خبيران إيرانيان: الحرب في مرحلة جديدة وهذه السيناريوهات المقبلة

خلافا لعملية "الوعد الصادق 1" التي شنت خلالها طهران في أبريل الماضي لأول مرة في تاريخها هجوما بالصواريخ والمسيرات على الاحتلال الإسرائيلي، فإن طهران التزمت الصمت المطبق حيال هجومها الصاروخي مساء الثلاثاء، حتى بعد تداول الصور على منصات التواصل الاجتماعي.

ميدل ايست نيوز: في رابع يوم من الحداد العام الذي أعلنه المرشد الإيراني الأعلى على روح الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، والذي يستمر 5 أيام في الجمهورية الإسلامية، شنّ الحرس الثوري هجوما مباغتا بعشرات الصواريخ على “الأراضي الفلسطينية المحتلة”، محذرا من أن أي رد عسكري إسرائيلي سيواجه بهجمات أقوى وأكثر تدميرا.

وخلال دقائق قليلة بعد الإعلان عن بدء العملية التي سُميت “الوعد الصادق 2” وإطلاق الصواريخ على إسرائيل، تحوّلت أجواء الحزن والحداد التي أعقبت اغتيال نصر الله في الغارات الإسرائيلية التي ضربت مساء الجمعة الضاحية الجنوبية لبيروت، إلى احتفالات جماعية في ساحة فلسطين وسط طهران والعتبات المقدسة المنتشرة في المحافظات الأخرى.

وعلى وقع أنشودة “خيبر خيبر يا صهيون، جيش محمد قادمون”، التي تبثها القنوات الإيرانية باستمرار، تعالت هذه الليلة التكبيرات من فوق أسطح المنازل بالتزامن مع احتفالات في الشوارع مع أصوات السيارات التي تبث أناشيد وطنية وأغاني شعبية، دعما للعملية العسكرية التي جاءت في مطلع أكتوبر/تشرين الأول وتزامنا مع رأس السنة العبرية.

عمليات مركبة

وخلافا لعملية “الوعد الصادق 1” التي شنت خلالها طهران في أبريل/نيسان الماضي لأول مرة في تاريخها هجوما بالصواريخ والمسيرات على الاحتلال الإسرائيلي، وأخطرت قبلها دول الجوار والولايات المتحدة الأميركية بعزمها تنفيذ الهجوم، فإن طهران التزمت الصمت المطبق حيال هجومها الصاروخي مساء الثلاثاء، حتى بعد تداول الصور على منصات التواصل الاجتماعي.

وأعلن الحرس الثوري في بيانه الأول، أن العملية تمت بناء على قرار من المجلس الأعلى للأمن القومي ودعم الجيش الإيراني، وأنها تأتي ردا على اغتيال الكيان الإسرائيلي رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية والأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله والمستشار العسكري الإيراني اللواء عباس نيلفروشان الذي اغتيل في لبنان.

وبينما اعتبر بيان الحرس الثوري الإيراني الهجوم الصاروخي “موجة أولية من الهجمات على الأراضي المحتلة”، يكشف الباحث العسكري المقرب من الحرس الثوري علي عبدي، أن العملية الصاروخية التي شملت إطلاق 400 صاروخ باليستي وفرط صوتي نحو الاحتلال الإسرائيلي هي واحدة من 20 عملية خُطط لها بمشاركة إيران وعدد من فصائل المقاومة.

ويوضح عبدي أن “العمليات العسكرية التي بدأت بإطلاق مئات الصواريخ من الأراضي الإيرانية باتجاه الأراضي المحتلة ستليها عمليات أخرى على دفعات من جغرافيا محور المقاومة خلال الساعات والأيام القليلة المقبلة”، مضيفا أنها ستتوسع في حال ردت تل أبيب بعمليات عسكرية على أهداف داخل الأراضي الإيرانية.

وبرأي المتحدث نفسه، فإن إيران تعمدت هذه المرة إطلاق صواريخ متطورة “لإلحاق أضرار في البنى العسكرية الإسرائيلية، وإراقة دماء عسكرية صهيونية، انتقاما لدماء قادة المقاومة”، مؤكدا أن الهجوم الصاروخي يخطر إسرائيل بجانب من القوة العسكرية الإيرانية التي تتمكن من ضرب أهدافها بنجاح من دون أن تستطيع مضاداتها الجوية اعتراضها.

