أحداث السويداء السورية تفتح باب الحذر العراقي مجددا

صعّدت الأحداث الأخيرة في سوريا، من مستوى التحذيرات الأمنية على العراق الذي يمتلك حدودا واسعة مع الجارة العربية، حيث من شأن ذلك إنعاش “الجماعات المتطرفة”.

ميدل ايست نيوز: صعّدت الأحداث الأخيرة في سوريا، من مستوى التحذيرات الأمنية على العراق الذي يمتلك حدودا واسعة مع الجارة العربية، حيث من شأن ذلك إنعاش “الجماعات المتطرفة”، وعلى رأسها تنظيم داعش، كما رأى مراقبون أمنيون، شددوا أيضا على ضرورة مراقبة الحدود تقنيا وعسكريا، مشيرين إلى أن معارك السويداء تجري بين دول وقوى طامحة، أبرزها إسرائيل التي تحاول تنفيذ مشروعها “الإبراهيمي”.

وعاشت محافظة السويداء، الواقعة في جنوب سوريا، على صفيح ساخن، بعد أحداث دامية شهدتها في الأيام الماضية واشتباكات بين مكوناتها المحلية والقوات الأمنية، ولم تكن هذه الأحداث بمعزل عن التحولات العميقة التي يشهدها المشهد السوري كله، إذ ألقت بظلالها على مستقبل التعايش والسلم الأهلي في منطقة غنية بتنوعها الثقافي والاجتماعي والديني.

ويقول الباحث في الشأن السياسي والأمني حسن العامري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “ما جرى في سوريا من توتر متصاعد، لا سيما في الجنوب ومناطق التماس في الشمال، يحمل بالفعل مؤشرات خطيرة على احتمال انزلاق البلاد نحو حرب أهلية جديدة، وربما أكثر تعقيدا من السابق بسبب الانقسام الطائفي والعرقي المتراكم”.

ويوضح العامري، أن “تراجع دور الدولة المركزية، سيؤدي لعودة النشاط المكثف للجماعات المسلحة، وخاصة خلايا داعش، ومن هذا المنطلق، فإن العراق معنيّ بهذا الملف استراتيجيا وأمنيا”، مشيرا إلى أن “من الضروري مراقبة الحدود المشتركة الطويلة والرخوة مع سوريا (أكثر من 600 كلم)، والتي كانت في السنوات الماضية منفذا لاختراق الجماعات الإرهابية”.

ويشدد الخبير الأمني على ضرورة “مراقبة البيئة الاجتماعية المتشابهة في بعض المناطق الحدودية، كالموصل والأنبار ودير الزور والحسكة، والتي قد تُستغل للتجنيد أو التسلل”، داعيا إلى “التحرك ضمن استراتيجية متكاملة تشمل خمسة محاور، منها المحور الأمني، الذي يشمل تعزيز التحصين الحدودي، ونصب منظومات مراقبة حرارية وطائرات مسيرة، وزيادة انتشار قوات حرس الحدود والفرقة 20 وقيادة عمليات الجزيرة”.

ويجد أن على القوات الزمنية “تنفيذ ضربات استباقية دقيقة بالتعاون مع التحالف الدولي والاستخبارات الجوية العراقية، وتنشيط الجهد الاستخباري بالتنسيق مع العشائر المتعاونة غرب العراق”، متابعا أنه “في ما يخص المحور السياسي والدبلوماسي، فيجب تفعيل الحوار الإقليمي مع كل من سوريا، إيران، الأردن، وتركيا لتجنب تحول سوريا إلى ساحة صراع إقليمي جديد، ودعم جهود الحل السياسي في سوريا لتجنيب المنطقة حربا أهلية جديدة تنعكس على الجميع”.

وفي المحور المجتمعي والإعلامي، يرى “ضرورة رفع الوعي المجتمعي في المحافظات الغربية، ودعم برامج المصالحة الوطنية في المناطق المحررة داخل العراق، خصوصا مع مخاطر عودة الإرهاب، لمنع الاستقطاب الطائفي الذي قد تعززه الأزمة السورية”.

وفي ما يخص المحور الاقتصادي واللوجستي فالأفضل، كما يشير “تأمين الطرق الدولية الرابطة مع سوريا، خصوصا معبر القائم- البوكمال، لما له من أهمية اقتصادية وأمنية، وفي المحور الاستخباري الإقليمي، فيجب إنشاء غرفة تنسيق أمنية مشتركة بين العراق وسوريا وإيران وتركيا وروسيا، على غرار غرفة بغداد الرباعية لمتابعة تحركات داعش والجماعات المتطرفة في سوريا”.

وأسفرت المواجهات الدامية بين الدروز والبدو في السويداء السورية عن تدخل عسكري واسع للقوات الحكومية، وسط تقارير عن انتهاكات ومطالب بحل الفصائل المحلية، بينما صعدت إسرائيل تحذيراتها وتدخلت بالقصف على دمشق ومناطق أخرى مع تفاقم التوتر بجنوب سوريا.

