قطر تكشف كواليس صفقة تبادل السجناء بين أمريكا وإيران.. ما القصة؟
كشف مستشار رئيس الوزراء القطري، ماجد الأنصاري، عن تفاصيل ما وصفه بالإنجاز الدبلوماسي الذي أعاد 5 أمريكيين محتجزين من إيران إلى وطنهم.
ميدل ايست نيوز: كشف مستشار رئيس الوزراء القطري، ماجد الأنصاري، عن تفاصيل ما وصفه بالإنجاز الدبلوماسي الذي أعاد 5 أمريكيين محتجزين من إيران إلى وطنهم، مشيرا إلى أن الاتفاق جاء بعد عامين من المفاوضات الهادئة، التي قادتها بلاده، ويمكن أن تمهد الطريق للحوار في المستقبل.
وأضاف الأنصاري، خلال مؤتمر “قمة الشرق الأوسط العالمية”، الذي عقدته مؤسستا “المونيتور” و”سيمافور” الإعلاميتان في نيويورك يوم الأربعاء الماضي: “كانت بداية المفاوضات صعبة للغاية (..) وكانت المناقشة دائما من جانب واحد، وكان من الصعب للغاية الحصول على النقاط”، وفقا لما أورده موقع “المونيتور”.
وفي إشارة إلى الاتفاق النووي لعام 2015 المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، قال الأنصاري: “لم يكن هناك سوى القليل من الثقة المتبقية بعد الانسحاب (الأمريكي) من الخطة والتصعيد الذي قامت به إيران”.
وانسحب الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، من الاتفاق النووي متعدد الأطراف في عام 2018 وأعاد فرض عقوبات اقتصادية معوقة دفعت إيران إلى البدء في انتهاك التزاماتها بموجب الاتفاق.
وتولت إدارة الرئيس الأمريكي الحالي، جو بايدن، السلطة متعهدة بالعودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة وتأمين إطلاق سراح عدد قليل من الأمريكيين المحتجزين في البلاد بتهم تجسس لا أساس لها.
وفي السياق، قال الأنصاري، إن الدوحة أرسلت رسائل بشأن القضيتين بعد “اجتماعات لا حصر لها” مع مسؤولين من إيران والولايات المتحدة.
وكان الوسيطان الأساسيان في صفقة تبادل السجناء، بحسب الأنصاري، هما: رئيس الوزراء الشيخ، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ووزير الدولة القطري في وزارة الخارجية، محمد الخليفي.
وعلى مدى يومين، في يونيو/حزيران 2022، تنقل المسؤولون القطريون بين الفنادق في الدوحة لعقد اجتماعات مع المسؤولين الإيرانيين والأمريكيين، لكن المحادثات التي تهدف إلى إحياء الاتفاق النووي انتهت دون تحقيق أي تقدم.
وقال الأنصاري: “في مرحلة ما، كان من الواضح جدًا أن هناك رغبة في التوصل إلى اتفاق من كلا الجانبين (..) كان هذا قبل أقل من عامين تقريبا عندما بدأنا إجراء محادثات غير مباشرة في الدوحة أولا ثم محادثات مباشرة في وقت لاحق”.
وأضاف أن معرفة “التفاصيل الجوهرية للصفقة الحالية والجانب المالي، حدث قبل بضعة أشهر فقط”.
ويلفت “المونيتور”، في هذا الصدد، إلى أن محادثات تبادل السجناء أجريت من خلال أطراف ثالثة، هي: سلطنة عمان وقطر والمملكة المتحدة، بسبب الرفض الإيراني للتعامل مباشرة مع الأمريكيين.
عقبات متعددة
وواجهت المحادثات بشأن تبادل محتمل للأسرى عقبات متعددة على طول طريق المحادثات، ووصف الأنصاري قيام إيران بتزويد روسيا بطائرات حربية مسيرة، بأنها “قضية رئيسية بالنسبة للجانب الأمريكي، أوقفت المفاوضات لفترة طويلة”.
وأضاف: “إن أي شخص تعامل مع هذا النوع من المفاوضات يعرف أنه في اللحظة الأخيرة، تواجه دائماً هذه العقبات التي تظهر، ولم يكن هذا استثناءً”.
وقالت مصادر أخرى، مطلعة على المفاوضات، إن احتجاز إيران لسجينين أمريكيين آخرين هذا العام، تم الحفاظ على سرية هويتهما بناء على طلب أسرتيهما، أدى أيضا إلى عرقلة الاتفاق. وجاءت انتكاسة أخرى بعد أن أدى هجوم بطائرة مسيرة، شنته ميليشيا مدعومة من إيران، إلى مقتل مقاول أمريكي في شمال شرقي سوريا، ما أدى إلى سلسلة من الهجمات الانتقامية في مارس/آذار.