وتابع عبدي أن “الهجوم الإيراني لا يعني إعلان حرب على الكيان الإسرائيلي، ذلك أن العقيد العسكرية الإيرانية لا تسمح ببدء حرب من جانب إيران، لكنها ترسل رسالة استعداد للتعامل مع أي تهديد قد يستهدف أراضيها، وبذلك من الممكن أن تتطور الضربة الإيرانية الثانية إلى حرب في حال رغب العدو بذلك”.

وبرأي الباحث الإيراني، فإن “الهجوم الإيراني قبل أن يصيب أهدافه في عمق الأراضي المحتلة قد استهدف إدراك المحور الصهيوأميركي وعقليته العسكرية للقدرات الإيرانية والجانب الخفي منها”. وخلص إلى أن “العملية العسكرية الإيرانية هذه الليلة هي الأكبر منذ الحرب العراقية الإيرانية، بل هي أكبر هجوم صاروخي على الجانب الإسرائيلي في القرن الـ21″، على حد تعبيره.

سبب التأجيل

يؤكد القيادي السابق وأحد أبرز مؤسسي الحرس الثوري الجنرال المتقاعد حسين كنعاني مقدم، إطلاق بلاده نحو 400 صاروخ باليستي وفرط صوتي خلال عملية “الوعد الصادق 2″، موضحا أن التقارير الواردة من الجانب الإسرائيلي عن عدد الصواريخ التي أطلقت خلال نصف ساعة “تتحدث عن الأعداد التي بلغت أهدافها في عمق الأراضي المحتلة بما في ذلك القواعد العسكرية”.

ويرجع القيادي السابق في الحرس الثوري “سبب تأجيل الثأر لدماء هنية إلى الخطة التي وضعت لاستهداف قائد في كابينت الحرب الصهيونية” وعلى رأسها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وأضاف أن عملية إطلاق الصواريخ تم التعجيل بتنفيذها “عقب تجاوز تل أبيب بعضا من خطوط إيران الحمراء، والتمادي الصهيوني في استهداف قادة المقاومة، والنشوة التي أراد من خلالها تسجيل انتصار” عشية السابع من أكتوبر/تشرين الأول وذكرى عملية طوفان الأقصى.

وقال كنعناني مقدم إن “أصابع إيران على الزناد، وإن ألف صاروخ من شتى الطرازات موجهة في الوقت الراهن نحو الكيان الصهيوني”، وأضاف أن بلاده حددت بنك أهداف مكونا من 5 آلاف نقطة حساسة في المنطقة قد يطالها الرد الإيراني في حال قامت تل أبيب وحلفاؤها بأي “مغامرة” ضد السيادة الإيرانية.

ورأى، أنه “قد لا تحتاج الصواريخ الإيرانية أن تقطع مسافة 1500 كيلومتر لضرب عمق الجانب الإسرائيلي، وقد يتفاجأ العدو بهطول مئات الصواريخ عليه من المسافة صفر إذا أراد مهاجمة الأراضي الإيرانية”.

وكشف الباحث، أن العديد من المسيرات الإيرانية لم تكن مسلحة خلال عملية الوعد الصادق الأولى، وإنما أطلقت للإخلال بالمضادات الجوية، وأن مهمة البعض الآخر منها كان الاستكشاف والتصوير، “وهذا ما تحقق بالفعل”، وأن الحرس الثوري لم ير حاجة هذه المرة لإطلاق المسيرات، بل ركز على إطلاق الصواريخ بعد تحديده الثغرات الأمنية لدى المنظومة العسكرية الإسرائيلية.

وتوقع، أن ترد إسرائيل بهجوم عسكري محدود لحفظ ماء الوجه، مؤكدا أن الرد الإيراني سيكون حينها أعظم من عمليتي الوعد الصادق الأولى والثانية، وأنه لا يستبعد استمرار الهجوم والهجوم المضاد بين طهران وتل أبيب حتى انتخابات الرئاسة الأميركية المقررة الشهر المقبل.

وعما إذا سيضع الهجوم الإيراني حدا للعمليات الإسرائيلية بحق فصائل المقاومة، يرجح كنعاني مقدم أن ينفذ العدو الإسرائيلي اجتياحا بريا في جنوب لبنان خلال الأيام القليلة المقبلة لتعويض خسارته، مؤكدا أن العملية البرية ستقود إلى حرب شرسة هناك، وأن الغارات الإسرائيلية ضد فصائل المقاومة ستلقى ردا أقوى مما اعتادته تل أبيب حتى الآن.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الجزيرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

4 × 3 =

زر الذهاب إلى الأعلى