لماذا تطرح بعض الأوساط الإيرانية فرضية التخريب وراء انفجار ميناء رجائي؟

رغم أن التحقيقات الأولية بشأن انفجار ميناء "الشهيد رجائي" الواقع بمدينة بندر عباس الإيرانية لم تتضح بعد، فقد طرحت بعض الأوساط الإيرانية احتمالية أن الانفجار قد يكون ناتجًا عن عمليات تخريبية.

ميدل ايست نيوز: رغم أن التحقيقات الأولية بشأن انفجار ميناء “الشهيد رجائي” الواقع بمدينة بندر عباس الإيرانية لم تتضح بعد، فقد طرحت بعض الأوساط الإيرانية احتمالية أن الانفجار قد يكون ناتجًا عن عمليات تخريبية، نظرا للظروف السياسية المحيطة بهذا الحادث.

الحادث المشابه إلى حد كبير لكارثة مرفأ بيروت التي وقعت عام 2020، جاء نتيجة اندلاع حريق في إحدى الحاويات التي كانت تحتوي على “بضائع خطرة ومواد كيميائية”، وتحول الحريق بسرعة إلى انفجار ضخم أدى إلى تصاعد سحابة فطرية ضخمة برتقالية اللون، وهو ما أثار الذعر في المنطقة وأدى إلى تدمير جزء من الميناء.

تغريدة عراقجي

قبل وقوع الانفجار، نشر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي تغريدة على منصة “إكس” عبر فيها عن قلقه من “أي استفزازات أو محاولات تخريب” قد تهدف إلى عرقلة المفاوضات النووية بين طهران وواشنطن.

وأكد عراقجي، في تغريدته، أن “أجهزتنا الأمنية في حالة تأهب قصوى”، محذرًا من أن بعض الأطراف قد تسعى لعرقلة هذه المفاوضات باستخدام أساليب متعددة، وارتبطت هذه التغريدة بشكل واضح بالتحذيرات الإيرانية التي سبقت الانفجار، مما جعل فرضية التخريب تبرز بشكل قوي بين الأوساط السياسية الإيرانية، التي ربطت هذا الحادث بمحاولات لعرقلة التقدم في المفاوضات النووية.

وفي وقت الحادث الذي أسفر حتى مساء اليوم الأحد عن 40 قتيلا، كانت الجولة الثالثة من المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة قد اختتمت في سلطنة عمان، مع حديث إيراني عن خلافات مع واشنطن في القضايا الرئيسية والتفاصيل، حسب تصريحات لوزير الخارجية عراقجي أمس، ما أثار مزيدًا من التساؤلات حول إمكانية أن يكون الانفجار في ميناء رجائي مدبرًا بهدف التأثير على هذه المحادثات.

الباحث مصطفى نجفي، المعروف بقربه من قيادات رفيعة في النظام الإيراني، مثل الجنرال محسن رضائي، أشار إلى أن انفجار ميناء “الشهيد رجائي” في إيران جاء في التوقيت نفسه للتفجير الذي استهدف قائدًا عسكريًّا روسيًّا بالقرب من موسكو.

وقال نجفي، عبر قناته على منصة “تليغرام”، إنه من الممكن أن يكون هذا التزامن بين الانفجارات في روسيا وإيران مرتبطًا بزيارة المبعوث الأميركي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، إلى كل من موسكو ومسقط، ما يعزز فرضية وجود أطراف ترغب في إفساد المحادثات بين الأطراف المعنية.

فرضيات التخريب

وفي سياق تحليل الأوساط الإيرانية، تشير بعض الدراسات إلى أن هذا الانفجار قد يكون محاولة لإرسال رسالة إلى الطرفين المعنيين بالمفاوضات، سواء كان ذلك من أطراف داخلية أو خارجية. وإذا كان هذا الحادث ناجمًا عن تخريب، فإن الهدف المحتمل من ورائه هو الضغط على إيران في المفاوضات النووية، عبر محاولة إظهار ضعف طهران في تأمين أهم منشآتها الحيوية.

بينما يشير البعض الآخر إلى أن التفجير قد يكون محاولة لعرقلة تقدم المفاوضات بشكل عام وليس فشلها، إذ يمكن أن يكون الهدف هو إظهار أن هناك أطرافًا أخرى تراقب عن كثب سير هذه المفاوضات، ويجب أن تؤخذ مصالحها بعين الاعتبار.

مكانة إيران في المفاوضات

الباحث صلاح الدين خديو، في تحليله للوضع، أشار إلى أن انفجار ميناء “الشهيد رجائي” يمكن أن يكون له تأثير سلبي كبير على مكانة إيران في المفاوضات النووية. وإذا كانت إيران تحت ضغط اقتصادي أميركي، فإن هذا الحادث قد يعزز الموقف الأميركي في المفاوضات، ويُعرقل قدرة إيران على تقديم تنازلات.

ووفقًا لخديو، فإن وجود هكذا حادث في هذا التوقيت يعكس تدهورًا أمنيًّا في إيران قد يؤثر على مصداقية طهران في أعين المجتمع الدولي، مما قد يضعف موقفها في التفاوض مع واشنطن.

من جهته، يبرز الناشط السياسي أحمد زيد آبادي فرضية أن الانفجار قد يكون نتيجة لعمليات تخريبية قامت بها إسرائيل أو جماعات إرهابية محلية، مضيفا في مقال له نشر في صحيفة “اقتصاد بويا” أن “تزامن الحادث مع المفاوضات النووية هو تزامن غير مألوف قد يكون مدبرًا”.

واستشهد بذلك بما أشار إليه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مقابلة مع مجلة “تايم” مؤخرًا، حيث قال إن “نتنياهو لن يجرني إلى حرب قد يخوضها مع إيران”، موضحًا أن هذا التصريح قد يكون دلالة على أن إسرائيل ربما تُشجع على القيام بعمليات تخريبية دون أن يكون هناك تدخل مباشر من القوات العسكرية.

الجوانب الاقتصادية والسياسية

في الوقت الذي تشير فيه بعض الأوساط إلى تورط أطراف خارجية، هناك من يذهب إلى أن الحادث قد يكون مدبرًا من قبل أطراف داخلية في إيران، فالباحث محسن زينلي بور يرى أن الحادث يمكن أن يكون خطوة من قبل جماعات داخلية مستفيدة من الوضع الراهن، خاصة تلك التي تتضرر مصالحها الاقتصادية إذا تم التوصل إلى اتفاق نووي يخفف من العقوبات الأميركية المفروضة على إيران.

وذكر زينلي، في تحليله، أن وقف العمل مؤقتًا في ميناء “الشهيد رجائي” سيتسبب في عرقلة واردات السلع الأساسية، مما قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار في السوق المحلية، وهو ما سيعود بالفائدة على بعض الجهات التي تستفيد من الأوضاع الاقتصادية المتدهورة.

وفيما يتعلق بالتقارير الغربية التي ربطت الحادث بتعامل غير صحيح مع شحنة من الوقود الصلب المخصص للصواريخ، نفى المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني إبراهيم رضائي هذه التقارير بشكل قاطع.

وأكد رضائي، في منشور له على منصة “إكس”، أن الحادث لا علاقة له بأنشطة الدفاع الإيراني، مشيرًا إلى أن التحقيقات ما زالت جارية لفهم السبب الحقيقي وراء الحادث.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الجزيرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

10 + 10 =

زر الذهاب إلى الأعلى