ما هي فوائد الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل بالنسبة لبوتين؟
يبدو أن الكرملين الآن يرغب في إحداث تطورات في الشرق الأوسط من شأنها أن تصب في صالح بوتين بطرق عديدة.
ميدل ايست نيوز: في أعقاب الهجوم الإيراني غير المسبوق بالصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل، وبعد عدة ساعات من الصمت، علقت روسيا بشكل رسمي على هذا الحدث وقالت إن وزارة الخارجية تعرب عن قلقها العميق بشأن التصعيد الجديد والخطير للتوترات في المنطقة.
وقد لا يكون مضمون هذا البيان بعيدا عن الحقيقة، حيث يقول المحللون إن بدء حرب واسعة النطاق في الشرق الأوسط لن تكون في مصلحة حكومة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ولكن يبدو أن الكرملين الآن يرغب في إحداث تطورات في الشرق الأوسط من شأنها أن تصب في صالح بوتين بطرق عديدة، وخاصة في ضوء الحرب المستمرة في أوكرانيا.
وكتبت هانا نوته، وهي عضو بارز في برنامج أوروبا وروسيا وأوراسيا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ومقره واشنطن، على شبكة إكس (تويتر سابقاً): إن نشوب صراع جديد في الشرق الأوسط ودخول المنطقة إلى نقطة مجهولة من دون حرب شاملة هو أفضل شيء يمكن أن يحدث لبوتين في الوقت الحالي.
وهناك عدة أسباب لذلك، أحدها أن هذا الصراع الجديد يمكن أن يصرف الاهتمام العالمي بعيدا عن ما يجري في أوكرانيا، خاصة في الوقت الذي تواجه فيه كييف تحديات كبيرة على الخطوط الأمامية، وقد تتفاقم هذه التحديات في الأسابيع والأشهر المقبلة.
إلى جانب ذلك، كانت شعلة الحرب بين إسرائيل وحماس في أكتوبر من العام الماضي سبباً في تحويل الاهتمام العالمي عن الحرب في أوكرانيا، كما أنها جعلت الجهود الغربية لدعم برنامج الدفاع الأوكراني أكثر صعوبة.
إن اندلاع صراع جديد في الشرق الأوسط، سواء كان ذلك في هيئة أول هجوم مفتوح ومباشر من جانب إيران على عدوتها القديمة إسرائيل، أو العكس، من شأنه أن يضاعف من مشاكل أوكرانيا.
بالنسبة للكرملين، فإن الفوائد المحتملة التي يمكن جنيها من الهجوم الإيراني على إسرائيل واسعة وصارخة.
وخلال العامين الماضيين، أي منذ بدء الهجوم الروسي الضخم على أوكرانيا، صور بوتين الحرب على أنها جزء من صراع أوسع نطاقا. حرب تسعى فيها روسيا للدفاع عن نفسها وعن بقية العالم ضد الغرب، وخاصة الولايات المتحدة.
وفي لعبة الربح والخسارة هذه، فإن الهجوم الإيراني على إسرائيل قد يتماشى مع دعاية الكرملين ويمنح روسيا الفرصة لتعزيز روايتها حول سبب الحرب في أوكرانيا ومواجهتها مع الغرب.
وبشكل خاص، يضيف الهجوم الإيراني الأخير على إسرائيل إلى حالة عدم اليقين المحيطة باحتمالات تقديم المساعدات الأميركية لأوكرانيا. كما أنه زاد من احتمالية تمرير قانون في هذه الحالة في الكونغرس الأميركي.
وبغض النظر عن نتيجة النزاع حول المساعدات الأميركية، فقد يرى بوتين في هجوم إيران على إسرائيل فرصة لزيادة نفوذ موسكو في الشرق الأوسط. المنطقة التي يبدو أنها كانت إحدى أهم أولوياته منذ وصوله إلى السلطة على مدى العقدين الماضيين، حيث أعادت بناء قوة روسيا في منطقة تراجعت فيها بشكل حاد منذ انهيار الاتحاد السوفيتي.
وعززت حرب روسيا مع أوكرانيا علاقات الأولى مع إيران، حيث قدمت إيران يد العون في هذه الحرب عبر توفير الطائرات الهجومية بدون طيار وتكنولوجيا تصنيعها.
ومع ذلك، وكجزء من جهوده لزيادة نفوذ موسكو في الشرق الأوسط وتحدي النفوذ الأمريكي، يحاول بوتين إقامة علاقات جيدة مع أعداء إيران الإقليميين مثل إسرائيل ودول الخليج لاسيما المملكة العربية السعودية.
وتضررت علاقات روسيا مع إسرائيل في الآونة الأخيرة بسبب توجه موسكو الأكبر نحو طهران وردود فعل الكرملين على الحرب بين إسرائيل وحماس.
لكن ربما يأمل الكرملين أن تسمح علاقات روسيا المتعددة الأوجه في الشرق الأوسط، على الرغم من أضرار الحرب، لموسكو بلعب دور مهم في المنطقة في الأشهر أو السنوات المقبلة.
تكمل نوته: بالنظر إلى التقارب المتزايد في العلاقات بين روسيا وإيران، فقد يستنتج الكرملين أن التشنجات المتزايدة التي تعيشها الجمهورية الإسلامية من شأنها أن تزيد من قيمة روسيا لدى دول الخليج ونفوذ موسكو عليها، لأن دول المنطقة قد ترى في موسكو (وبكين) الجهات الفاعلة الوحيدة المؤثرة في طهران وتطلب منهم المساعدة كوسيط لاحتوائها.
هذا النهج بات نمطا متكررا في ظل حكم بوتين لورسيا: خلق التوتر ومن ثم تقديم حل له بما يصب في النهاية في صالح روسيا. لكن من ناحية أخرى، رأى المحللون وسط هجوم حماس على إسرائيل والحرب اللاحقة في غزة، أن موسكو لا تريد حرباً شاملة بين إسرائيل وإيران.
وتوضح السيدة نوته أن مثل هذه الحرب من شأنها أن تحمل مخاطر كبيرة بالنسبة لروسيا فهي ستزيد من تعقيد الوجود العسكري الروسي في سوريا، كما أن توجيه ضربة لإيران قد يؤدي إلى إضعاف جزء من قوة موسكو في مواجهة أوكرانيا.
علاوة على ذلك، “يكاد يكون من المؤكد أن نشوب حرب شاملة من شأنه أن ينهي سياسة التوازن التي تنتهجها روسيا في المنطقة (على الرغم من هشاشتها الآن). وهذا سيجبر موسكو على إمالة ثقلها نحو أحد الطرفين.
تضيف نوته: على الرغم من أن موسكو قد اقتربت أكثر من إيران ووكلائها منذ شنت حربا واسعة النطاق على أوكرانيا، إلا أنها “بالتأكيد لا تريد الوقوف إلى جانب إيران تمامًا”.