ولعبت سلطنة عُمان دورًا رئيسيًا في تسهيل مناقشات موازية أوسع تهدف إلى تهدئة التوترات بين الجانبين، باعتبارها وسيطا ذا خبرة بين إيران والغرب وكانت مشاركتها أساسية في إبرام الاتفاق النووي لعام 2015.
وكانت الدولة الخليجية بمثابة مكان لإجراء محادثات غير مباشرة بين المسؤولين الإيرانيين والأمريكيين، كان آخرها في مايو/أيار الماضي، وقادها من الجانب الأمريكي منسق البيت الأبيض للشرق الأوسط، بريت ماكغورك.
وفي الشهر التالي، قال وزير الخارجية العماني، بدر البوسعيدي، في تصريحات لـ “المونيتور”، إن “صفقة إطلاق سراح الأمريكيين أصبحت قريبة، ولكن لا بد من العمل على الجوانب الفنية”.
وأضاف يوم الأربعاء أن تبادل المعتقلين الأخير “يرسل الإشارات الصحيحة بالجدية في كلا الاتجاهين (..) نأمل أن نرى المزيد من هذه الخطوات يتم اتخاذها في الأسابيع [و] الأشهر القادمة”.
وبموجب اتفاقية تبادل السجناء، منحت الحكومة الأمريكية العفو لـ 5 إيرانيين مسجونين أو ينتظرون المحاكمة في الولايات المتحدة، كما حصلت إيران على وصول محدود إلى 6 مليارات دولار من عائداتها النفطية التي تم تجميدها في كوريا الجنوبية بسبب العقوبات الأمريكية.
حساب مقيد
وخلال الشهر الماضي، تم تحويل الأموال إلى حساب مقيد في قطر، حيث يقول المسؤولون الأمريكيون إن إيران يمكنها استخدامها لشراء الأغذية والأدوية والأجهزة الطبية والمنتجات الزراعية تحت إشراف أمريكي صارم.
وردا على الانتقادات القائلة باحتمال إساءة استخدام الأموال، قالت مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، الأربعاء، إن الإدارة لديها “ثقة عالية” في الترتيب المالي.
وقالت ليف في مؤتمر قمة الشرق الأوسط العالمية: “لقد وضعنا مجموعة من الترتيبات الصارمة والمقيدة للغاية مع المؤسسات المالية في قطر، حيث سيتم توزيع الأموال لأغراض إنسانية”.
وحتى لو كانت القناة القطرية تعمل بشكل مثالي، فإن المنتقدين يقولون إن الإفراج عن الأصول المالية الإيرانية يحرر الميزانية المحلية الإيرانية لإنفاقها على تمويل الإرهاب في جميع أنحاء الشرق الأوسط، أو تعزيز قوات الحرس الثوري الإسلامي أو تكثيف التخصيب النووي.
ورد الأنصاري على ذلك بالقول إن الدوحة لديها “ضمانات” لعدم تحويل الأموال، وتعمل مع وزارة الخزانة الأمريكية لضمان نجاح القناة الإنسانية بحيث يمكن استخدامها كمنصة أو محرك لتعزيز دعم مفاوضات”.
وأضاف: “إنها سمعتنا على المحك (..) ولهذا السبب لدينا مصلحة راسخة في التأكد من أن هذه العملية شفافة وآمنة قدر الإمكان”.
كما أعرب الأنصاري عن تفاؤله بأن تبادل الأسرى يمكن أن يكون “منصة للحوار” بين إيران والولايات المتحدة، حيث اتخذت كل منهما خطوات لتهدئة التصعيد في الأشهر الأخيرة.
فقد أوقفت الميليشيات الإيرانية في سوريا والعراق هجماتها على القوات الأمريكية، وأبطأت البلاد وتيرة تجميع اليورانيوم عالي التخصيب.
ولكن في تطور مثير للقلق، قالت طهران مؤخرا إنها ستمنع بعض مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية من مراقبة برنامجها النووي.
ويقول خبراء إنه على الرغم من إمكانية استئناف المحادثات النووية، فإن إدارة بايدن ليس لديها رغبة كبيرة في التوقيع على اتفاق مكلف سياسيًا مع إيران قبل انتخابات 2024.
وردا على سؤال حول مستقبل الدبلوماسية النووية، قالت ليف إنها ليس لديها “أخبار” لتقدمها.
وأضافت: “فيما يتعلق بالأحاديث التي تشير إلى وجود نوع من الصفقة في المستقبل القريب، فإنه ليس هناك أي صفقة في الواقع”.