي خطاب ألقاه للمناسبة، ألمح الرئيس إبراهيم رئيسي الى إجراءات إضافية قد تقدم عليها السلطات لتعزيز “الوحدة” الوطنية، بموافقة المرشد الأعلى، صاحب الكلمة الفصل في السياسات العليا للبلاد.

وتعهد رئيسي أمام حشود في ميدان آزادي بطهران، أن “الطلاب والشخصيات الثقافية والرياضية والإعلامية التي فرضت عليهم قيود بسبب نشاطات غير قانونية، سيتم العفو عنهم”.

وأوقف الآلاف على هامش الاحتجاجات، منهم صحافيون وناشطون ومحامون وممثلون. وأعلن القضاء إصدار 18 حكما بالإعدام، تمّ تنفيذ أربعة منها في حق مدانين باعتداءات على قوى الأمن.

ووفق أرقام رسمية، قضى مئات بينهم متظاهرون وعناصر من الأمن، على هامش الاحتجاجات التي اعتبرت السلطات أن جزءا كبيرا منها هو “أعمال شغب” يقف خلفها “أعداء” الجمهورية الإسلامية.

وفي حين خفّفت السلطات بعض القيود التي فرضت على الاتصال بالانترنت في الآونة الأخيرة، تبقى القيود الأساسية قائمة، خصوصا تلك المتعلقة بوقف تطبيقي واتساب وانستغرام اللذين يحظيان بشعبية واسعة في إيران.

واعتبر خسروي أن إجراءات مثل الافراجات وتخفيف القيود ستؤدي الى “تهدئة الأجواء على المدى القصير”.

ومن جهته، اعتبر المحلل السياسي أحمد زيد أبادي أنه “في حال توقف العفو عند هذه المرحلة ولم يشمل كل السجناء السياسيين، لن يؤدي لتحسين الوضع”.

ولفت المحلل الذي أودع السجن مراراً خلال مسيرته، الى أن “عوامل عدة مسبّبة للسخط (…) أدت الى الوضع الحالي، لاسيما الصعوبات الاقتصادية للسكان، التوترات في العلاقات الدولية والضغوط المتعلقة بوضع الحجاب” الإلزامي في الجمهورية الإسلامية.

وفي شأن قواعد اللباس، أبرز خسروي ضرورة “متابعة كيف ستتصرف السلطات مع النساء اللواتي سيخفّفن من تغطيتهن مع ارتفاع درجات الحرارة”.

ويلزم القانون في الجمهورية الإسلامية النساء، سواء الإيرانيات أو الأجانب، وضع غطاء للرأس في الأماكن العامة.وبعد اندلاع الاحتجاجات، بات يمكن في أنحاء طهران ومدن أخرى، رؤية نساء يتجوّلن بلا غطاء للرأس، من دون أن يكنّ عرضة لإجراء أو تنبيه من الشرطة.

ولقي العفو ترحيباً من أطراف مختلفة.

فقد رأى الرئيس السابق المعتدل حسن روحاني أن العفو “سيعزز التماسك الوطني” ويشكّل “نقطة انطلاق لمعالجة الانقسامات” بين الإيرانيين.

ومن جهتها، رأت صحيفة “جوان” المحسوبة على التيار المحافظ المتشدد، أن العفو يؤشر الى أن “الفتنة انتهت”.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
بواسطة
النهار
المصدر
AFP

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ستة + أربعة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى