دول مجلس التعاون وإيران بعد “رئيسي”.. “دبلوماسية العزاء” تعكس نبض العلاقات

عكس الحضور الخليجي اللافت في مراسم عزاء الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، اهتماماً لدى الطرفين باستمرار تطوير العلاقات التي شهدت توتراً على مدى أكثر من 4 عقود.

ميدل ايست نيوز: عكس الحضور الخليجي اللافت في مراسم عزاء الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، اهتماماً لدى الطرفين باستمرار تطوير العلاقات التي شهدت توتراً على مدى أكثر من 4 عقود منذ قيام الثورة في إيران عام 1978.

الحضور الخليجي الذي برز مع اختفاء مروحية رئيسي ووزير خارجيته الراحل أمير عبد اللهيان، وبعد العثور على حطامها، ورد فعل طهران قبل وبعد الإعلان عن نتيجة الحادث المأساوي، بعث رسائل مفادها أن إرادة التواصل بين ضفتي الخليج حاضرة بصوت مسموع، حتى في مجالس العزاء.

وهو ذات الأمر الذي أكده المرشد الإيراني علي خامنئي لدى استقباله أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، مشيراً إلى أنه “لا خيار أمام دول المنطقة سوى التآزر والوئام”، قبل أن يؤكد على أن “حركة البلاد لن تتغير” بعد وفاة رئيسي، في إشارة إلى المسار الذي انتهجته طهران مؤخراً في الانفتاح على جيرانها العرب.

ومنذ الإعلان عن عودة العلاقات بين السعودية وإيران في مارس من العام 2023 في اتفاق تاريخي، واللقاءات المنتظمة بين المسؤولين الإيرانيين والخليجيين تعكس تقارباً تجلى في التفاعل مع الحادث الأخير الذي أودى بحياة رئيسي ووزير خارجيته أمير عبد اللهيان اللذان أبرما ذات الاتفاق.

وما أن أعلنت طهران عن اختفاء مروحية رئيسها إبراهيم رئيسي حتى سارعت دول الخليج إلى إعلان استعدادها لمد يد العون. وقالت وزارة الخارجية السعودية في بيان وقتها، إن الرياض مستعدة لتقديم ما تحتاجه “الشقيقة” إيران من مساعدة في عمليات البحث عن الرئيس ومرافقيه.

وفور إعلان السلطات الإيرانية وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي ومرافقيه، عكس التفاعل الخليجي مع الحدث الاهتمام القديم والمستمر لدول الخليج الست، بتحقيق الاستقرار في المنطقة.

وتلقى وزير الخارجية الإيراني المكلف علي باقري كني، اتصالات تعزية من نظرائه في دول الخليج، حرص خلالها على تأكيد أن بلاده ستمضي في مسار توسيع وتعميق العلاقات مع دول الجوار، وعلى مواصلة هذا النهج كما جاء في رده على اتصال تعزية من نظيره الكويتي عبدالله اليحيا.

وفد سعودي رفيع في طهران

لم يقف الأمر عند البيانات والاتصالات فحسب، بل أرسلت دول الخليج وفوداً إلى العاصمة الإيرانية طهران لأداء واجب العزاء، كان من أعلاهما تمثيلاً دولة قطر التي حطت طائرة أميرها الشيخ تميم بن حمد في طهران معزياً.

وكان الوفد السعودي من أبرز وفود المعزين تشكيلاً، إذ تقدمه الأمير منصور بن متعب بن عبد العزيز مستشار الملك سلمان وأحد أكبر أعضاء الأسرة المالكة سناً. وحرصت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية على إبراز صور الوفد السعودي والإشارة إلى مكانة الأمير منصور، ولقاءه مساعد الرئيس الإيراني للشؤون السياسية محمد جمشيدي.

كما ضم الوفد السعودي وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، الذي مثل بلاده في مباحثات المصالحة السعودية الإيرانية بعد نحو 7 سنوات من القطيعة، وكذلك السفير السعودي لدى إيران عبد الله بن سعود العنزي، الذي توج وصوله إلى طهران في سبتمبر 2023، الاتفاق التاريخي بين البلدين.

هل تُنهي البحرين القطيعة؟

ولم تقتصر وفود دول الخليج إلى طهران على السعودية وقطر والكويت، فحتى البحرين التي لا تزال في حالة قطيعة دبلوماسية مع إيران، بعثت وزير خارجيتها عبد اللطيف الزياني لتقديم واجب العزاء باسم الملك والحكومة والشعب.

وفي اليوم التالي لتقديم الوفد البحريني لواجب العزاء نقلت وكالة الأنباء الرسمية “بنا” عن ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة قوله، الخميس، خلال اجتماع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إنه لا يوجد سبب لتأجيل عودة العلاقات الدبلوماسية بين المملكة وإيران. وأضاف أن المنامة تتطلع إلى تحسين علاقاتها مع طهران.

وقالت وكالة أنباء “إرنا” الإيرانية، أن زيارة وزير الخارجية البحريني للبلاد هي الأولى منذ 13 عاماً، مشيرة إلى أن ملك البحرين بعث، الاثنين الماضي، برقية تعزية للمرشد الإيراني علي خامنئي.

وكان لافتاً في تشكيل وفد البحرين، التي ليس لديها سفير في طهران، أنه ضم سفير المملكة في سلطنة عمان جمعة الكعبي. ولطالما اضطلعت مسقط بدور الوسيط الموثوق للمفاوضات مع إيران سواء مع الدول الخليجية أو مع دول أخرى، إذ تتمتع بعلاقات تاريخية مع إيران إلى جانب الشراكة الجغرافية بمضيق هرمز، أحد أهم منافذ النقل البحري في العالم.

وفود من سلطنة عمان والإمارات

ومن سلطنة عمان حضر وفد مكلف من السلطان هيثم بن طارق ضم وزراء الإعلام والأوقاف والشؤون الدينية، ووكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية، وسفير عُمان المعتمد لدى إيران.

ومن الإمارات العربية المتحدة تقدم وزير خارجيتها الشيخ عبد الله بن زايد، وفداً ضم وزراء وممثلين شعبيين. ونقل وزير خارجية الإمارات تعازي رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ومواساته في وفاة الرئيس الراحل ومرافقيه.

وفي الآونة الأخيرة بدأت العلاقات الخليجية الإيرانية تجنح نحو الهدوء والتطور أكثر، منذ إعلان المصالحة السعودية التي تمت العام الماضي بوساطة الصين، التي تتمتع بعلاقات متينة مع الجانبين.

وكان قد سبق لإيران أن أرسلت وفود تعزية إلى دول خليجية عند وفاة قادتها، كحضور الوزير الراحل حسين عبد اللهيان ممثلاً للرئيس الراحل لتقديم واجب العزاء في رحيل رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة السابق الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان في مايو 2022.

كما مثّل عبد اللهيان بلاده في تقديم واجب العزاء في وفاة أمير الكويت السابق الشيخ نواف الأحمد الصباح في ديسمبر الماضي.

وفي عام 2020 كان وزير الخارجية الإيراني السابق جواد ظريف من أوائل الحاضرين إلى مسقط، لينقل تعازي قيادة بلاده في رحيل سلطان عمان السابق السلطان قابوس بن سعيد.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

واحد × اثنان =

زر الذهاب إلى الأعلى