إحصاءات مفزعة عن التدخين في إيران وسط فشل إجراءات الحكومة للحد منه

تعد إيران واحدة من الدول الأكثر اكتظاظاً بالمدخنين، حيث يتجاوز عدد المدخنين فيها 15 مليون شخص، أي ما يقرب من 20% من سكان البلاد.

ميدل ايست نيوز: تعد إيران واحدة من الدول الأكثر اكتظاظاً بالمدخنين، حيث يتجاوز عدد المدخنين فيها 15 مليون شخص، أي ما يقرب من 20% من سكان البلاد. وتشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن هذا العدد يزيد بشكل كبير على المستوى العالمي.

وتعد ظاهرة التدخين مشكلة عميقة الجذور ابتليت بها إيران لعدة عقود. فعلى الرغم من التدابير المختلفة التي اتخذتها السلطات الحكومية وجمعيات مكافحة المواد التبغية، لا يزال التدخين يمثل مشكلة كبيرة أدت إلى عدد لا يحصى من الوفيات والأضرار الناجمة عن استهلاك المواد التبغية في هذه البلاد.

يستعرض هذا المقال الإحصائيات الرسمية وأعداد الوفيات والفئات العمرية الأكثر استهلاكاً للتبغ في إيران، ويسلط الضوء على الإجراءات الحكومية ومدى فعاليتها في زيادة معدل الضرائب على المواد التبغية ومحاربة عصابات ومافيا تهريب السجائر.

عدد المدخنين

يرجح الخبراء أسباب انتشار ظاهرة التدخين في إيران إلى عوامل عديدة، بما في ذلك تغير نمط الحياة وزيادة التوتر والضغط في المجتمع، فضلاً عن تأثير وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام في ترويج ثقافة التدخين. وقد أكد الدكتور الإيراني “جعفر جندقي” على هذه العوامل ليقول “إن السبب الرئيسي لزيادة انتشار ظاهرة التدخين بين المراهقين والشباب هو الترويج والرغبة في استعمال النارجيلة”.

ويقول آخرون إن الثقافة المجتمعية لها الدور الأبرز لتفشي وانتشار هذه الظاهرة. إذ يعتقد الكثير من الإيرانيين على غرار غيرهم من الشعوب، أن تدخين التبغ هو رمز للرجولة والرقي، مما يؤدي إلى ارتفاع معدل الإدمان وخصوصاً بين فئة الشباب والمراهقين. ويعزز هذا الاعتقاد حقيقة أن السجائر رخيصة نسبيًا ومتوفرة بسهولة، مما يسهل على الناس البدء في التدخين.

ووفقًا لمركز حماية البيئة والعمل بوزارة الصحة الإيرانية، فإن حوالي 20 بالمائة من الإيرانيين يدخنون منتجات التبغ. يُترجم هذا الرقم إلى ما يقرب من 15 مليون شخص، وهو رقم مروع يسلط الضوء على اتساع رقعة هذه الظاهرة في الجمهورية الإسلامية.

ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، يبلغ عدد متعاطي السجائر والمواد التبغية في العالم نحو 1.3 مليار، حيث يعيش أكثر من 80٪ منهم في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.

هذا وكان حوالي 38٪ من الرجال و4٪ من النساء في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط ​​​​يدخنون أو يتعاطون المواد التبغية، أما المراهقين، فقد بلغ معدل انتشار ظاهرة التدخين بين الفتيان 42٪ والفتيات 31٪ في الفئة العمرية من 13 إلى 15 عامًا، مما يدق ناقوس الخطر بشأن ارتفاع عدد المدخنين المراهقين في المستقبل.

الوفيات

أفادت منظمة الصحة العالمية أن أكثر من 50 ألف إيراني يموتون كل عام نتيجة للأمراض المرتبطة بالتدخين. ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم في السنوات القادمة إذا لم يتم فعل أي شيء للحد من هذا الاتجاه.

ويعلق وزير الصحة والعلاج والتعليم الطبي الإيراني على هذه الأرقام، ويقول “إن 13% من الوفيات في إيران حسب منظمة الصحة العالمية، تعود إلى التدخين وإن رخص السجائر هو سبب زيادة التدخين بالبلاد”.

إهدار تريليونات على التبغ

تقدر الأضرار الناجمة عن استهلاك المواد التبغية في إيران ما بين 110 و120 تريليون تومان، 60 تريليون منها في الاستهلاك والـ 60 الأخرى للخسائر التي لحقت بقطاع الصحة في البلاد.

وتظهر الإحصاءات الرسمية لوزارة الصناعة في إيران أنه في عام 2017 استهلك الإيرانيون أكثر من 55 مليار سيجارة، والتي وصلت إلى 73 مليار سيجارة بحلول عام 2022.

وبناء على هذا، يمكن القول أن الاستهلاك اليومي للفرد الإيراني وفقاً لتلك الإحصاءات قد يصل لـ 22 سيجارة، وهو معدل غير طبيعي إلى حد كبير. بمعنى آخر، نظرًا لأن متوسط ​​استهلاك الفرد يوميًا يتراوح عادة بين 8 و10 سجائر، يجب أن يكون عدد المدخنين في البلاد أكثر من 15 مليون شخص.

وفي نهاية يناير من هذا العام، قال رئيس جمعية التبغ في إيران إن استهلاك السجائر في الدولة يبلغ 80 مليار سيجارة كل عام، معلناً توفير 80 إلى 85% من السجائر في الأسواق بشكل قانوني، و15 إلى 20٪ يتم تهريبها واستيرادها من مصادر غير رسمية.

بطبيعة الحال، نظراً لهذه المعطيات الواضحة فإن هذه الظاهرة تلحق باقتصاد البلاد المتدهور نتيجة العقوبات والحظر الأجنبي تداعيات سلبية ووخيمة للغاية وبعيدة المدى في نفس الوقت.

إجراءات حكومية كثيرة ولكن “غير موفقة”

نفذت الحكومة الإيرانية عدة إجراءات لمحاولة مكافحة وباء التدخين. شملت زيادة الضرائب على منتجات التبغ، وإصدار قوانين تحظر التدخين في الأماكن العامة، وتنظيم حملات توعية الجمهور بمخاطر عادة التدخين. في حين أن هذه الإجراءات كانت فعالة إلى حد ما في تقليل معدل التدخين، إلا أنها لم تكن كافية للقضاء على هذه العادة تمامًا.

وفرضت إيران في قانون موازنة بلادها لعام 2023، ضريبة أخرى على كل علبة “سجائر” وكل علبة “معسل” بالإضافة إلى الضريبة المضافة على السجائر والمواد التبغية.

وبلغت ضريبة كل سيجارة منتجة محليًا تباع بالتجزئة تحمل ملصق إيراني ما يعادل 50 تومان، والمنتجة محلياً بعلامة تجارية دولية 100 تومان، وكل عبوة 50 جرامًا من معسل النارجيلة المحلي 20 ألف تومان، و800 تومان لكل سيجارة مستوردة و35 ألف تومان لكل عبوة 50 جرام من معسل النارجيلة المستورد، حيث يتم استخدام هذه الإيرادات الضريبية لتغطي خدمات القطاع الصحي، مع إعطاء الأولوية لإنشاء وتجهيز مراكز العقم ومستشفيات الولادة الحكومية، وصالات الرياضة العامة، وصالات الرياضة للسيدات.

وأظهرت الدراسات أن تأثير الضرائب المفروضة على السجائر في تقليل الاستهلاك يكون أكبر على المدى الطويل وليس له أي تأثير يذكر على المدى القصير. فعلى سبيل المثال، رغم تضاعف سعر السجائر في إيران خلال عام 2018، إلا أن معدل الاستهلاك لم يتراجع.

وفي غضون ذلك، قالت منظمة حماية المستهلكين والمنتجين في إيران إنها شكلت في العام الماضي ما مجموعه 5748 ملف قضائي بتهمة تهريب بضائع بقيمة تجاوزت 9000 مليار تومان، حيث للسلع التبغية والسجائر أكبر حصة بلغت 37%..

في الختام، يعتبر التدخين في إيران قضية خطيرة يجب معالجتها إذا أرادت الدولة تقليل عدد الوفيات الناجمة عن الأمراض المرتبطة بالتدخين والخسائر الاقتصادية التي تنجم عن هذه العادة.

فقد يتوجب التروي في زيادة الضرائب لما لها من نتائج عكسية على المجتمع، ووضع قوانين أكثر صرامة وفرض غرامات في المقاهي والمطاعم للحد من انتشار ثقافة التدخين، وملاحقة عصابات التهريب وبذل جهود متضافرة على حدود الدولة للقبض على المهربين وتجار المواد التبغية.

 

قد يعجبك:

تقرير: هل ساهم زيادة الضرائب على السجائر في إيران في تقليل معدلات الاستهلاك والتهريب؟

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

13 + سبعة =

زر الذهاب إلى الأعلى