من الصحافة الإيرانية: هل تبادر القوى الوطنية الإيرانية لتقديم حل لإنهاء الحرب؟

تواصل إيران قصفها الصاروخي لأهداف إسرائيلية، لكنها لم تطرح حتى الآن أي مبادرة أو مقترح لحلّ الأزمة أو احتوائها.

ميدل ايست نيوز: بعد مرور عشرة أيام على بدء العدوان العسكري الإسرائيلي، انضمت الولايات المتحدة رسمياً إلى إسرائيل وشاركت في قصف أجزاء من المنشآت النووية الإيرانية في فوردو ونطنز وأصفهان. وكانت إسرائيل قد أعلنت منذ البداية أن هدف عدوانها هو تدمير المنشآت النووية الإيرانية ومنع طهران من امتلاك قنبلة نووية.

غير أن عشرة أيام من القصف المتواصل والهجمات غير المسبوقة على المراكز العسكرية الإيرانية أظهرت أن الضربات الإسرائيلية ضد المنشآت تحت الأرض في نطنز وفوردو لم تكن فعالة بالقدر المرجو، مما دفع الجيش الأمريكي إلى التدخل المباشر في استهداف هذه المنشآت. وقد جاءت الغارات الأمريكية على فوردو بعد أن كان دونالد ترامب قد خدع الأطراف المختلفة، عبر التظاهر بمنح فرصة للمسار الدبلوماسي. بل إن التصريحات خلال اليومين الماضيين أشارت إلى أن ترامب سيتخذ قراره بشأن الدخول المباشر في الحرب مع إيران خلال أسبوعين، لكن لم تمر سوى 48 ساعة حتى استهدفت الولايات المتحدة فوردو، في خطوة كشفت استخدام الخداع كأداة لتمرير السياسات الأمريكية في ظلّ حالة التوتر الناتجة عن الهجمات الإسرائيلية، من دون أن يكون هناك أي قدرة دولية على مساءلة الطرف الأمريكي أو الإسرائيلي.

وقد تمّ هذا الانخراط الأمريكي في الهجوم على إيران، واستهداف فوردو ومنشآت نووية أخرى، في ظل غياب أي إدانة رسمية من الجهات الدولية مثل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والأمين العام للأمم المتحدة، ومجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والاتحاد الأوروبي، وكذلك من الدول الأوروبية مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا. وبمعنى آخر، لا يبدو أن ثمّة عائقاً قانونياً أو فعالاً حالياً للحدّ من التحركات العدوانية الأمريكية والإسرائيلية. والأسوأ من ذلك أن أي مبادرة فعلية لاحتواء الأزمة لم تُطرح حتى الآن؛ لا من الدول الغربية والولايات المتحدة، ولا من دول المنطقة، ولا من روسيا أو الصين.

في المقابل، تواصل إيران قصفها الصاروخي لأهداف إسرائيلية، لكنها لم تطرح حتى الآن أي مبادرة أو مقترح لحلّ الأزمة أو احتوائها. ومع استمرار هذا الفراغ السياسي والدبلوماسي، يلوح خطر اتساع رقعة النزاع وتحوله إلى أزمة خارجة عن السيطرة. وبعد الغارات الأمريكية صباح الأحد على فوردو وعدد من المنشآت الإيرانية الأخرى، تعالت أصوات داخل إيران تطالب بردٍّ سريع وحاسم، بل وبدعوات لإغلاق مضيق هرمز. إلا أن هذه الأطراف لم تقدّم تصوراً واضحاً بشأن الخطوات التالية ولا بشأن مآلات التصعيد المحتمل.

ومن جهة أخرى، لم تصدر عن الحكومة الإيرانية أو التيارات الإصلاحية أي خطة أو مبادرة لاحتواء الأزمة. وتجدر الإشارة إلى أن التيارات الإصلاحية كانت خلال الحملة الانتخابية الرئاسية قد طرحت مقولة مفادها أن فوز سعيد جليلي سيؤدي إلى الحرب، وقد استُخدمت هذه المقولة لاستمالة الرأي العام لصالح المرشح مسعود بزشكيان. إلا أن هذه الورقة لم تعد موضع بحث، خصوصاً في ظلّ دخول البلاد فعلياً في أجواء حرب وعدوان مشترك من إسرائيل والولايات المتحدة.

وفي ظلّ هذه التطورات، يُنتظر من التيار الإصلاحي، الذي لطالما تبنى خيار التهدئة وخفض التصعيد، أن يطرح رؤية واضحة للخروج من الأزمة بأقل الخسائر، وإعادة السلام والاستقرار إلى البلاد. فهل صاغ هذا التيار خطة واضحة؟ أم أنه، كما بعض خصومه السياسيين، يرى أن التصعيد العسكري وربما حتى اختبار قنبلة نووية قد يكون وسيلة لحماية مصالح إيران؟

ورغم صمت المنظمات الدولية وتواطؤ بعضها، ورغم إصرار بعض الدول والجماعات على أن الحرب والتصعيد هما الطريق الوحيد للخروج من الأزمة، يبقى من الضروري أن تبادر التيارات الإصلاحية والقوى الوطنية الأخرى في إيران إلى تقديم مبادرة واقعية تراعي المصلحة الوطنية وتُخرج البلاد من هذا المنعطف التاريخي الخطير. إن الصمت في ظل تصاعد التوتر واتساع نطاق الحرب قد يجرّ المنطقة إلى عواقب وخيمة.

لا ينبغي أن ننسى أن الرد على العدوان لا يقتصر دائماً على الحرب، وأن الحلول المبتكرة والسلمية والعادلة، المبنية على المصلحة الوطنية ومتطلبات المرحلة، قد تكون أكثر واقعية وفعالية. ويجب على الجهات الدبلوماسية الإيرانية أن تكون مستعدة لطرح مثل هذه المبادرات، بالتعاون مع القوى الفكرية داخل البلاد وبدعم من الدول الصديقة أو القوى العالمية الراغبة في منع انزلاق المنطقة نحو حرب مفتوحة.

 

إحسان هوشمند
صحفي إيراني

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
بواسطة
ميدل ايست نيوز
المصدر
صحيفة شرق الإيرانية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

سبعة + أربعة =

زر الذهاب إلى الأعلى