ما هي حجم خسائر القطاع الصناعي الإيراني بسبب انقطاع التيار الكهربائي؟

كان صيف هذا العام 2024 فصلا مليئا بالتحديات بالنسبة للصناعات في إيران، وخاصة الصناعات الكبيرة والاستراتيجية.

ميدل ايست نيوز: كان صيف هذا العام 2024 فصلا مليئا بالتحديات بالنسبة للصناعات في إيران، وخاصة الصناعات الكبيرة والاستراتيجية. وكان لانقطاع التيار الكهربائي المتكرر والواسع النطاق الناجم عن العجز في إنتاج الطاقة واستهلاكها في البلاد آثار عميقة وواسعة النطاق على مختلف القطاعات الصناعية.

وأظهرت هذه الأزمة بوضوح نقاط الضعف الهيكلية في إدارة موارد الطاقة وتخطيط البنية التحتية في إيران. وتعرضت صناعة الأدوية، باعتبارها إحدى الصناعات الحيوية والهشة في الوقت نفسه في البلاد، لأضرار جسيمة من هذه الأزمة، على الرغم من الوعود بالبقاء في مأمن من انقطاعات الكهرباء.

ويعتقد خبراء الصناعة أن الحلول قصيرة المدى، مثل ترشيد الاستهلاك في القطاع المنزلي، لا تخدم هذه الأزمة إلا بشكل مؤقت، ولا يمكنها الاستجابة للتحديات الأساسية لصناعة الكهرباء في البلاد. وما يبدو ضرورياً هو الاستثمار المستهدف والمناسب في البنية التحتية لتوليد وتوزيع الكهرباء.

وفي تحليل لهذا الوضع، يتضح أن أزمة انقطاع التيار الكهربائي هي أكثر من مجرد تحدٍ فني أو إداري. تظهر هذه الأزمة ضعف سياسات الطاقة الكلية والصناعة في البلاد. ويظهر الجعز بين نمو الطلب على الطاقة والقدرات الإنتاجية عدم وجود استراتيجية شاملة واستشرافية في هذا القطاع.

اقتصاديا، إن استمرار هذه الأوضاع يمكن أن يكون لها عواقب وخيمة على القدرة التنافسية للصناعات الإيرانية على المستوى الدولي، فانخفاض الإنتاج وزيادة التكاليف بسبب انقطاع التيار الكهربائي لا يؤثر فقط على ربحية المؤسسات الاقتصادية، بل يمكن أن يؤدي أيضًا إلى خسارة أسواق التصدير وخفض حصة إيران في التجارة العالمية.

انخفاض إنتاج الأدوية في إيران بنسبة 30%

يقول الدكتور محمد عبدو زاده، رئيس مجلس إدارة نقابة أصحاب الصناعات الدوائية البشرية في إيران، في حديث لـ”دنياي اقتصاد“: بينما كان من المفترض أن يكون انقطاع التيار الكهربائي عن الصناعات الدوائية يوماً واحداً فقط في الأسبوع، إلا أن معظم المدن الصناعية وصلت الانقطاعات فيها إلى ثلاثة أيام أو أكثر.

وأضاف: بحسب الإحصائيات التي نشرتها وزارة الصحة، فإن كمية إنتاج الدواء في شهر أغسطس من هذا العام انخفضت بنسبة 30% مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، ويرجع جزء مهم من هذا الانخفاض في الإنتاج إلى نقص الطاقة وانقطاع الكهرباء، الأمر الذي يتطلب اهتماما خاصا من الحكومة.

ما الضرر الذي سببه انقطاع التيار الكهربائي لصناعة التعدين؟

واجهت صناعات التعدين تحديا خطيرا في صيف عام 2024. فانقطاع التيار الكهربائي وصل إلى ثلاثة أيام في الأسبوع أو أكثر. وكان لهذا الوضع الذي نتج عن قلة توليد الكهرباء مقابل زيادة الاستهلاك، عواقب واسعة على أداء هذه الصناعات. وتشير التحليلات إلى أن هذه الانقطاعات أدت إلى انخفاض الإنتاج بنسبة 30-40% في مختلف قطاعات صناعة التعدين، وفي بعض الحالات كان هذا الرقم أعلى.

وقال حميد فرماني، نائب رئيس جمعية الأسمنت الإيرانية، إن كمية إنتاج الأسمنت في البلاد انخفضت بنسبة 70% بسبب الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي. وفي صناعة الصلب، وهي إحدى فئات الطاقة الفرعية لهذا القطاع، كان الانخفاض في الإنتاج كبيرًا. هذا الانخفاض في الإنتاج، بالإضافة إلى التأثير المباشر على دخل الشركات، أدى أيضًا إلى تعطيل سلسلة التوريد المحلية.

ومن ناحية أخرى، أدى انخفاض المعروض من المعادن والمنتجات المعدنية إلى الأسواق المحلية والخارجية إلى ارتفاع أسعارها. على سبيل المثال، ارتفع سعر سبائك الصلب في الأسواق المحلية بنسبة 25٪. وأدت هذه الزيادة في الأسعار إلى خفض القدرة التنافسية للمنتجات الإيرانية في الأسواق العالمية.

ولكن ربما كانت أهم التبعات لهذا الوضع هو تأثيرها على العلاقات التجارية مع العملاء الأجانب. وتشير التقارير إلى أن بعض مصدري المعادن الرئيسيين في إيران واجهوا إلغاء عقود طويلة الأجل بسبب عدم قدرتهم على تسليم الطلبيات في الوقت المحدد. وهذا الأمر، بالإضافة إلى الخسائر المالية قصيرة المدى، يمكن أن يؤدي إلى خسارة حصة إيران في سوق تصدير المنتجات المعدنية على المدى الطويل.

ضغط متعدد الاتجاهات على صناعة الصلب

مهرداد أكبريان رئيس جمعية منتجي ومصدري الحديد الخام أشار إلى أبعاد تأثيرات انقطاع التيار الكهربائي على صناعة التعدين، وخاصة الصلب، لـ”دنياي اقتصاد”، فقال: لم يقتصر انقطاع التيار الكهربائي في قطاع الصناعة والتعدين هذا العام فحسب، بل بسبب الحرارة المرتفعة وزيادة استهلاك الكهرباء في القطاع المنزلي، كان هناك ضغط كبير على الصناعات، وخاصة صناعة الصلب.

ووفقا له، انخفض السعر العالمي للصلب في الأشهر الأخيرة، وانخفض هامش الربح في صناعة الصلب وصناعة التعدين، مما تسبب في تعرض منتجي هذا المجال لضغوط إضافية.

يقول أكبريان: لم يتم بعد جمع إحصائيات دقيقة عن حجم الأضرار التي لحقت بالصناعة نتيجة انقطاع التيار الكهربائي، لكني أتوقع أنه في نهاية صيف 2024 سينخفض ​​حجم الإنتاج بنسبة 30% مقارنة بالصيف السابق.

في المجمل، أظهرت تجربة صيف 2024 أن أمن الطاقة عامل حيوي لاستدامة الصناعات الإيرانية وقدرتها التنافسية ويتطلب الاهتمام الجاد من صناع السياسات والمديرين الصناعيين.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

3 × اثنان =

زر الذهاب إلى الأعلى