من الصحافة الإيرانية: العراق واستيراد الغاز الإيراني.. الخلفية السياسية وأخطار مقبلة
حتى لو تم تشكيل حكومة جديدة في إيران تتفاعل جيدا مع دول العالم، فسيكون الأمر صعباً لأن البنية التحتية اللازمة لقطاع الغاز قد دمرت والأساس غير جاهز.
ميدل ايست نيوز: أكد خبير إيراني في شؤون الطاقة أنه حتى لو تم تشكيل حكومة جديدة في إيران تتفاعل جيدا مع دول العالم، فسيكون الأمر صعباً لأن البنية التحتية اللازمة لقطاع الغاز قد دمرت والأساس غير جاهز.
وقال ميرقاسم مؤمني في مقابلة مع وكالة إيلنا للأنباء، في تقييمه لمشاريع العراق لوقف استيراد الغاز من إيران: نقايض ونتبادل صادرات الغاز مع عدة دول، لكننا نواجه بعض المشاكل في العراق، إحداهما هي أن لدينا مشكلة في استلام أموال الصادرات، إذ لا تستطيع البنوك العراقية دفع ثمن الغاز الذي تم شراؤه من إيران، لا سيما بعد أن فرضت أمريكا عقوبات على عدة بنوك عراقية بسبب تحويلاتها المالية مع إيران، وقد خلقت هذه القضية مشكلة خطيرة للعراقيين.
وأضاف: المسألة الثانية هي أن العراق نفسه منتج للنفط والغاز، والشركات الأوروبية والأمريكية تعمل بنشاط على إعادة بناء البنية التحتية للطاقة التي تضررت بعد الحرب والغزو الأمريكي.
وأردف الخبير في شؤون الطاقة: يصدر العراق اليوم نفطا يتجاوز الكميات التي تصدرها إيران، ونظراً لعمليات تطوير حقول الغاز القائمة، فقد يصدر الغاز في السنوات القليلة المقبلة. من ناحية أخرى، تخطط تركيا لنقل خط أنابيب الغاز عبر الشمال إلى العراق وتوفير جزء من احتياجات البلاد من الغاز. أي أنها تسعى في العقد المبرم مع إقليم كردستان والحكومة المركزية في العراق إلى إدخال خط أنابيب الغاز عبر أذربيجان-روسيا-كازاخستان إلى مرحلة التصدير. بالتالي، يتم إرسال جزء من الغاز إلى العراق ومن ثم إلى دول الخليج، وهو ما يعني في الواقع تجاوز إيران.
وذكر مؤمني: يحاول العراق، بالنظر للأجواء والسياسات الحاكمة فيه، وأيضا وفقا للتطورات التي تشهدها المنطقة، التقليل من اعتماده على إيران تحت ذرائع مختلفة، لأن السلطات الأمنية العراقية وبعض أحزاب وجماعات هذا البلد تعتقد أن اعتماد العراق على غاز إيران أثر على الملفات السياسية والأمنية، كما أدى هذا الاعتماد إلى إضعاف موقف العراق السياسي. ولهذا السبب، يفكر هؤلاء في استبدال الغاز الإيراني بغاز أذربيجان وكازاخستان أو الغاز المرسل من روسيا إلى تركيا. وبعبارة أوضح، هناك ملفات أمنية سياسية وراء كواليس هذه المخططات.
وواصل عن تأثير تغير الأوضاع السياسية لإيران على الساحة الدولية على تطور صادرات الغاز: إن مسألة عقود النفط والغاز ليست كغيرها من السلع التي يمكن تنفيذها في غضون بضعة أشهر أو حتى سنة أو سنتين، عقود الغاز مثلا لا تقل عن 20 إلى 30 عام حتى يتم مد البنية التحتية لخطوط الأنابيب، فضلا عن وجوب إبرام اتفاقية أمنية. وعليه، إذا كان من المقرر بناء خط الأنابيب من أفغانستان وتركيا إلى باكستان أو إلى العراق ودول الخليج، فلا يمكن العودة والتوجه إلى إيران مرة أخرى لشراء الغاز مهما تحركت البيئة السياسية الإيرانية نحو التفاعل مع العالم.
وأكد هذا الخبير: لقد فقدنا فرصة لكي نصبح مركز الطاقة في المنطقة، وحل الأتراك محل إيران وأصبحوا مركزًا لاستيراد وتصدير الغاز. تحصل تركيا على الغاز من روسيا وأذربيجان وكازاخستان وتركمانستان وإيران، ولا تلبي احتياجاتها الخاصة فحسب، بل تصدره أيضًا إلى دول أخرى بسعر أعلى بطرق مختلفة، وبهذه الطريقة تكسب دخلًا مرتفعًا من العملات الأجنبية وتزيد من رصيدها السياسي. لذلك، حتى لو قمنا اليوم بتحسين علاقاتنا مع العالم وسعينا لإزالة العقوبات، فإن مشكلتنا لن تحل، لأن هناك حاجة إلى بنية تحتية وعقود جديدة ومذكرات جديدة، وكلها تستغرق وقتا طويلا.
وقال مؤمني في الختام: في ظل هذه الأوضاع، حتى لو تم تشكيل حكومة تتفاعل جيدا مع العالم، فسيكون الأمر صعباً لأن البنية التحتية اللازمة قد دمرت والأساس غير جاهز. نحن بحاجة إلى المضي قدماً بعقلانية أكبر لتقليل الخسائر، وهذا يتطلب إزالة العوائق، أي حل مسألة العقوبات ومجموعة العمل المالي وسويفت. هذه هي أدواتنا الاقتصادية في علاقاتنا مع دول العالم. فمثلاً أوروبا وأمريكا لديهما علاقات مع بعضهما البعض، لكنهما يتنافسان في الاقتصاد. المنافسة الاقتصادية في العالم أمر طبيعي، وحتى لو تحسنت كل الظروف، فلا يزال يتعين علينا أن نعرف أننا نتنافس مع العالم في الأمور الاقتصادية.