انخفاض شديد في الاستثمار الصيني.. لماذا أخفقت إيران في جذب الاستثمار الأجنبي؟

حدت العقوبات من قدرة الشركات الأجنبية على التعامل مع الشركات الإيرانية وخلقت حالة من عدم اليقين ومخاطر عالية على المستثمرين الأجانب.

ميدل ايست نيوز: وفقًا لأحدث البيانات المتاحة في عام 2021، شهد حجم الاستثمار الأجنبي المباشر الوافد إلى إيران انخفاضًا كبيرًا ووصل إلى خُمس ما كان عليه قبل ثلاث سنوات فقط أي في عام 2017، في حين أن البلدان المجاورة شهدت هذه السنوات زيادة في الاستثمار الأجنبي المباشر.

وحسب تقریر لصحیفة دنياي اقتصاد الإيرانية، انخفضت قيمة العقود التي أبرمتها الشركات الصينية مع إيران إلى 57 مليون دولار في 2021 مقابل 1.3 مليار دولار في 2019. على الرغم من الإمكانات الاستثمارية الهائلة في إيران، فقد كانت عدة عوامل داخلية وخارجية فعالة في خسارة الاستثمار الأجنبي.

يأتي ذلك في حين أن دول المنطقة كباكستان وأفغانستان والإمارات العربية المتحدة والبحرين والكويت والعراق شهدت ارتفاعا في الاستثمارات الصينية.

بشكل عام، يمكن ملاحظة أن إيران، على الرغم من كل إمكانيات نموها، قد تخلفت في المجال العالمي لجذب رأس المال وليست في وضع جيد حتى مقارنة بجيرانها. إن انخفاض قيمة رأس المال وتجاوز معدله لمعدل النمو من الأمثلة الواضحة على انخفاض الاستثمار الأجنبي الذي دمر وفورات الحجم وزاد من تكاليف الإنتاج في هذه السنوات.

العوامل الداخلية

يعد النظام البيروقراطي أحد العوامل الداخلية الرئيسية التي تسببت في انخفاض الاستثمار الأجنبي في إيران. الأنظمة والإجراءات المعقدة للاستثمار الأجنبي تثني العديد من المستثمرين عن متابعة الفرص في البلاد.

بالإضافة إلى الإجراءات المعقدة، أصبحت العملية طويلة الأمد المتمثلة في اجتياز الإجراءات والحصول على التراخيص وتجديدها والتخليص والتحميل في الجمارك عقبات محلية خطيرة في جذب الاستثمار. كما أن الافتقار إلى الشفافية في عملية صنع القرار، وعدم وجود سياسات صناعية محددة تستهدف المستثمرين الأجانب، وأخيراً البيروقراطية البطيئة أعاقت الاستثمار الأجنبي.

تلعب العوامل الاجتماعية المحلية أيضًا دورًا مهمًا في الحد من الاستثمار الأجنبي المباشر في إيران. رغم أن هناك كثير من الشباب المتعلمين في البلاد، لكن الافتقار إلى الفرص الاقتصادية أدى إلى زيادة البطالة. القوى العاملة الإيرانية ماهرة جدا، لكن قلة فرص العمل أدت إلى هجرة الأدمغة والعديد من الأذكياء يغادرون البلاد ويبحثون عن عمل في الخارج.

عامل داخلي آخر أدى إلى انخفاض الاستثمار الأجنبي هو مستوى الفساد في إيران. احتلت إيران المرتبة 147 من بين 181 دولة في مؤشر مدركات الفساد لعام 2022.

إن الافتقار إلى المساءلة والشفافية في القطاعين الحكومي والتجاري يخلق بيئة معادية للمستثمرين الأجانب. لا تؤدي مشكلة الفساد إلى زيادة تكاليف ممارسة الأعمال التجارية فحسب، بل تخلق أيضًا مخاطر الغرامات القانونية والإضرار بسمعة المستثمرين الأجانب.

إن عدم قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها المالية، والنظام المحدود لإصدار التأشيرات للأجانب، والسيطرة الحكومية الصارمة على الاقتصاد، وعدم القدرة على التنبؤ بقرارات صانعي السياسات هي من بين الأسباب الأخرى التي تعيق بشكل واضح الجاذبية القوية للاستثمار الأجنبي.

من الواضح أنه بسبب انخفاض عائدات النفط بعد العقوبات وزيادة نصيب الموازنة الجارية في موازنة الدولة بأكملها ونقص الموارد اللازمة لإنشاء البنية التحتية وتطويرها وتحسينها، فإن وجود مستثمرين أجانب تبدو حتمية وضرورية.

عوامل خارجية

من العوامل الخارجية الرئيسية التي أدت إلى تقليص الاستثمار الأجنبي في إيران بلا شك العقوبات الدولية. خلقت العقوبات الأمريكية ضد إيران عقبة كبيرة أمام الاستثمار الأجنبي في البلاد.

وحدت العقوبات من قدرة الشركات الأجنبية على التعامل مع الشركات الإيرانية وخلقت حالة من عدم اليقين ومخاطر عالية على المستثمرين الأجانب.

وأدى عدم الاستقرار والتوتر في سياسات إيران الخارجية تجاه جيرانها والعلاقات المتوترة بين بعض الدول المجاورة إلى فرض نوع من العقوبات الداخلية على إيران، وهو ما يعتبر عقبة خطيرة أمام جذب الاستثمار الأجنبي.

ساهمت عدة عوامل داخلية وخارجية في خسارة الاستثمار الأجنبي في إيران عام الماضي. من أجل جذب المزيد من الاستثمار الأجنبي، يجب على الحكومة الانتباه إلى القضايا المذكورة وخلق بيئة أكثر ملاءمة للمستثمرين الأجانب.

ويمكن حل ذلك إلى حد كبير عن طريق إجراء تغييرات في الإجراءات الحالية للسياسات الداخلية والخارجية. تُعد اتفاقيات إيران الأخيرة مع الصين وخاصة مع المملكة العربية السعودية من بين الأدلة على الرأي القائل بأن صانعي السياسة على الأقل شعروا بالحاجة إلى تغيير الإجراء واتخذوا خطوات مهمة على هذا المسار.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه الاتفاقيات بمفردها غير كافية بطبيعة الحال، وتستغرق شهورًا وحتى سنوات من تنفيذ هذه الاتفاقيات إلى ظهور نتائجها. أهم شيء في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر هو خلق الاستقرار. وهذا يعني أن المستثمر يرى مخاطر إعادة فرض العقوبات أو مخاطر تعتيم العلاقات مع الدول المجاورة على أنها منخفضة للغاية وقريبة من الصفر.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
بواسطة
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

واحد × واحد =

زر الذهاب إلى الأعلى