من الصحافة الإيرانية: هل تتحالف إيران مع المثلث العربي بعد سقوط نظام الأسد؟

يمثل سقوط النظام السياسي لعائلة الأسد في سوريا تحولًا كبيرًا في ميزان القوى الإقليمي وتغييرًا في أنماط الصداقة والعداوة.

ميدل ايست نيوز: يمثل سقوط النظام السياسي لعائلة الأسد في سوريا تحولًا كبيرًا في ميزان القوى الإقليمي وتغييرًا في أنماط الصداقة والعداوة، ما سيؤدي بطبيعة الحال إلى رسم اصطفافات وتحالفات جديدة في الشرق الأوسط. فإذا عرّفنا النظام على أنه أنماط النزاع والتعاون بين الأطراف الفاعلة، فإن انهيار النظام القائم والتوجه نحو نظام جديد يتحققان من خلال تغييرات في توزيع القوى بين القوى المؤثرة في جغرافية النزاع.

بمعنى آخر، إن نظام توازن القوى بين الأطراف المنافسة أو المتنازعة، مثل إيران، السعودية، الإمارات، تركيا، إسرائيل، ومصر في الشرق الأوسط، لن يتغير إلا إذا شهدت قوة أو أكثر من هذه الأطراف انخفاضًا أو زيادة في نفوذها نتيجة فقدان مناطق النفوذ أو التعرض لمشكلات داخلية أو تغيير الأولويات الاستراتيجية على المستوى الإقليمي.

لا يمكن الحديث عن نظام جديد في الشرق الأوسط إلا من خلال تحول في توزيع القوى بين الأقطاب الرئيسية. على سبيل المثال، إذا لم تكن إسرائيل تمتلك القدرة على أن تصبح المهيمنة الإقليمية، فإنه يجب إضعاف إيران للتمهيد لدمج إسرائيل في المنطقة، مع الحفاظ على تفوقها العسكري واستكمال اتفاقيات التطبيع مع الدول العربية.

في هذا السياق، إذا افترضنا أن سقوط بشار الأسد والضربات التي تلقتها حماس وحزب الله ألحقت ضررًا كبيرًا بجزء من الردع الإقليمي الإيراني، فإن الأطراف المنافسة أو المعادية ستعتبر هذا التحول بمثابة تغيير في ميزان القوى الإقليمي وستسعى لملء فراغ القوة.

وعلى وقع هذا، ستتجه إيران، مثل أي دولة أخرى، نحو استعادة الردع. لكن نموذج استعادة الردع، مع الأخذ في الاعتبار استراتيجية إسرائيل الهجومية واحتمال عودة ترامب، لا يمكن أن يعتمد على إيجاد حليف جديد في سوريا أو تقديم الدعم المالي والمعنوي للحلفاء الإقليميين في المدى القصير. بل يحتاج ذلك إلى رؤية طويلة الأمد.

على المدى القصير، يمكن أن يكون الحل في تبني استراتيجية سياسية ودبلوماسية نشطة على المستويين الإقليمي والدولي. إذ يمكن لإيران أن تتماشى مع القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن بشأن سوريا، والذي يؤكد على الحوار السوري-السوري، وإجراء انتخابات حرة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية. هذا النهج قد يساعد إيران على الاقتراب من المؤسسات والمنظمات الدولية.

لكن التطبيق العملي لهذا النهج يجب أن يُعرّف على المستوى الإقليمي. فالتطورات الداخلية في سوريا، مثل تصاعد نفوذ الإسلاميين من الإخوان المسلمين إلى السلفيين الجهاديين، قد أثارت قلق الأطراف العربية. وبما أن تركيا ترى في الوضع السوري فرصة لتعزيز نفوذها الإقليمي بمساعدة قطر، فإن عودة قوة الإخوان المسلمين قد تشكل مصدر قلق جديد بعد عقد من قمعهم.

مصر، الإمارات، والسعودية هي ثلاث دول تعارض الإخوان وتحلل الوضع السوري من هذا المنطلق. مشاركتهم النشطة في اجتماعات مثل “أستانا” في الدوحة قبل سقوط دمشق و”العقبة” بعد الإطاحة بالأسد، تعكس هذه النظرة تجاه التهديدات المحتملة.

هذه المخاوف تنبع من قضايا أساسية، حيث تعتبر كل من الإمارات والسعودية الإخوان تهديدًا وجوديًا لأنظمتها المستقرة، حتى أنهما صنفتا الجماعة كتنظيم إرهابي.

وقد يؤدي انضمام إيران إلى وجهات نظر ومخاوف هذه الدول الثلاث إلى تشكيل تحالف تكتيكي يُكمل الاتفاقات السياسية بين إيران والسعودية على المستوى الإقليمي، ويربط تعامل إيران مع سوريا ما بعد الأسد بتحالف إقليمي قوي.

يمكن لهذا التحالف التركيز على قضايا مثل الحوار السوري-السوري، الانتخابات الحرة، تشكيل حكومة وحدة وطنية، والحفاظ على وحدة الأراضي السورية، ومنع هيمنة أي تيار داخلي على السلطة.

ونظرًا لمخاطر تصاعد الإسلاميين الجهاديين إلى السلفيين والإخوان، وتجارب إيران السلبية مع هذا التيار خلال العقدين الماضيين، بما في ذلك التهديدات الحدودية والعمليات الإرهابية داخل إيران، يمكن القول إن انضمام إيران إلى محور السعودية والإمارات ومصر فيما يتعلق بسوريا ما بعد الأسد قد يتيح لها إدارة المخاطر وتسهيل حل بعض القضايا الإقليمية مع هذه الدول، مما يفتح آفاقًا جديدة لتحالفات السياسة الخارجية الإيرانية.

 

كامران كرمي
باحث في قضايا الجزيرة العربية

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

4 + ثمانية عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى