من الصحافة الإيرانية: ما وراء تعليق المفاوضات؟

يرى محللون، بعد تقييم دقيق للتطورات الداخلية في الولايات المتحدة، أن سبب تأجيل المفاوضات يعود إلى الضغوط الهائلة التي يمارسها دعاة الحرب والمحافظون الجدد داخل الإدارة الأمريكية ضد ترامب.

ميدل ايست نيوز: تصدر خبر “تعليق المفاوضات” بين إيران والولايات المتحدة عناوين الصحف ووسائل الإعلام العالمية والإيرانية، حيث جاء الخبر بعد التصعيد الحاد في الخطاب الدبلوماسي العلني من قبل المسؤولين الأمريكيين وفرض عقوبات إضافية على إيران، إلى جانب بعض المواقف غير البنّاءة، ليُمنح الجانبان وقتاً كافياً لتقييم وتحليل مواقف بعضهما البعض. لكن ما هو السبب الحقيقي لتعليق هذه المفاوضات؟

يرى محللون، بعد تقييم دقيق للتطورات الداخلية في الولايات المتحدة، أن السبب يعود إلى الضغوط الهائلة التي يمارسها دعاة الحرب والمحافظون الجدد داخل الإدارة الأمريكية ضد ترامب، مشيرين إلى أن الرئيس الأمريكي يواجه هذه الضغوط داخلياً، ويستدلون على ذلك بمقابلة حديثة لنجله دونالد جونيور، وكذلك تصريحات وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، والتي اعتبرها بعض المحللين موجهة ضد هذه القوى المتشددة.

ويرى حشمت‌ الله فلاحت‌ بيشه، المحلل السياسي والنائب السابق في البرلمان الإيراني، في حديث لصحيفة اعتماد، أن تعليق المفاوضات مؤقت، وأن الولايات المتحدة وإيران ستعودان قريباً إلى طاولة التفاوض والتوصل إلى اتفاق.

يضيف: “هناك ثلاثة أسباب رئيسية لتعليق المفاوضات. أولها، التحديات الداخلية التي تواجه الحكومة الأمريكية، والتي أدت أيضاً إلى إقالة مايك والتز من منصبه كمستشار الأمن القومي. يسعى ترامب إلى تسوية ثلاث أزمات عالمية رئيسية – أزمة غزة، أزمة روسيا-أوكرانيا، والملف النووي الإيراني – ضمن دائرة ضيقة من مستشاريه، لأنه يريد أن يُقدَّم كرئيس “يُنهي الأزمات”. كذلك يرى ترامب أن أي منافع اقتصادية ينبغي أن تعود لأمريكا.”

وأوضح المحلل السياسي الإيراني: “أعتقد أن توقيع الولايات المتحدة على اتفاقية “صندوق التعاون مع أوكرانيا” أدى إلى تقليص اهتمامها بملف إيران مؤقتاً، ولم تسعَ واشنطن إلى حله بسرعة، بل اشترت وقتاً لترتيب البيت الداخلي. أرى أن وِيتكوف سيعود قريباً إلى طاولة المفاوضات، لكن هذه المرة ضمن دائرة أضيق.”

وأشار فلاحت‌ بيشه إلى أن تصريحات وزير الخارجية روبيو، ووزير الدفاع الأمريكي مؤخراً، تعكس مسعى لإفشال تشكيل جبهة معارضة للتفاوض مع إيران من قبل المحافظين الجدد. وقال إن السبب الأول لتجميد المفاوضات هو الفوضى داخل الإدارة الأمريكية بعد خروج والتز.

أما السبب الثاني، حسب هذا المحلل، فهو متعلق بمواقف إيران، حيث اعتمدت أمريكا خلال الأيام الأخيرة خطاباً تصعيدياً ضد طهران في الساحة الدبلوماسية العلنية، تمثل في فرض عقوبات إضافية وتهديدات جديدة، مما دفع إيران إلى الشعور بعدم الاتساق في مواقف واشنطن، التي باتت تتغير يومياً، ما جعل الجانب الإيراني أكثر حذراً.

وأكمل: أما السبب الثالث، فيتعلق بدور الوسطاء. كنت قد ذكرت منذ أول سبت في المفاوضات لصحيفة «اعتماد» أن الوسطاء يهددون مسار الحوار. فالدول الأوروبية بصفتها وسيطاً، وإسرائيل بصفتها طرفاً ثالثاً، تحاولان تحقيق مصالح خاصة في هذه المفاوضات. وأعتقد أن هذا أيضاً ساهم في تعثرها مؤقتاً.”

وحول آفاق استئناف الحوار، قال فلاحت‌ بيشه: “أعتقد أن الأمريكيين سيعودون قريباً إلى طاولة التفاوض، لكنهم في الساحة العلنية قد يتخذون مواقف أكثر تشدداً لتفادي اتهامهم بالتراجع أمام إيران داخلياً. أما في إيران، فثمة نوع من التردد في انتظار العودة إلى المفاوضات. في هذا السياق، تلعب سلطنة عمان دوراً مهماً. ويبقى أن نرى مدى قدرتها على تقريب وجهات النظر وتحديد موعد جديد للمحادثات. لكن بشكل عام، استمرار المفاوضات والتوصل إلى اتفاق ضمن إطار مطالب الطرفين – أي بناء الثقة في البرنامج النووي من جهة، ورفع العقوبات الاقتصادية من جهة أخرى – يظل أمراً مرجحاً.”

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

4 × خمسة =

زر الذهاب إلى الأعلى