مصير البرنامج النووي الإيراني

بعد العدوان الإسرائيلي الأميركي الأخير على إيران في يونيو/حزيران الماضي، لا تزال المعلومات الموثوقة حول حجم الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية الإيرانية غير متوفرة حتى الآن.

ميدل ايست نيوز: بعد العدوان الإسرائيلي الأميركي الأخير على إيران في يونيو/حزيران الماضي، لا تزال المعلومات الموثوقة حول حجم الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية الإيرانية غير متوفرة حتى الآن. إيران من جانبها، وصفت حجم الأضرار بأنه “كبير وجدّي”، مع أن المعتاد في مثل هذه الحالات هو الامتناع عن الإعلان عن حجم الخسائر الواسعة؛ إلا أنه يبدو أن التصريح بذلك يتجاوز مجرد الكشف عن نتائج الهجمات، وقد ينطوي على أهداف أخرى.

من جهته، زعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن منشآت وبرنامج إيران النووي قد تم تدميرهما بشكل كامل. مع ذلك، وبحسب التقييم الأولي لوكالة استخبارات الدفاع الأميركية (DIA)، الذراع الاستخباراتية للبنتاغون، فإن الضربات العسكرية الأميركية على ثلاث منشآت نووية إيرانية (نطنز، فوردو، وأصفهان) لم تنجح في تدمير الأجزاء الرئيسية من البرنامج النووي الإيراني، ويُرجح أنها أدت فقط إلى تأخير نشاطها لبضعة أشهر. وهذا يعني أن استئناف الأنشطة النووية الإيرانية يحتاج فقط إلى عدة أشهر.

لكن ما سيختلف بعد الهجمات وهو المرجح، أن تتم هذه الأنشطة النووية، في حالة من الغموض، وقد يكون تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية مقدمة لذلك. وهنا يمكن القول إن قصف المنشآت النووية “كان خطأ كبيراً” على الأغلب سيأتي بنتائج عكسية مع مرور الوقت، لأنه أولاً لم يدمر البرنامج النووي، وثانياً، أدخله أيضاً في مرحلة غموض وأخرجه تماماً من دائرة الرقابة الدولية، ما يمنح طهران ورقة ضغط في المفاوضات المقبلة تزداد أهمية بعد استئناف الأنشطة النووية. وفي الوقت ذاته، يُرجَح أن تتخذ إيران إجراءات غير مسبوقة بعد تقييم الأبعاد الفنية للهجمات، وتأثيراتها وأضرارها، خصوصاً في المنشآت تحت الأرض، وأن تعزز الإجراءات الوقائية وتنقل منشآتها إلى أعماق أكبر تحت الأرض.

وعليه، إذا كان هدف ترامب هو منع إيران من الحصول على السلاح النووي، فإنّ تحقيقه أسهل بكثير تحت الرقابة الدولية والوصول المفتوح للمنشآت النووية الإيرانية. أما دخول البرنامج النووي الإيراني في مرحلة الغموض بعد الهجمات الأخيرة، خصوصاً في منشآت أكثر تحصيناً بعمق أكبر تحت الأرض، فإنه يجعل الطريق أمام إيران نحو تصنيع السلاح النووي أسهل. أما القرار الذي ستتخذه إيران في هذا الشأن، فتلك مسألة أخرى.

في مثل هذا الوضع، هناك طريقان أمام إيران والولايات المتحدة والغرب: إما السعي لاتفاق مُرضٍ للطرفين خلال الأشهر المقبلة يعيد البرنامج النووي للرقابة الدولية مع استئناف التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أو أن يسلك كل طرف طريقه دون اتفاق؛ فتستأنف إيران الأنشطة النووية وتوسعها في غموض، بينما يصعّد الطرف المقابل الصراع أمنياً وسياسياً واقتصادياً ويفعّل آلية الزناد (لإعادة تفعيل العقوبات والقرارات الدولية) حتى 18 أكتوبر/تشرين الأول، مما يُدخل التوتر مرحلة جديدة.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

8 − 2 =

زر الذهاب إلى الأعلى