من الصحافة الإيرانية: تعزيز موقع طهران في المعادلات الخليجية الأمريكية

يرى محللون أن ترامب يُظهر تفضيلًا واضحًا للمصالح الاقتصادية والعسكرية المشتركة مع السعودية على حساب الشراكة التقليدية مع تل أبيب.

ميدل ايست نيوز: يبدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اليوم الاثنين جولة إقليمية تشمل السعودية وقطر والإمارات، في أول زيارة خارجية له منذ بدء ولايته الثانية، وذلك وسط تطورات دبلوماسية حساسة في المنطقة، تمتد من الصراع في غزة إلى المفاوضات النووية مع إيران.

وتشكل الزيارة نقطة تحول في إعادة صياغة العلاقات الأمريكية-العربية، إذ تشير إلى تحول استراتيجي في أولويات واشنطن الإقليمية بعيدًا عن إسرائيل، لصالح تعزيز الشراكة مع السعودية.

وعلى خلاف رؤساء الولايات المتحدة السابقين الذين جعلوا من إسرائيل محورًا لسياساتهم الشرق أوسطية، تبدو رؤية ترامب مرتكزة على تقوية التحالف مع الرياض، وهو توجّه قد يصب، بصورة غير مباشرة، في مصلحة طهران.

وقد ساهم تحسن العلاقات بين إيران والسعودية، منذ اتفاق مارس 2023 برعاية صينية، إلى جانب تنشيط الدبلوماسية الإيرانية في مسقط وتعاون طهران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في تعزيز مكانة إيران الإقليمية باعتبارها فاعلًا رئيسيًا يصعب تجاهله.

الرياض في صدارة أولويات ترامب الإقليمية

يركز ترامب في رؤيته للشرق الأوسط على السعودية كشريك استراتيجي محوري. وتأتي القمة الخماسية في الرياض، التي يشارك فيها ترامب، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، وقائد الجيش اللبناني جوزيف عون، والرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع، كمبادرة من بن سلمان، بحسب صحيفة القدس العربي، لتؤكد دور السعودية القيادي في صياغة الحوارات الإقليمية.

ويُتوقع أن تركز القمة على دعم إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وهو ما يشكل إنجازًا استراتيجيًا للرياض، ويأتي على خلاف الموقف الإسرائيلي الرافض لحل الدولتين.

ويرى محللون أن ترامب يُظهر تفضيلًا واضحًا للمصالح الاقتصادية والعسكرية المشتركة مع السعودية على حساب الشراكة التقليدية مع تل أبيب.

وبحسب المعلق الإسرائيلي زفي بارئيل في صحيفة هآرتس، فإن هذا التوجه الجديد يجعل من إسرائيل “مشاهدًا هامشيًا” في ترتيبات المنطقة.

ترامب بدوره يسعى إلى تحقيق مكاسب خارجية تعزز موقعه السياسي داخليًا، وتركز إدارته المحتملة على عقد اتفاقيات استثمارية وتسليحية ضخمة مع دول الخليج، ولا سيما السعودية.

وبحسب موقع أكسيوس، فإن الإدارة الأمريكية ترى في التعاون الاقتصادي مع دول الخليج أولوية ملحّة، خصوصًا في ظل العقود الدفاعية التي تضمن منافع اقتصادية لواشنطن، وتُرسّخ التزامها طويل الأمد تجاه الرياض، حتى ولو جاء ذلك على حساب التفوق العسكري الإسرائيلي.

كما تدفع الرياض نحو برنامج نووي مدني يتضمن تخصيبًا محليًا لليورانيوم، ما يعزز من مركزيتها في الاستراتيجية الأمريكية الجديدة، في حين تشعر تل أبيب بالتهميش والقلق.

ويدعم محمد بن سلمان أيضًا الحوار الجاري بين واشنطن وطهران بشأن الملف النووي، ما يمنح إيران فرصة استثمار الانقسامات الخليجية الأمريكية لتعزيز موقعها الإقليمي والدولي.

تل أبيب على هامش الحسابات العربية – الغربية

مع تصاعد العدوان الإسرائيلي على غزة، وتوقف مسار التطبيع مع السعودية، باتت إسرائيل تعاني عزلة متزايدة ضمن المعادلات العربية – الغربية.

وذكرت صحيفة لوفيغارو الفرنسية أن تطبيع العلاقات مع إسرائيل لم يعد يحظى بتأييد شعبي في المملكة، في ظل رفض الرأي العام السعودي للسياسات الإسرائيلية في غزة.

ومن المؤشرات الأخرى على تراجع الدعم الأمريكي المطلق لتل أبيب، إدراج ترامب لقطر في جدول جولته، رغم اعتراض إسرائيل على دور الدوحة الوسيط في مفاوضات غزة.

وقد أبدى مسؤولون إسرائيليون قلقهم من دعم ترامب “الشكلي” لمواقف إسرائيل ضد إيران، مشيرين إلى أن هذا الدعم يفتقر إلى أي التزام عملي.

وفي هذا السياق، نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية أن قيادات في الجيش الإسرائيلي وجهاز الشاباك والموساد، أبدوا مخاوفهم من أن تسفر الصفقة الأمنية المحتملة بين واشنطن والخليج، إلى جانب مفاوضات الاتفاق النووي، عن إضعاف الموقف الإسرائيلي.

براعة طهران في استغلال الثغرات الإقليمية

من جانبها، تواصل إيران تعزيز موقعها في المعادلة الإقليمية، مدفوعة بتحسن العلاقات مع السعودية بعد اتفاق مارس 2023، وزيارات متبادلة رفيعة المستوى، منها زيارة وزير الدفاع السعودي، خالد بن سلمان، إلى طهران ولقائه مع المرشد الأعلى، وزيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى الرياض مؤخرًا، والتي تركزت على التعاون الاقتصادي والأمني.

وتتزامن هذه التحركات مع جولة ترامب، والمفاوضات غير المباشرة بين طهران وواشنطن في عمان، ما يمنح طهران هامشًا دبلوماسيًا واسعًا في مواجهة الضغوط الإسرائيلية الداعية إلى التصعيد العسكري. حيث ساهمت هذه الدبلوماسية النشطة، التي شملت تعاونًا ثلاثيًا بين إيران والسعودية وسلطنة عمان، في ترسيخ صورة إيران كطرف لا يمكن تجاهله في ملفات المنطقة.

وتشير مصادر إلى أن دعم محمد بن سلمان للمحادثات النووية بين إيران وأمريكا يعزز قدرة طهران على استخدام الشراكة مع الرياض كورقة تفاوضية في مواجهة الضغوط الغربية.

وفي الوقت الذي تضغط فيه إسرائيل من خلال تحذيرات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من “منشآت نووية سرية” في إيران، لم تجد هذه المزاعم صدى إقليميًا يُذكر، ما يعكس محدودية تأثير تل أبيب في المعادلة الجديدة.

 

مهدي بازركان
صحفي إيراني

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
بواسطة
ميدل ايست نيوز
المصدر
صحيفة شرق الإيرانية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

سبعة عشر + 17 =

زر الذهاب إلى الأعلى