من الصحافة الإيرانية: تشكيك في تصريحات حكومية بشأن خلق مليون فرصة عمل عام 2022

قالت خبيرة إيرانية إن أي منظمة أو مؤسسة في البلاد لا تستطيع أن تدعي مثلاً بأنها خلقت مليون فرصة عمل دون الاعتماد على إحصائيات مركز الإحصاء الإيراني.

ميدل ايست نيوز: ما زال العديد من المسؤولين في إيران يعتقدون أن جائحة كورونا وفترة تفشيها التي تخطت الثلاث سنوات هي العامل المحرك للأحداث الأخيرة في البلاد الذي رافقها حجب كامل لشبكات التواصل الاجتماعي وفقدان مئات الآلاف من الإيرانيين لعملهم، وغيرها الكثير من المشاكل الاقتصادية الناتجة عن العقوبات، مع أنهم لا زالوا يعتقدون أن معدل البطالة آخذ في “الانخفاض” وأن معدل العمالة السنوي بلغ حوالي مليون شخص.

وبحسب وكالة ايلنا للأنباء، قال رئيسي في جلسة 22 يناير الماضي بالقاعة العامة للمجلس، والتي خلالها قدم محمد باقر قاليباف مشروع ميزانية عام 2023: “وفقاً للوثائق الرسمية فقد وفرت الحكومة هذا العام (يقصد العام الشمسي، بدأ في 21 مارس 2022) أكثر من مليون فرصة عمل للإيرانيين، ويظهر الرقم الوطني وأوراق التأمين الصحي ورقم ورشات العمل الخاص بمكان عمل الأشخاص أن هذه المليون وظيفة قد تم إنجازها من قبل حكومتنا.”

وأكد هذا الادعاء فيما بعد وزير العمل الإيراني صولت مرتضوي، ونائب الرئيس الإيراني محمد رضا حسيني أيضا قد أشار إلى صحة تصريحات رئيسي المثيرة. هذا في حين أن عملية تكوين صافي رأس المال الثابت وعملية النمو الاقتصادي تسير في اتجاه مختلف تماماً عن هذه الادعاءات.

وفي معظم تخصصات وفروع علم الاقتصاد، هناك اتفاق على أن الاستثمار هو أحد المتطلبات الأساسية لخلق فرص عمل جديدة. وبالإضافة لوجود العديد من الإحصائيات، بما في ذلك التضخم وانخفاض الاستثمار الجديد، فإننا نشهد انخفاضًا في صافي رأس المال الثابت للبلاد. في مثل هذه الحالة ، عندما يتطلب إنشاء فرص عمل أحيانًا استثمارًا يصل إلى مليار تومان، يبدو أن تركيز الحكومة في هذا المجال لا يمكن تفسيره إلا لأشكال معينة من التوظيف.

ويرى علي رضا حيدري (نائب رئيس نقابة قدامى المحاربين في المجتمع العمالي) أن رقابة الحكومة على سوق العمل والتعرف على العمالة المجهولة مسبقاً، إلى جانب زيادة الوظائف المنزلية المؤقتة وغيرها قد خلق انطباعًا للحكومة بأن الأشخاص المسجلين حديثًا يعملون.

وذكر حيدري على سبيل المثال: “إذا أرادت الحكومة إيجاد فرص عمل بعد فترة طويلة من البطالة ومع تسجيل مليون فرصة بطالة ضائعة؛ من المؤكد أن أرقام التوظيف التي تبلغ 100 ألف و200 ألف شخص لن تعالج حالة البطالة في البلاد.”

ماذا تقول الإحصائيات؟

وفي وضع لا يكون فيه معدل النمو وتكوين رأس المال جيدًا، نرى جزءًا كبيرًا من المليون وظيفة المزعومة ؛ تم الإعلان عنها فقط في مجال الوظائف ذات الأجور السريعة والعمل على وسائل التواصل الاجتماعي.

وبما أن تعريف الفرد العامل، وفقًا للقانون في إيران، يشمل جميع الأشخاص الذين يعملون ساعة واحدة فقط في الأسبوع، إلا أن الانفتاح في وظائف الإنترنت قد وفر مساحة لكثير من الأشخاص للتسويق لأعمالهم.

