سوق العقارات في طهران يحطم أرقام تاريخية وينخفض لمستويات قياسية

أدت اثنا عشر يومًا من القصف الجوي على العاصمة الإيرانية إلى حدث تاريخي في سوق العقارات بطهران، وهو تطور لم يشهد له السوق مثيلًا منذ أكثر من عقد.

ميدل ايست نيوز: أدت اثنا عشر يومًا من القصف الجوي على العاصمة الإيرانية إلى حدث تاريخي في سوق العقارات بطهران، وهو تطور لم يشهد له السوق مثيلًا منذ أكثر من عقد.

وبحسب وسائل إعلام محلية، سجّلت أسعار الشقق في طهران تراجعًا لأول مرة منذ نحو عشر سنوات، حيث انخفض متوسط السعر من 102 مليون تومان للمتر المربع إلى مستوى أسعار فبراير 2025، مسجلًا تراجعًا بأكثر من 8.5% ليصل إلى 93.3 مليون تومان.

ووفق تقارير إعلامية اقتصادية في إيران، فقد حصل هذا الهبوط السعري قبل الإعلان عن وقف إطلاق النار، ويُعد ظاهرة نادرة بالنظر إلى الاتجاه التصاعدي المستمر للسوق خلال العقد الأخير. وكان آخر تراجع مشابه في أبريل 2013، حين انخفضت الأسعار بنسبة 10% مقارنة بشهر مارس الماضي، ما يجعل الانخفاض الأخير ثاني أكبر تراجع معنوي خلال السنوات العشر الماضية.

ورغم هذا الهبوط، فإن متوسط سعر الشقق في المناطق الـ22 الإدارية للعاصمة الإيرانية لا يزال أعلى بنسبة 7% مقارنة بشهر يوليو من العام الماضي. كما أشار تقرير صادر عن مركز الإحصاء إلى أن معدل التضخم السنوي لقطاع الإسكان في يونيو بلغ 36.8%، وهو رقم يعكس بشكل رئيسي أسعار ما قبل الأحداث الأخيرة نظرًا لتغطيته الشهر الكامل.

وبحسب البيانات، بلغ متوسط سعر المتر المربع في طهران في يوليو 2024 نحو 87 مليون تومان، وارتفع تدريجيًا حتى وصل إلى 102 مليون تومان قبل بدء الهجمات. إلا أن الأسعار عادت خلال عشرة أيام إلى 93 مليون تومان، ما يكشف بوضوح عمق الفجوة بين معدل النمو السنوي البالغ 7% ونسبة التضخم التي تجاوزت 36.8%.

هذا التراجع حدث في ظرف شديد الحساسية، حيث كانت العاصمة طهران تواجه تهديدًا فعليًا بالحرب. ومع ذلك، عادت الأسعار إلى مستويات الشتاء الماضي، وهو ما يشير إلى أن سوق العقارات، حتى في ظل الانخفاضات، لا يزال يُعد ملاذًا آمنًا للاستثمار على المدى المتوسط والطويل.

القلق من استمرار الحرب؛ عامل في زيادة المعروض

يرى خبراء في سوق العقارات أن ما حدث خلال الأسبوعين الماضيين يعود إلى حالة من الهلع والخوف من استمرار الحرب والتدمير المحتمل في طهران. وقد تجلى ذلك في تزايد عدد الإعلانات العقارية، خصوصًا في المناطق القريبة من المنشآت العسكرية، التي كانت أكثر عرضة للهجمات.

وفي هذا السياق، تم تحديد عاملين أساسيين لمستقبل السوق. الأول، هو تقييم وضع السوق خلال الأسابيع القادمة في حال استمر وقف إطلاق النار، حيث لا تزال شريحة كبيرة من المواطنين تشكك في استمراريته. هذا الشك دفع بعض من غادروا العاصمة إلى مدن أخرى إلى التريث في العودة، ما أدى إلى لجوء بعض المالكين إلى بيع ممتلكاتهم بشكل عاجل، وأحيانًا بأسعار أقل من السوق.

العامل الثاني هو احتمال استمرار تراجع الأسعار، ما يدفع بعدد أكبر من المشترين المحتملين إلى التراجع، في مقابل تزايد عدد البائعين، ما يُدخل السوق في ركود أعمق من السابق. إلى جانب ذلك، يمكن لعامل آخر أن يؤثر إيجابًا في السوق إذا تلاشت الأجواء المتوترة، ويتمثل ذلك في احتمال استئناف المفاوضات الرسمية بين إيران والولايات المتحدة، وما قد يصاحب ذلك من تفاؤل بإمكانية استمرار التهدئة.

ولا ينبغي إغفال أن التجربة التاريخية لسوق العقارات في إيران تُظهر أن أنماط الهلع غالبًا ما تكون قصيرة الأمد. فموجة التراجع السعري قد تنحسر بالسرعة ذاتها التي بدأت بها، في حال تراجع البائعون عن قراراتهم وانخفضت عروض البيع.

بصورة عامة، يمر سوق العقارات في طهران خلال الأسابيع الأخيرة بحالة من التوتر وإعادة التقييم، وهو ما يظهر في التذبذب بين التراجع السعري، وإمكانية عودة الهدوء في حال استقرار الأوضاع السياسية، وظهور فرص محتملة أمام المشترين الذين يملكون السيولة الكافية. ويبدو أن السوق سيظل في حالة ترقب وتريث حتى تتضح مآلات وقف إطلاق النار والمفاوضات المحتملة.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

واحد × أربعة =

زر الذهاب إلى الأعلى