من جانب آخر، يؤكد رئيس مركز الرفد للدراسات والتحليلات عباس الجبوري، خلال حديثه لـ”العالم الجديد”، أن “الوضع في سوريا ما يزال غامضا، ورغم التواصل بين الحكومة العراقية والإدارة الجديدة في دمشق، لكن بوادر الحرب الأهلية قد تحدث في أي لحظة”.

ويشير الجبوري، إلى أن “العراق لا يستطيع التدخل بما يجري في سوريا، وفي الوقت نفسه لا يستطيع الوقوف متفرجا، والبلد بالأساس مخترق، والأهم لنا في هذه المرحلة المحافظة على الحدود، وعدم السماح بدخول التنظيمات الإرهابية، واتخاذ أقصى درجات الحذر، ومنع ظهور أي جماعة مسلحة، ومراقبة الأحداث بشكل دقيق”.

ويضيف أن “المعركة داخل سوريا هي بين دول كبرى، صراع بين تركيا وأمريكيا وإسرائيل، وبعض الدول الخليجية، وما يجري حاليا في السويداء والقنيطرة وجبل الشيخ، هو واقع جديد في سوريا، تفرضه إسرائيل بالقوة، وهي تريد التقسيم، والعراق يجب أن ينأى بنفسه عن هذه الحرب، ويحافظ على حدوده فقط”.

وكانت قد عبرت وزارة الخارجية العراقية عن قلقها إزاء ما يجري من أحداث متصاعدة في سوريا، كما أدانت الهجمات الإسرائيلية المتكررة على المدن السورية.

إلى ذلك، يرى الباحث في الشأن السياسي محمد علي الحكيم، أن “ما يجري في سوريا حاليا، هو مقدمة لحرب أهلية ما بين جميع القوى المتناحرة، وهي فرصة، لإنعاش الجماعات المتطرفة، فسوريا كانت ممرا لتدفق السلاح إلى حزب الله، وكانت الحلقة الذهبية لإيران، وخرجت من المعادلة، وما يجري اليوم هو مساع لتغيير الخارطة السياسية في المنطقة، والذهاب بمشروع الإبراهيمية”.

ويوضح الحكيم، أن “وضع العراق حرج جدا، وينبغي على قواه السياسية أن تتكاتف، بسبب المخاوف مما يجري في سوريا، فالهدف بعد سوريا قد يكون العراق، لغرض تحييد حلفاء إيران”.

وكان هذا قبل أن تعلن الرئاسة السورية اليوم السبت، وقفا فوريا وشاملا لإطلاق النار في محافظة السويداء، ذات الأغلبية الدرزية جنوب البلاد بعد أحداث دامية خلفت أكثر من 700 قتيل بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، وحثت الرئاسة في بيانها كافة الأطراف على الالتزام بوقف إطلاق النار وإنهاء الأعمال العدائية في جميع المناطق فورا.

وقال رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع، في كلمة اليوم السبت، إن “الدولة السورية تمكنت من تهدئة الأوضاع رغم صعوبة الوضع لكن التدخل الإسرائيلي دفع البلاد إلى مرحلة خطيرة تهدد استقرارها نتيجة القصف السافر للجنوب ولمؤسسات الحكومة في دمشق، وعلى إثر هذه الأحداث تدخلت الوساطات الأمريكية والعربية بمحاولة للوصول إلى تهدئة الأوضاع”.

ومن جانبها، أصدرت ‎الرئاسة الروحية للمسلمين الموحدين الدروز بيانا، عبر صفحتها على فيسبوك، دعت خلاله إلى وقف الاقتتال. وقالت: “نجدد دعوتنا اليوم للاحتكام إلى إنسانيتنا ونمد يدنا للتعامل مع كل إنسان شريف لإنهاء الاشتباكات الحالية ووقف إطلاق النار والاحتكام لصوت العقل والحكمة والإنسانية، لا للسلاح والفوضى”، بحسب البيان.

بدوره، يشير الخبير في الشأن العسكري اللواء طارق العسل، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إلى أن “ما جرى في سوريا خطير جدا، وهو فرصة ذهبية لإنعاش الجماعات المتطرفة، التي ما تزال تتواجد في الصحراء، ووادي حوران، لذا يجب تفعيل منظومة المراقبة الجوية، ودور الاستخبارات، وتعزيز الوجود على الشريط الحدودي، وعدم الانتظار، لما سيحصل في الأيام المقبلة، وعدم تكرار تجربة عام 2014، حيث كنا نأخذ الأمور بتصريحات وتطمينات، بالاعتماد على تقارير خاطئة، حتى حدث ما حدث”.

ويضيف العسل، أنه “يجب أخذ الأمور على محمل الجد، فإذا تطور الصراع في سوريا، قد نشهد هجمات على السجون التي يتواجد بها عناصر داعش، كما هي فرصة لعناصر التنظيم التي تتواجد في مناطق حمرين، والصحراء المشتركة مع العراق، للظهور مجددا، ودخول الأراضي العراقية بقوة”.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العالم الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

سبعة عشر − عشرة =

زر الذهاب إلى الأعلى