وفي ظل الأوضاع الراهنة، أي من 2018 إلى 2022، وما تسببته سياسات الأصوليين والعقوبات وغياب الإدارة الدقيقة، تشهد إيران حالة أصبح فيها صافي تكوين رأس المال الثابت في البلاد سالبًا. حيث كان معدل النمو الاقتصادي سالبًا في 2018 و 2019 و 2020، وفي عام 2022، وبعد الاعتماد على فتح عدد من الموارد في البلاد، وصلنا إلى نمو اقتصادي بنسبة 3.2 في المائة.

ما مدى واقعية إحصاءات الحكومة؟

وفي هذا السياق، قالت زهرا كريمي (خبيرة في مجال التوظيف): “السلطة الرئيسية للإعلان عن البيانات والإحصاءات في مجال سوق العمل، مثل إحصاءات التضخم، هي المركز الإحصائي الإيراني. فأي منظمة أو مؤسسة في البلاد لا تستطيع أن تدعي مثلاً بأنها خلقت مليون فرصة عمل دون الاعتماد على إحصائيات مركز الإحصاء الإيراني المرجع الوحيد في البلاد والذي لم يقدم بعد إحصائيات دقيقة في هذا الصدد.”

وأشارت إلى طريقة بعض المؤسسات الحكومية في جمع الإحصائيات وتقديم البيانات العشوائية، وقالت: “ما يتم عمله للحصول على مثل هذه الإحصائيات هو طلب هذه الجهات عن الاستفسار والبحث بشكل سريع والسؤال عن الخدمات في المحافظات والمدن وكم قدمت هذه التسهيلات وظائف الاشخاص. إلا أن هذا ليس معيارًا جيدًا على الإطلاق لأنني إذا طلبت شخصياً قرضا ما من إحدى الوزارات وادعيت بأني سأوفر 100 فرصة عمل لجذب الموارد، فقد قدمت ادعاءً لا أساس له، ولكن من وجهة نظر الحكومة، يمكن الاستشهاد بنفس الإحصائيات. لذلك، نظرًا لعدم وجود عنصر إحصائي آخر، فلن يقلق أصحاب القرار في الحكومة بشأن التحقق من بياناتهم ومطالباتهم الإحصائية.”

وأضافت كريمي: “في الأشهر الستة الأولى من عام 2022، بلغ معدل النمو الاقتصادي الإيراني حوالي 3٪، ما يعني عمليًا بعد فترة طويلة من الاتجاه السلبي، أن معدل النمو هذا يعني ركودًا في السوق ولا يوجد ازدهار بينهما.”

وأردفت: “عندما لا تقوم منظماتنا الاقتصادية الكبيرة، مثل الحكومة والشركات الكبيرة العامة والخاصة بالتوظيف فإن عبء التوظيف والتعيين الكامل يقع على الشركات الصغيرة، ويتولى قطاع الخدمات القيادة.”

وأشارت هذه الخبيرة والاقتصادية في سوق العمل إلى أن “جزء كبير من الوظائف اليومية للشباب الإيراني يختص في مجالات مثل السمسرة وتداول العملات الرقمية والبيع المتجول والعمل في سيارات الأجرة عبر الإنترنت والوظائف منخفضة المستوى في قطاع الخدمات، بما في ذلك المقاهي والمطاعم ومجال الخدمات الافتراضية، وقالت: “نشهد نمو الشركات الصغيرة جدًا ووحدات الأعمال غير المنتجة معًا، وفي هذا السوق الراكد يفشل جزء كبير منها في عملية المنافسة. في ظل هذه الظروف، فإن خلق مليون وظيفة هو مطالبة كبيرة.”

وتابعت: “في مجال البناء، العديد من الادعاءات والإحصائيات خاطئة وهي فقط لملء السيرة الذاتية. على سبيل المثال، يمكن القول أنه تم الانتهاء من 2000 وحدة سكنية، ولكن في الواقع تم فتح 200 وحدة فقط ولم تحدث الحكومة شيء يذكر في مجال التوظيف.”

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

13 + اثنان =

زر الذهاب إلى الأعلى