من الصحافة الإيرانية: ما علاقة التطورات السورية بالأمن القومي الإيراني؟

أحد الأسئلة التي ربما شغلت أذهان العديد من الرأي العام هو: ما هي علاقة التحولات وعدم الاستقرار الحالي في سوريا بالأمن القومي الإيراني؟

ميدل ايست نيوز: تمر سوريا بلحظات عصيبة ومتوترة، فقد احتل جماعة مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام الإرهابية محافظتي حلب وإدلب، وترد أنباء عن محاولاتهم للسيطرة على محافظتي حماة وحمص أيضًا. ليتضح هنا الدعم التركي والإسرائيلي والتشجيع الأمريكي لهم.

وكتب موقع فرارو، أن الجيش السوري على الجبهة المقابلة بمساندة حلفائه يسعى إلى قمع الإرهابيين بشتى الطرق الممكنة واستعادة المواقع التي فقدها. وتشير التقارير الميدانية إلى أن الجيش السوري تمكن من استعادة السيطرة على العديد من المناطق الهامة في ضواحي مدينة حماة.

في هذا السياق، أحد الأسئلة التي ربما شغلت أذهان العديد من الرأي العام هو: ما هي علاقة التحولات وعدم الاستقرار الحالي في سوريا بالأمن القومي الإيراني؟ للإجابة على هذا السؤال، لا بد أن نستعرض ثلاثة عناصر أساسية.

أولاً، تعتبر تركيا واحدة من اللاعبين الرئيسيين وراء الكواليس في الاضطرابات الحالية في سوريا. على مدار السنوات الأخيرة، قامت أنقرة بتحركات واسعة، خاصة في منطقة القوقاز وآسيا الوسطى، وسعت من خلالها إلى تعزيز نفوذها في هذه المناطق المجاورة لإيران. حمل هذا النفوذ، في بعض الحالات مثل محاولة بناء ممر زانغزور أو تعزيز الحركات البان-تركية وخاصة الناتو في وسط آسيا، حمل تحذيرات وتهديدات جدية للأمن القومي الإيراني.

في هذا السياق، وضعت الحكومة التركية أيضًا توسيع نفوذها في غرب آسيا على حساب إيران ضمن أولوياتها. مما يعني أنه إذا لم يتم التصدي لهذا الموضوع، فإن دائرة النفوذ التركي في المنطقة ستتوسع على حساب طهران، مما سيترتب عليه عواقب سلبية للأمن القومي الإيراني. تصبح أهمية هذا الموضوع أكثر وضوحًا عندما نعلم أن تركيا، بتوجهات العثمانية الجديدة التي يتبناها الرئيس رجب طيب أردوغان، ترى منذ سنوات محور المقاومة في المنطقة كعدو لمصالحها وتسعى إلى إضعافه. وهو ما خلق نوعًا من المنفعة المشتركة بين تركيا وإسرائيل في مواجهة إيران.

على أي حال، بعيدًا عن أن إيران تتمتع باليد العليا في غرب آسيا، فهي أيضًا تمتلك أوراقًا قوية في منطقة البحر الأحمر ومضيق باب المندب من خلال إشراف الحوثيين اليمنيين على المنطقة المذكورة. هذا يعطي إيران أوراقًا رابحة فعالة في مواجهة تركيا، ويمكنها من موازنة أي تحركات تهدد أمنها قد تقوم بها أنقرة في المستقبل.

ثانيا، يسعى الكيان الصهيوني لتحقيق أهداف خاصة ومتنوعة من خلال زعزعة أمن سوريا. لا يجب أن ننسى أن نفوذ إيران في سوريا لا مثيل له، ومن وجهة نظر المنافسين والأعداء، يُعتبر تهديدًا كبيرًا.

يجب أن نلاحظ أن النفوذ الإقليمي لإيران يعد أحد أدوات القوة الأساسية بالنسبة لطهران. لهذا السبب، تسعى القوى المنافسة والمعارضة لإيران بكل الطرق الممكنة إلى إضعاف هذا النفوذ. الأمر الذي قد يؤدي، من منظور أوسع، إلى تقويض أسس الأمن القومي الإيراني.

ثالثا، لم يتبقَ وقت طويل حتى عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. وهو شخص من المحتمل أن يسعى، مع فريقه المتشدد في السياسة الخارجية والاقتصاد الأمريكي، إلى فرض ضغوط واسعة على إيران، خصوصًا من الناحية الاقتصادية وتحفيز التوترات الأمنية الداخلية. ومن هنا، يسعى ترامب وفريقه إلى خلق بيئة مواتية لهم في مواجهة إيران قبل وصولهم إلى السلطة، باستخدام جميع الأدوات الممكنة.

إذن، قد يكون إثارة الأزمات في سوريا وإضعاف أدوات القوة الإيرانية في هذا البلد أحد الاستراتيجيات التي يتبعها هؤلاء لمواجهة، كما يزعمون، “إيران الضعيفة” في المستقبل. إيران التي يعتقدون أنها ستكون مستعدة للتفاوض والتسوية بشأن ملفها النووي وقضايا أخرى متعددة مرتبطة بذلك. لهذا، ترى إيران أن وجودها القوي في جبهة سوريا وإحباط المؤامرات في بلاد الشام هو بمثابة مقدمة لمواجهة قوية مع الموجة الجديدة من الضغوط التي سيشنها ترامب وحلفاؤه ضدها وضد محور المقاومة.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

14 + خمسة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى